المطالبة بتقارير الأداء أزمة مفتعلة من الوزير{ أهداف جمع البيانات عن الأساتذة مجهولة تحقيق: لبيبة النجار مر علي البلاد عامان من الأوقات العصيبة منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، تعاهد فيها أعضاء هيئة التدريس علي الصبر علي حقوقهم، وأدوا واجبهم في ظل أصعب الظروف، مغلبين مصلحة الوطن علي مصالحهم، وسعوا بكل الطرق الشرعية لتعديل قانون تنظيم الجامعات، وتم الاكتفاء بالتعديلات التي تحل بعضا من المشاكل العاجلة، وتمت الموافقة علي الاعتمادات اللازمة لبدء خطة الإصلاح من وزارة المالية، وبموافقة مجلس الوزراء، لكن حديث وزير التعليم العالي لصحيفة أخبار اليوم بتاريخ السبت 23 فبراير 2013 مهددا أعضاء هيئات التدريس بجامعات مصر بوقف صرف بدل الجامعة إذا لم يقدم أعضاء التدريس تقرير الأداء عن كل فصل دراسي، وأثار هذا التصريح استياء الأساتذة بالجامعات المصرية. وتقول الدكتورة ماجدة شفيق – أستاذ العلوم بجامعة الإسكندرية: إن الأزمة التي تشهدها جامعات مصر بسبب تقرير الأداء لصرف بدل الجامعة، والتي عمد فيها الوزير إلي تصوير الأساتذة في صورة المقصرين الذين يريدون الحصول علي البدل دون أن يؤدوا ما عليهم من واجبات، وأن كتابة التقارير ستظهر تقصير الأساتذة، وتري أن الهدف لهذه الأزمة المفتعلة هي محاولة الوزير شغل أعضاء هيئات التدريس بهذا التقرير حتي لا يطالبوا بتطبيق جدول الرواتب المتفق عليه من الوزارة، وكذلك تجميع قاعدة البيانات الغرض منه استخدام سياسة المنح والمنع لهذا البدل ضد معارضيهم في الجامعات، ويستغل سيادة الوزير منصبه ويهدي بيانات هيئة التدريس للإخوان لاستخدامها. لماذا يهتم الوزير بجمع بيانات الأساتذة وتشير د. ماجدة إلي أن الأساتذة لا تمانع في كتابة التقارير ولكن ما يهمنا أن تكون وفقا لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الذي ينص «علي أنه علي عضو هيئة التدريس كتابة تقرير سنوي واحد يقدمه إلي مجلس القسم»، وكذلك القانون رقم 84 لسنة 2012 والذي لم ينص علي ربط البدل بأي تقارير، بالإضافة إلي أن البدل تم بالفعل إضافته إلي الراتب، أما ما يقوله الوزير من أنه حدث خلط بين المبادئ والآليات في موضوع البدل وأنه لابد من توافر ضوابط لعمليات الصرف تحققها قاعدة البيانات، تؤكد د. ماجدة أن قاعدة البيانات الإلكترونية والتي تتناول البيانات الشخصية والأبحاث والمشروعات والأنشطة التعليمية والمجتمعية وكل عصارة فكر الأستاذ تقوم إلي الأقسام العلمية في الكليات مع إقرار بسريتها ومحظور خروجها من الأقسام، وتتساءل د. ماجدة لماذا يريد الوزير نسخة محدثة له؟ وهل يعقل أن يطلب في تقرير الأداء الرقم القومي وأرقام تليفونات المحمول والمنزل والميل؟ وهل هذا علي أساس أن الوزير سيتصل بكل عضو في الجامعة ليشكره؟ أم أن الوزير يجمع قاعدة بيانات إلكترونية محدثة عن أعضاء التدريس في الجامعات قبل الانتخابات البرلمانية؟ ويسرع الخطي في ذلك ويهددنا بإعادة ما صرفناه من البدل إذا لم نقدم هذه التقارير، ويقول سيادته إنه مستعد للاستقالة إذا لم يتم تسليم التقارير، هل لأنك وعدت مكتب الإرشاد بذلك؟، ولقد أنشأ الوزير منذ أسابيع وحدة بالجامعات لعمل كارنيهات للأساتذة، بأن تعطي للموظف الرقم القومي ويعطيك كارنيه، وهذا يدل علي استخدام الوزير منصبه بمد جماعة الإخوان بقاعدة بيانات لكل الأساتذة، وهل ستخدم هذه البيانات في الانتخابات فقط؟ أم أنها ستخدم لإقصاء الأساتذة المعارضين. ومن يقيم المسئولين؟ وتضيف د. ماجدة أن من الشفافية أن يكون سيادة الوزير وقياداته قدوة لنا بأن يضعوا لنا علي موقع الوزارة تقارير الأداء لهم، وتتساءل.. أين تقارير الأداء لسيادة الوزير حينما كان أستاذا جامعيا ويترك الجامعة بالشهر ليصاحب مرشح الرئاسة وقتها، ويدير مكتبه الاستشاري، وهل اطلع سيادة الوزير علي تقارير الأداء لبعض رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ومستشاري رؤساء الجامعات المنتمين إلي الإخوان والذي يثبت سفرهم أكثر من تواجدهم بالجامعات، وللعلم أسفارهم إما لعضويتهم في التنظيم الدولي أو لإدارة مكاتبهم الاستشارية في البلدان العربية، أو مراكزهم الحقوقية، أو مراكزهم الطبية ويصرفون بدل انتقال من الجامعات، ولماذا لا تحولهم إلي الرقابة الإدارية، أم أنهم لا يكتبون تقرير الأداء لأنهم لا يحتاجون للبدل الهزيل بالنسبة لهم؟! عودة سياسات فاشلة الدكتور مختار نمير – الأستاذ بكلية زراعة الإسكندرية يقول: خرج علينا وزير التعليم العالي مهددا أعضاء هيئات التدريس بوقف صرف بدل الجامعة، إذا لم يقدم الأساتذة تقرير الأداء عن كل فصل دراسي، وهو يذكرنا بنهج الوزير الأسبق هاني هلال الذي كان يتعامل مع الأساتذة بالاستكبار والتعالي وهذا مرفوض، وكنا نتوقع من سيادة الوزير مشروعا لتحسين أحوال هيئة التدريس المادية بجدول زمني محدد، بدلا من التهديد، وكثير من الهيئات الحكومية الأخري تضاعف دخول أعضائها بدون ضجيج أو تهديد، وكان أولي بسيادته أن يحدثنا عن رؤيته المستقبلية في تطوير التعليم الجامعي، ويحدد سياسات وآليات هذا التطوير، أم أنه ليس لديه أي رؤية في أهم وأخطر قضايا المجتمع وهو التعليم، ويقول لنا سيادته إن المخصص لهذا البدل 2 مليار جنيه من «اللحم الحي»، ونحن نتساءل كم هي ميزانية المجلس الأعلي للجامعات؟ وما هي فائدة وجوده؟ وما هو دوره في تطوير التعليم في مصر، وما هي رؤية سيادته لوجود هذا المجلس من عدمه، وكان علي سيادته بعد أن يحدد رؤيته وآليات تطوير التعليم هو أن يكون وزيرا مؤثرا يحصل لوزارته علي ميزانية تعادل ميزانية الأمن المركزي، وفي النهاية أسأل سيادة الوزير قبل أن يصبح وزيرا كم مرة كان يتواجد أسبوعيا في الكلية، وكيف كان يدير أعماله الخاصة، وكم دفع ضرائب للدولة عن أعماله في مكتب الاستشارات الهندسية؟ عزلة الوزير د. ماهر إبراهيم – الأستاذ بزراعة الإسكندرية – يقول: ما يتحدث به وزير التعليم العالي عن بدل الجامعة ما هو إلا دليل عن انفصال سيادته عن الوسط الجامعي، وأنه لا يعيش ظروف أعضاء هيئات التدريس الصعبة، والذي جاء بدل الجامعة كمحاولة لإعادتهم إلي الحياة الكريمة، وما يدهشني أن يصور الوزير بدل الجامعة علي أنه شيء عظيم حققه سيادته، برغم أنه ليس له أي دور فيه، وإنما جاء وزيرا بعد ما تقرر البدل، وأنا أرجوه أن يعود إلي تاريخ حركة أعضاء هيئة التدريس ونضالهم للحصول علي حقوقهم وللآن لم يحصلوا علي شيء. دكتور إكرام يحيي – المدرس بحقوق الإسكندرية – يري أن التخبط والعشوائية في قرارات الوزير صفتان تميزا سياسة الدولة تجاه التعليم العالي، والوزير انشغل بتقارير الأداء، وأسند هذا إلي قانون تنظيم الجامعات، ويبدو أن الوزير لم يقرأ نصوص القانون، لأن المادة 95 من القانون تلزم جميع أعضاء هيئات التدريس بالتفرغ، ومنع العشوائية في انشغال الوزير بمعركة التقارير، أنه أغمض عينيه عن نصوص المواد 96 – 101 في القانون والتي تحظر علي جميع أعضاء هيئة التدريس الاشتغال خارج التدريس أو داخل جامعاتهم بمقابل، سواء بالعمل لدي الجامعات الخاصة أو من خلال الاشتغال بالمهن الحرة أو فتح مكاتب استشارية «كالذي افتتحه الوزير منذ سنوات!!!». تبديد الموارد ويضيف د. إكرام ألبس من الأولي علي الوزير حصر هؤلاء الذين يجنون مبالغ طائلة ولا يهم البدل ويطبق عليهم نص القانون من ضرورة الحصول علي موافقة مجالس الأقسام والكليات ورئيس الجامعة المختص!!!، أم أن المحور الأساسي للتضييق علي الأساتذة من خلال ضعف الدخل المقدم له بقصد السيطرة عليهم وشغلهم بتدبير احتياجات المعيشة، ويتم التمهيد للإدارة الاقتصادية «برنامج خصخصة التعليم العالي»، بحجة أن تلك هي الطريقة الوحيدة لتحسين دخل الأساتذة!!، مضيفا أن موارد الجامعة في صناديقها الخاصة قد استغلت في تمويل الزيادة الأخيرة للأساتذة بمبلغ 2.3 مليار جنيه، وتم اقتطاع 2 مليار من إجمالي تلك الصناديق لوزارة المالية، علي عكس ادعاءات الوزير، والغريب أن الدولة تدعي غياب الموارد لرفع مرتبات الأساتذة، علي الرغم من أن مرتب الأستاذ الجامعي المصري لا يقارن بزميله في اليمن أو قطاع غزة. خصخصة التعليم ويضيف د. إكرام أن الخصخصة الناعمة تتم من خلال ما يعرف بالإدارة الاقتصادية للجامعة، فتعليم يتم تقديمه من خلال برامج تعليمية خاصة بمصروفات عالية، وكذلك الخصخصة الواضحة من خلال التوسع في الجامعات الخاصة فالقرار الجمهوري الأخير الصادر من الرئيس محمد مرسي قضي بإنشاء أربع جامعات خاصة جديدة، في حين يتم تقييد أعداد المقبولين في الجامعات الحكومية، وذلك علي الرغم من أن الجامعات الخاصة المصرية ثبت فشلها في الارتقاء بالتعليم العالي والبحث العلمي، إلي الدرجة التي جعلت بعض الدول العربية تحذر رعاياها من الالتحاق بها. استقالة الوزير ويضيف الدكتور أحمد خضر – علوم الإسكندرية – أنه أحس أن المتحدث هو هاني هلال وليس مصطفي مسعد وزير تعليم ما بعد الثورة، واستخدامه لغة التهديد والوعيد لمن يخالفه الرأي، ودون مناقشة، وأنه فوجئ بالوزير يسير في اتجاه النظام السابق وكأن مصر لم تقم بها ثورة علي النظام السابق، ولكن الأغرب أن الوزير ينادي باستقلال الجامعات، ولكن علي طريقة المرسوم العثماني للوالي محمد علي والذي بمقتضاه حصلت أسرة الوالي علي حكم مصر كولاية تابعة ومستقلة في نفس الوقت!!! إن سبب هذه الأزمة هو الوزير نفسه حيث جاء علي لسانه نصا «هذا الفهم الخاطئ قد جاء بسبب عدم شرحنا الكافي لهذا الهدف من جانبنا»، فعذرا يا وزير التعليم علي عدم فهمنا ما لم تشرحه وبناء عليه فاستقالتك هي المخرج الوحيد لهذه الأزمة. وأنهي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية حوارهم بقولهم إننا نتطلع إلي مجتمع جامعي وبحثي يمكن مصر من أن تأخذ مكانها اللائق بين الجامعات والمراكز البحثية في دول العالم المتقدم ولن يتحقق ذلك إلا بتوفير الحياة الكريمة لركائز النهضة التعليمية والبحثية في الوطن وهم أعضاء هيئات التدريس، ولوحوا باتخاذ خطوات تصعدية للتعبير عن احتجاجهم في حالة إصرار الوزير علي موقفه المغلوط.