أدى إصدار الكونجرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ تشريعًا ضد المملكة العربية السعودية والخاص بتمكين ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 من الأمريكان من رفع قضايا تعويض ضد المملكة وإجهاض الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد هذا التشريع، إلى ردود أفعال صاخبة في الإعلام الأمريكي. وقالت "واشنطن بوست"، كبرى الصحف الأمريكية، إن القرار على ما يبدو سيضع نهاية لنفوذ السعودية في دوائر صنع القرار الأمريكي، لأن الكونجرس كشف عن حالة عدائية كبيرة ضد المملكة ولم يكتف بالتشريع المضاد للسعودية ولكنه وجه لومًا شديدًا لها بسبب ما أسمته العدوان السعودي على اليمن. أما موقع "بلومبرج" الأمريكي فقد ذكر أن ما فعله الكونجرس لم يكن مجرد تشريع ضد السعودية، ولكن حملة كبيرة من الأعضاء ضد المملكة، حيث اتهموها بتصدير الوهابية والتطرف الإسلامي وانتهاك حقوق الإنسان، حسب زعمهم. وأكد أن التشريع سوف يقضي على صفقة سعودية لشراء أسلحة أمريكية بقيمة 1.15 مليار دولار، وهو الأمر الذى اتفقت معه "نيويورك تايمز"، موضحًا أن هذا التشريع غير المسبوق سوف يلحق الضرر بعلاقات واشنطن مع الرياض، بل ويمكنه وضع نهاية للتحالف بين البلدين والذي يعود لحوالي 70 عامًا خلت ومنذ لقاء الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت علي مركب في السويس عام 1945 و في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وحذرت "واشنطن بوست" من أن التشريع سوف يؤثر بالسلب ليس فقط علي علاقات أمريكا بالسعودية ولكن على علاقتها مع الإمارات ومع دول مجلس التعاون الخليجي كله. وقالت الجريدة، إن السعودية بإمكانها الانتقام وقد فعلتها من قبل عندما وقفت بجوار مصر ضد جماعة الإخوان المسلمين، وقامت بالضغط على قطر المؤيدة للإخوان من خلال سحب عدد من دول الخليج لسفرائها من الدوحة. وأضافت الجريدة، أنه بإمكان السعودية أيضًا سحب مليارات الدولارات التي تشكل إجمالي ودائعها وأصولها المالية في أمريكا. من جانبها كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، عن أن كبار المسئولين في إدارة باراك أوباما وفي وزارة الدفاع وبالتعاون مع السفارة السعودية، حاولوا في الساعات التي سبقت التصويت الضغط على نواب الكونجرس وخصوصا التابعين لحزب أوباما - الحزب الديمقراطي - لعدم الاعتراض على الفيتو ولكن جاءت النتيجة مخيبة جدا للآمال، حيث لم يكتف الكونجرس بالتشريع ولكنه وجه توبيخات شديدة اللهجة للسعودية حول حقوق الإنسان والتطرف والحرب في اليمن. وأخيرًا أبرزت الصحف كلمة باراك أوباما في لقاء نظمته قناة سي إن إن الأمريكية مع ضباط الجيش الأمريكي وعائلاتهم في ولاية فرجينيا، اليوم، عن إجهاض الكونجرس للفيتو الرئاسي. وقال أوباما إن قرار الكونجرس خاطئ تماما، كما أن تحريات المخابرات الأمريكية والجيش الأمريكي، لم تثبت أي دور للسعودية كدولة في أحداث 11 سبتمبر أو في تمويل الإرهاب ونشر أفكار التطرف. وأوضح الرئيس الأمريكى أن هذا التشريع قد يدفع دولاً أخرى لإصدار تشريعات مماثلة ضد الجنود الأمريكان وضد الجيش الأمريكي، لافتًا إلى أن المخابرات الأمريكية - سي أي إيه - أخبرته أن هذا التشريع قد يؤدي لتعريض مسئولين كبار في الحكومة الأمريكية للمحاكمة أمام محاكم أجنبية.