قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية, إن روسيا تستخدم في قصفها الهمجي على الجزء الشرقي من مدينة حلب في شمال سوريا, القنابل الحارقة والذخائر العنقودية والقنابل الخارقة للتحصينات. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 28 سبتمبر, أن القنابل الخارقة للتحصينات هي الأكثر فتكا بالمدنيين, لأنها مصممة أساسا لتخترق بشكل عميق التحصينات الخرسانية المشيدة تحت الأرض، وذلك قبل أن تنفجر متسببة بتدمير وانهيار المباني برمتها على رؤوس ساكنيها. وتابعت " وسائل التواصل الاجتماعي تعج بصور القتلى من الأمهات اللاتي تسبب القصف الروسي في دفنهن تحت الأنقاض, وهن يحاولن حماية أطفالهن، وبصور غرف الطوارئ المملوءة بدماء الجرحى والقتلى", مؤكدة أن حلب تحولت إلى مدينة أشباح. وخلصت المجلة إلى القول " إن ما يحدث في حلب حاليا غير مسبوق, حيث تقوم طائرات روسية من طراز سوخوي إس يو25 بسحق الأهداف المدنية في الجزء الشرقي من المدينة من ارتفاع منخفض, وهو ما يتسبب في سقوط مئات الضحايا". وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حذرت أيضا من أن القصف البربري المتواصل على الجزء الشرقي من مدينة حلب منذ حوالي أسبوع, يستهدف هذه المرة إبادة كل المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 26 سبتمبر, أن نظام بشار الأسد وروسيا يستخدمان حاليا في حلب تكتيكات الأرض المحروقة، وبشعار "مت من الجوع أو الحصار أو القصف". وتابعت " روسيا ونظام الأسد لجأوا إلى استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، والتي تحول المباني والمدارس والمستشفيات بكاملها إلى حفر عمقها أمتار، وتدمر أيضا أنابيب نقل المياه". واستطردت الصحيفة " المجازر المتواصلة في حلب خلال الأيام الماضية لا مثيل لها, بل إن القتل والدمار في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية لا يساوي شيئا أمامها". وكانت المستشفيات الميدانية في حلب شمالي سوريا أعلنت في 26 سبتمبر عجزها عن استقبال المزيد من القتلى والجرحى نتيجة اكتظاظها بضحايا القصف الجوي السوري والروسي، وسط مخاوف من انهيار الخدمات الطبية بالمدينة. وقد زاد عدد قتلى الغارات الروسية والسورية على حلب وريفها ليناهز أربعمائة خلال أسبوع. وحسب "الجزيرة", قال أطباء سوريون إن ثلاثين طبيبا فقط لا يزالون موجودين في شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة، حيث تشتد حاجتهم إلى المستلزمات الطبية والجراحية لعلاج مئات الجرحى من بين السكان المحاصرين البالغ عددهم 300 ألف. وأضاف هؤلاء الأطباء أن ما لا يقل عن أربعين مصابا في المستشفيات الثمانية التي لا تزال عاملة -وبعضها مراكز مؤقتة مقامة تحت الأرض خوفا من القصف- تستلزم حالاتهم الإجلاء الطبي. وقال عبد الرحمن العمر -وهو طبيب أطفال يعمل لحساب الجمعية الطبية السورية الأمريكية في شرق حلب- في إفادة صحيفة بجنيف، إن الثلاثين طبيبا الباقين في المناطق المحاصرة يفتقرون إلى الأجهزة وأدوية الطوارئ لعلاج حالات الصدمة العديدة. وأضاف العمر أنه يوجد وقود يكفي لتشغيل مولدات المستشفيات في حلب لمدة عشرين يوما فقط، مشيرا إلى أن طبيب نساء واحدا وطبيبي أطفال فقط يعتنون بالحوامل و85 ألف طفل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أيضا عن مصدر طبي في حلب قوله إن أقسام العناية المشددة في المستشفيات باتت ممتلئة بالمصابين، ويجري كل مستشفى ثلاثين عملية جراحية يوميا منذ بدء الهجمة الأخيرة في 19 سبتمبر، وذلك عقب انهيار الهدنة المبرمة بين واشنطن وموسكو. وقال عاملون في الدفاع المدني بحلب إن نحو أربعمئة شخص قتلوا خلال أسبوع في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في المدينة وريفها. ووثقت الجمعية الطبية السورية الأمريكية مقتل أكثر من 280 شخصا في الأيام الثلاثة الأخيرة في شرق حلب، وإصابة 400 بينهم 61 طفلا . وامتدت الأوضاع المأساوية في حلب إلى قطاع الدفاع المدني الذي يسعف ضحايا القصف، وقال عاملون في القطاع إن جهود الإنقاذ أعيقت بشكل كبير نتيجة القصف الذي خرّب الشوارع ودمّر مراكز ومعدات الدفاع المدني. وقال عمار سلمو -وهو عامل بالدفاع المدني- إن فرق الإنقاذ باتت تملك حاليا عربتي إطفاء وثلاث سيارات إسعاف فقط في حلب، مشيرا إلى أن القصف دمر ثلاث عربات إطفاء وسيارتي إسعاف وثلاث سيارات فان.