لا شك ان سنة 2005 كانت من اسوأ الاعوام التي مرت على الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي تلقى صفعة في مايو مع رفض الفرنسيين للدستور الاوروبي وتعرض لوعكة صحية في سبتمبر وتراجعت شعبيته وفقا لاستطلاعات الراي الاخيرة. ويشير استطلاع للراي نشر الخميس ان فرنسي واحد من اصل ثلاثة يؤيد استقالة جاك شيراك (73 عاما) واجراء انتخابات رئاسية مبكرة. واشارت وكالة أنباء فرانس برس إلى أن استطلاعا للراي في ديسمبر ان أظهر ان 1% فقط من الفرنسيين يؤيدون ترشح شيراك عن حزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية" الحاكم للانتخابات الرئاسية عام 2007. وشكل دخول شيراك المستشفى في الثاني من سبتمبر اثر اصابته ب"مشكلة بسيطة في شرايين" الدماغ نقطة تحول في حياة هذا السياسي المخضرم الذي استطاع تخطي العديد من المصاعب ولطالما عكس صورة الرجل الحيوي والمرح. وبعد ثمانية ايام على بقائه في المستشفى وامضائه فترة نقاهة وجيزة استعاد الرئيس الفرنسي نشاطه المعتاد وهو يسافر ويستقبل الزوار الاجانب كما في السابق. لكن شيراك الذي تمتع بصحة ممتازة طوال عقود اصبح رئيسا مسنا بنظر الفرنسيين. وبعد ان شارك طوال اربعين عاما في الحياة السياسية الفرنسية تولى خلالها مرتين رئاسة الوزراء (76-1978 و88-1986) وخصوصا بعد عشر سنوات امضاها في قصر الاليزيه اصبح شيراك من بين رؤساء الدول الاكبر سنا في العالم في حين انه محاط بزعماء في الخمسينات من عمرهم مثل البريطاني توني بلير والالمانية انغيلا ميركل. وسيكون شيراك اكبر زعماء "مجموعة الثماني" سنا حتى لو انه في نهاية ولايته الرئاسية عام 2007 سيكون اصغر سنا من اثنين من اسلافه الاربعة في اطار الجمهورية الخامسة هما شارل ديغول وفرانسوا ميتران اللذين كانا في التاسعة والسبعين من عمرهم حين غادرا قصر الاليزه. وقد اتى اختيار لندن لتنظيم الالعاب الاولمبية الصيفية لعام 2012 في يوليو على حساب باريس على الرغم من الجهود التي بذلها شيراك ليضاف الى الزلزال السياسي الذي احدثه رفض الفرنسيين للدستور الاوروبي في مايو. وشكل فوز الفريق الرافض للدستور فشلا شخصيا للرئيس الفرنسي الذي قرر اجراء هذا الاستفتاء الشعبي ودافع بقوة عن النص. لكن تدخله في هذه الحملة لم يقنع الفرنسيين القلقين على مصيرهم لا سيما على مستوى البطالة ونقل الشركات جزء او كامل انشطتها الى بلدان حيث اليد العاملة اقل كلفة. وفي ابريل جرى نقاش تلفزيوني بينه وبين ثمانين شابا بدا فيه الرئيس وكانه لا يفهم طبيعة هواجسهم مما عزز شعور الفرنسيين بابتعاد رئيسهم عن مشاكلهم. وخلال اعمال الشغب التي اندلعت في الضواحي في تشرين الثاني/نوفمبر تجدد هذا الشعور على الرغم من قيام شيراك بمشاورات عدة وطرحه افكارا للخروج من الازمة اذ ان الصمت الذي ساد في بداية الازمة هو الذي لفت انتباه الراي العام. وفي ظل هذا الوضع كان من الصعب التنبه الى نجاحات شيراك كقدرته على افشال المساعي البريطانية لاعادة النظر في السياسة الزراعية المشتركة خلال القمتين الاوروبيتين في يونيو وديسمبر. كذلك استطاعت فرنسا بعد اشهر من المفاوضات المضنية مع اليابان ان تقنعها بانشاء المفاعل النووي الاختباري "ايتر" على اراضيها وهو مشروع ضخم يهدف الى التوصل الى انتاج اقتصادي للكهرباء من خلال الالتحام النووي.