استمعت إلى خطاب الحكومة المصرية أمام برلمان الشعب، والذى ألقاه الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء المصرى، واندهشت كثيرًا من الجزء الأخير من خطابه أمام المجلس، والتى كانت عبارة عن مناشدة ورجاء من رئيس وزراء إلى نواب الشعب، وكانت المناشدة بعنوان الخروج من الممر الضيق لوادى النيل إلى الرحاب الواسعة فى صحارى مصر الشاسعة. ومصدر دهشتى كانت متركزة فى كيف أن رئيس الهيئة التنفيذية للبلاد والمتمثل فى رئيس مجلس الوزراء وهو المسئول عن كل الأمور التنفيذية بالدولة المصرية يناشد ويترجى أعضاء الهيئة التشريعية فى نفس البلاد الذين لا يملكون إلا إصدار القوانين والتعديل عليها وإبداء الآراء فى المستجدات بالدولة وهذا يمكن تفسيره بشيئين لا ثالث لهما، أول الأسباب أن رئيس الوزراء يحتاج من التشريعات والقوانين ما يساهم فى دفع الناس من العيش فى الممر الضيق إلى صحارى مصر الواسعة وهذا التفسير هو التفسير حسن النية ، أما التفسير الثانى وهو ما لا أتمناه ولا أتوقعه بأن رئيس الوزراء لا حول له ولا قوة ولا يملك من أمر وزرائه شيئاً، فضلا أن يملك من أمر الشعب المصرى ما يدفعه إلى التحرك بعيداً عن الوادى الضيق، وهذه ملاحظة كان لابد توضيحها. وعوداً على ذى بدء فى الفكرة الرئيسية المطروحة من رئيس الوزراء، ألا وهى أن أمل مصر حالياً هو التحرك من الوادى الضيق إلى الصحراء الشاسعة، وهذه الفكرة ليست جديدة، بل كانت هناك محاولات ماضية بعضها كتب له النجاح الباهر، والبعض الآخر لم يكتب له النجاح وباءت هذه المحاولات بالفشل الذريع. كلنا يتذكر مدينة السادات، والتى أنشئت خصيصاً بقرار جمهورى فى عام 1978م حتى تكون نواة لبداية توسع عمرانى لتخفيف الضغط عن الدلتا ووادى النيل وكانت أولى خطوات هذا التوسع أن يتم تحويل جميع الوزارات والهيئات العامة لمدينة السادات لتكون بديلاً عن القاهرة، وتم إنشاء مجمع للوزارات هناك على أعلى مستوى، ولكن لأننا فى مصر قبل 25 يناير كنا نعمل من أجل المصلحة الخاصة، ومن أجل أن يخلد اسم الرئيس الحالى بأى وسيلة كانت، فبموت الرئيس السادات ماتت معه هذه الفكرة، لمجرد أن اسم المدينة كان يسمى على اسمه، وتم إهمال المدينة إهمالاً شديداً، كأن هناك ثأرًا "بايت" بين الإدارة التى حكمت بعد موت السادات وبين مدينته التى سميت باسمه. وحتى لا نغرق فى التشاؤم، فهناك بعض النماذج الناجحة والجديرة بأن تُتْخذ كمثال يحتذى به وهى مدينة 6 أكتوبر، فقد بدأت المدينة كإحدى مدن محافظة الجيزة، ومن ثم تم إنشاء مدينة صناعية بها وبعد ذلك تم إنشاء بعض المساكن، التى تخدم العاملين بها ومع اهتمام الحكومات السابقة فى عهد المخلوع فقد تم تطوير الخدمات والطرق وجميع المرافق للمدينة الوليدة حتى أصبحت، كما هى عليه الآن، مجتمعًا حضاريًا متكاملاً يتهافت الناس من خارجه للسكن والعمل به، لأن به من عوامل الجذب الكثير، فالعمل فيها متوفر، والسكن فيها مريح، والحركة بها سلسلة، كما أن بها من وسائل الترفيه ما يناسب العائلات من جميع طبقات المجتمع،كما تم إنشاء حزام أخضر محيط بالمدينة ليكون الرئة التى تتنفس بها المدينةالجديدة، كما تم فتح العديد من الجامعات والمعاهد بها لتكتمل حلقة الخدمات ولتصبح مدينة 6 أكتوبر من أكثر المدن الجاذبة للسكان، والبداية كانت بعض المصانع الملحق بها مساكن للعاملين بها. [email protected]