انطلاق الحملة القومية لتحصين 248 ألف رأس ماشية بكفر الشيخ    شاشات عرض كبيرة فى ميادين الجيزة لبث فعاليات افتتاح المتحف المصرى الكبير    ترامب يدرس خططًا لاستهداف منشآت الكوكايين داخل فنزويلا    النائب حازم الجندى: مصر أصبحت صانعة السلام فى الشرق الأوسط برؤية متوازنة    ناجى الشهابى: القاهرة أثبتت أنها مفتاح الحل فى القضية الفلسطينية    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون الثنائي مع باكستان    أحمد عبد الرؤوف يقترب من جهاز الزمالك الفني    الداخلية تضبط 431 متهما وتنفذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    سفير أوكرانيا: المتحف المصري الكبير يعكس نهج الرئيس السيسي في صون تراث مصر    رئيس الوزراء: السبت المقبل إجازة رسمية بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير    كيم كارداشيان تعانى من تمدد الأوعية الدموية بالدماغ.. الحالة وأسبابها؟    «نجوم الجونة».. القائمة الكاملة للفائزين بجوائز الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي    مستقبل وطن يطلق مؤتمرات جماهيرية لدعم مرشحيه في انتخابات النواب 2025    دون الحاجة للذهاب إلى الطبيب.. 5 طرق لعلاج ألم الأسنان في المنزل    مواعيد مباريات السبت 25 أكتوبر - الأهلي ضد إيجل نوار.. وليفربول يواجه برينتفورد    "التنمية المحلية" و"الزراعة" يدعمان البيئة بزراعة الأشجار لمواجهة التغيرات المناخية    «مكيف وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    إصابة 6 أشخاص في تصادم مروع بالشرقية    اتهامات تزوير تلاحق رمضان صبحي.. وجنايات الجيزة تؤجل نظر القضية ل22 نوفمبر    «الداخلية»: ضبط 381 قضية مخدرات وتنفيذ 84 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    وزارة الأوقاف تؤكد حظر استخدام المساجد فى الدعاية والأنشطة الانتخابية    تبدأ اليوم.. جامعة الإسكندرية تطلق فعاليات مبادرة «تمكين» لدعم الطلاب ذوي الإعاقة    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    رئيس «الدولي» للمتاحف: الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثاني بالمتحف المصري الكبير    عشاق الهدوء.. 5 أبراج مش بيحبوا الضوضاء والزحمة    وزير الإسكان يتفقد مكونات مشروع حدائق «تلال الفسطاط»    «البادنجان البلدي ب10 جنيهات».. أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت بسوق العبور    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 138 مليونًا و946 ألف خدمة طبية مجانية خلال 98 يومًا    من غير مواد حافظة.. حضري لأطفالك الزبادي بالفواكه الطازجة في البيت    شيخ الأزهر يزور إيطاليا للمشاركة في المؤتمر العالمي "إيجاد الشجاعة للسعي لتحقيق السلام"    وزارة «الزراعة» تقرر حظر نقل القطن بين الوجهين القبلي والبحري    وزير الرى يتابع حالة المنظومة المائية وإجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه بزمام ترع الإسماعيلية والسويس وبورسعيد    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    التضامن: تحسين منظومة الكفالة وتطبيق إجراءات الحوكمة عند تسليم الأطفال    خدمة 5 نجوم.. مواعيد رحلات قطار تالجو الفاخر اليوم السبت 25-10-2025    منى شلبي بعد كتب كتابها.. "ها وقد أتممنا نصف ديننا"    وزير الزراعة يستقبل عدد من الفلاحين ويستمع لمشاكلهم.. ويؤكد: دعم الفلاح "أولوية" ومكتبي مفتوح للجميع    الدويرى: قوائم الأسرى تتطلب موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي و "الشاباك" أكد: هناك اسمًا "لن يخرج من السجن إلا ميتًا"    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    وزارة التعليم: امتحان الشهر لصفوف النقل يوم 26 أكتوبر والأسئلة مقالية بنسبة 15%    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    في 5 خطوات فقط.. روشتة لتحسين الصحة النفسية والجسدية    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    حريق بشقة سكنية في الإسكندرية    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    الوداد المغربي يعلن عن مدة تعاقده مع حكيم زياش    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه في تاريخ "العبودية البيضاء" بأميركا
نشر في المصريون يوم 20 - 10 - 2016

عندما يذكر العبيد في الولايات المتحدة ينصرف الذهن فوراً إلى الأفارقة السود الذين جلبهم البيض للأرض الجديدة، واستعبدوهم قبل أن يتحرروا بعد نضال طويل.
ولكن التاريخ الأميركي عرف قبل قرون مضت عبودية من لون آخر هي العبودية البيضاء، كان أبطالها الأيرلنديون، كما عرفت ب"العبودية الهجين"، التي تم فيها تزويج أيرلنديات بأفارقة لإنتاج عبيد سمر أقل سعراً.
المشهد في أمريكا تغير عبر السنوات ليصبح الأيرلنديون ضمن الفسيفساء الأميركية في كل المجالات دون استثناء، حيث يشكلون حوالي 11٪ من إجمالي سكان الولايات المتحدة بحسب تقرير حكومي رسمي أمريكي لمكتب الإحصاء الأميركي في 2013 ( US Census Bureau 2013).
وهناك كتب وأبحاث تتحدث عن الأصل الأيرلندي لعدد من رؤساء أميركا مثل جون كنيدي، أول رئيس كاثوليكي لأميركا، ونجم هوليوود توم كروز، ورجل الأعمال الشهير هنري فورد الذي سيطر على واحدة من أكبر الصناعات في أميركا في منتصف القرن التاسع عشر، صناعة السيارات، وغيرهم.
قصة النجاح بدأت في القرن التاسع عشر حيث شكل الأيرلنديون نصف المهاجرين في الولايات المتحدة في عقد الأربعينات من القرن التاسع عشر، وثلثهم في الخمسينات من القرن نفسه. لكن تاريخاً سابقاً على ذلك كتب سطوراً حزينة عن الأيرلنديين في أميركا.
فالأيرلنديون لم يدخلوا أميركا فقط في العام 1820، الذي يشكل الموجة الكبرى للهجرة الأيرلندية إلى أميركا، بل ذهبوا للمرة الأولى كعبيد، عملوا في نقل البضائع على متن السفن البريطانية المتوجهة إلى الأميركتين، في القرن السابع عشر.
كما يحكي التاريخ عبر العديد من كتب المؤرخين مثل "العبودية، السخرة والعمل بين المهاجرين الأيرلنديين" للكاتبة ريتا أكاماتسو، وغيره.
وقد أثار مقال بحثي للكاتب جون مارتن ، نشره عام 2015 موجة من ردود الفعل بعضها دعم روايته عن أحوال العبيد الأيرلنديين وبعضها يدحض روايته.
لكن الروايات التاريخية تجمع على عدد من الوقائع بعيداً عن التفسير والتأويل، فقد تم شحن مئات الآلاف من الأيرلنديين من الرجال والنساء، وحتى الأطفال، الذين تقول إحدى الروايات أن 100 منهم شكلوا الموجة الأولى من العبيد الذين وصلوا القارة الجديدة، وذلك في العام 1619 في احتفال بعيد الفصح، قبل أربعة أشهر فقط من أول موجة من العبيد السود القادمين من إفريقيا.
وباع الملك الإنجليزي جيمس السادس 30 ألفاً من السجناء الأيرلنديين كعبيد إلى الأرض الجديدة. وكان إعلان عام 1652 يفرض أن يرسل السجناء السياسيين الأيرلنديين إلى الخارج ويتم بيعهم للمستوطنين الإنجليز في الأرض الجديدة، بحسب الكاتب جون مارتن.
وكانت رحلات نقل العبيد البيض تتسم بالعنف والوحشية، ويصفها الكثيرون برحلة موت بطيء، ولا تختلف كثيراً عن تلك الرحلات الخاصة بالعبيد الأفارقة والتي صورها الفيلم الشهير للمخرج ستيفن سبيلبيرغ في فيلمه "أميستاد".
ولم تكن العبودية شيئاً غريباً على هذا العصر، وكانت ظروف العمل في الريف والمدن أشبه بالرق بسبب المعاملة السيئة التي تلقاها العمال، وصنوف العقاب التي كانت تنزل بهم. وقد استمرت مع العمال الذين انتقلوا إلى أميركا، ومنها الجلد والضرب حتى الموت، وإحراق العبيد الأيرلنديين أحياءً حال ارتكابهم لأية أخطاء في العمل القاسي الذي كانوا يقومون به لصالح أسيادهم المختلفين معهم دينياً، أو إذا فكروا في التمرد وعصيان الأوامر مهما كانت.
وهناك من يرجع بدء موجة بيع العبيد الأيرلنديين للمستوطنين الإنجليز في أميركا للحروب الأهلية الإنجليزية منذ منتصف القرن السابع عشر، عندما تعرض أكثر من 500 ألف أيرلندي للقتل على يد الإنجليز في الفترة بين 1641 و1652، كما تم بيع 300 ألف آخرين كعبيد.
وفي العام في 1656، أمر أوليفر كرومويل الذي هزم الملكية الإنجليزية وأسس الجمهورية في العام 1653، بأخذ 2000 طفل أيرلندي إلى جامايكا وبيعهم كعبيد للمستوطنين الإنجليز.
لكن بعض المؤرحين ومنهم المؤرخ ليام هوجان يشككون في الرواية الخاصة بالرق الأيرلندي ويقولون إنهم كانوا عمالاً بالسخرة، ولم يكونوا عبيداً بالمعنى الدقيق للرق. لكن الواقع والتاريخ ربما يكونان أكثر قسوة من الأدبيات التاريخية فقد كان الأيرلنديون المهاجرين قسراً إلى الأرض الجديدة في القرنين 17 و18، "مجرد قطعان من البشر بلا حقوق"، أياً كان التوصيف العلمي لوضعهم، بحسب مارتن.
وفي الوقت الذي بدأت فيه تجارة الرقيق الأيرلندي بدأت تجارة الرقيق الإفريقية. ولكن الأفارقة -كما يشير مارتن اعتماداً على كتب مؤرخين تناولوا القضية- كانوا أسعد حظاً بقليل عن نظرائهم الأيرلنديين، فلم يكونوا "ملوثين بالعار اللاهوتي"، كما كانت تصفهم الأدبيات السياسية في أميركا آنذاك بسبب اعتناقهم للكاثوليكية. كما كان العبيد السود أكثر كلفة من الأيرلنديين
كان العبيد الأفارقة مكلِّفين للغاية، حيث كان العبد الأسود يباع ب50 جنيهاً إسترلينياً، بينما لا يزيد سعر نظيره الأيرلندي على 5 جنيهات.
ويكشف جون مارتن أن السادة الإنجليز لم يكتفوا بالاتجار في العمال، بل بدأوا في اقتناء النساء الأيرلنديات سواء للمتعة الجنسية أو للمزيد من الربح. وكان أطفال العبيد أنفسهم عبيداً، ما زاد من حجم القوى العاملة المجانية للإنجليز.
"وكانت معظم الأيرلنديات يفضلن البقاء في العبودية حتى لا يحرمن من أطفالهن الذين يعتبرون عبيداً منذ ولادتهم". والأسوأ أن هؤلاء السادة فكروا في تربية الفتيات الأيرلنديات مع الأفارقة ودفعهم للتزاوج أو ممارسة الجنس لإنتاج جيل أسمر هجين من السود والبيض يكون سعره أعلى في سوق العبيد من الأيرلنديين، وتقليل الحاجة لشراء عبيد أفارقة بأسعار عالية.
واستمرت عمليات تهجين الأيرلنديات والأفارقة لعدة عقود، على نطاق واسع لدرجة أن ظهرت الحاجة إلى قانون للحد من الظاهرة، فتم تمرير قانون "منع ممارسة تزاوج الإناث الإيرلنديات والعبيد الأفارقة لغرض إنتاج عبيد للبيع" في 1681.
واصلت إنجلترا شحن عشرات الآلاف من العبيد الإيرلنديين لأكثر من قرن من الزمان. وفي عام 1839، قررت بريطانيا إنهاء مشاركتها في هذا الطريق المشين من تلقاء نفسها، وتوقفت عن تجارة العبيد وهنا بدأت قصة أخرى للأيرلنديين تخلصوا فيها من الرق وصاروا مواطنين أميركيين كاملي الأهلية، لتتحول المأساة الأيرلندية إلى قصة نجاح.
"ويتساءل البعض لماذا لا يطرح هذا الموضوع إلا نادرا؟ هل أن ذكريات مئات الآلاف من الضحايا الأيرلنديين لا تستحق؟ أم هل ستكون قصتهم كما أراد لها أسيادهم الإنجليز: أن تختفي تماما كما لو أنها لم تحدث قط"، يتساءل مارتن.
والإجابة كما ينهي بها مقاله أنه "لم يعد أي من الضحايا الأيرلنديين إلى وطنه ليصف محنته"، فهؤلاء في نظر جون مارتن وغيره، هم العبيد المفقودون الذين نسيهم الزمن وكتب التاريخ المنحازة، وهو يفسر بذلك قلة عدد الكتب التي تحدثت عن معاناة العبيد الأيرلنديين في الأرض الجديدة، وعدم تصديق البعض لما يراه هو غيره حقائق مروعة منسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.