قالت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية، إن المجزرة المتواصلة منذ حوالي أسبوع في حلب؛ تؤكد أن روسيا وإيران ألقت بثقلهما لمساعدة نظام بشار الأسد في استعادة هذه المدينة، مما سيشكل فوزًا إستراتيجيًا وسياسيًا مهمًا للنظام السوري. وأضافت الصحيفة، في تقرير لها, أن ما يحدث حاليًا في حلب هو لحظة فاصلة في الحرب, بعد فشل اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه روسياوأمريكا. ونقلت الصحيفة، عن أحد قادة مقاتلي المعارضة في حلب, قوله: "إن الروس قد قرروا مساعدة نظام الأسد للسيطرة على كامل مدينة حلب عبر إبادة كل المدنيين الأحياء, وسط صمت دولي". وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية, وصفت أيضًا ما سمته القصف الوحشي المتواصل على حلب منذ حوالي أسبوع, بأنه دليل آخر على فشل إستراتيجية إدارة الرئيس باراك أوباما في سوريا. وأضافت الصحيفة في تقرير آخر لها، يوم 24 سبتمبر, أن واشنطن اعتقدت أن موسكو ستكون راغبة في التوصل إلى تسوية متفاوض عليها, مقابل وقف لإطلاق النار, والفوز لاحقًا بتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة مع أمريكا ضد المجموعات "الإرهابية". وتابعت: "القصف الهجمي الذي نفذته روسيا ونظام بشار الأسد على حلب في الأيام الأخيرة أثبت خطأ هذا الاعتقاد, واستمرار إخفاق سياسة أوباما بشأن سوريا". ونقلت الصحيفة، عن الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، جيف وايت قوله: "إن الروس أصبحوا يرون أن إستراتيجيتهم في سوريا تتقدم دون الحاجة لوقف إطلاق النار، إذ إن وضع نظام الأسد يتحسن, ولا يوجد ما يدفعها إلى التمسك بوقف إطلاق النار، بينما من يصر على وقف إطلاق النار هو وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري فقط". وكانت المستشفيات الميدانية في حلب شمال سوريا أعلنت في 26 سبتمبر عجزها عن استقبال مزيد من القتلى والجرحى؛ نتيجة اكتظاظها بضحايا القصف الجوي السوري والروسي، وسط مخاوف من انهيار الخدمات الطبية بالمدينة. وقد زاد عدد قتلى الغارات الروسية والسورية على حلب وريفها ليناهز أربعمائة خلال أسبوع. وحسب "الجزيرة", قال أطباء سوريون إن ثلاثين طبيبًا فقط لا يزالون موجودين في شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة، حيث تشتد حاجتهم إلى المستلزمات الطبية والجراحية لعلاج مئات الجرحى من بين السكان المحاصرين البالغ عددهم 300 ألف. وأضاف هؤلاء الأطباء، أن ما لا يقل عن أربعين مصابًا في المستشفيات الثمانية التي لا تزال عاملة -وبعضها مراكز مؤقتة مقامة تحت الأرض؛ خوفًا من القصف- تستلزم حالاتهم الإجلاء الطبي. وقال عبد الرحمن العمر -وهو طبيب أطفال يعمل لحساب الجمعية الطبية السورية الأمريكية في شرق حلب- في إفادة صحيفة بجنيف، إن الثلاثين طبيبًا الباقين في المناطق المحاصرة يفتقرون إلى الأجهزة وأدوية الطوارئ لعلاج حالات الصدمة العديدة. وأضاف العمر، أنه يوجد وقود يكفي لتشغيل مولدات المستشفيات في حلب لمدة عشرين يومًا فقط، مشيرًا إلى أن طبيب نساء واحدًا، وطبيبي أطفال فقط يعتنون بالحوامل و85 ألف طفل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أيضًا عن مصدر طبي في حلب قوله: إن أقسام العناية المشددة في المستشفيات باتت ممتلئة بالمصابين، ويجري كل مستشفى ثلاثين عملية جراحية يوميًا منذ بدء الهجمة الأخيرة في 19 سبتمبر، عقب انهيار الهدنة المبرمة بين واشنطنوموسكو. وأدت عشرات الغارات الجوية التي شنها النظام وحليفه الروسي في 26 سبتمبر إلى مقتل نحو ثلاثين شخصًا بمدينة حلب وريفها. وقال عاملون في الدفاع المدني بحلب إن نحو أربعمائة شخص قتلوا خلال أسبوع في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في المدينة وريفها. ووثقت الجمعية الطبية السورية الأمريكية مقتل أكثر من 280 شخصًا في الأيام الثلاثة الأخيرة في شرق حلب، وإصابة 400 بينهم 61 طفلًا. وامتدت الأوضاع المأساوية في حلب إلى قطاع الدفاع المدني الذي يسعف ضحايا القصف، وقال عاملون في القطاع، إن جهود الإنقاذ أُعيقت بشكل كبير نتيجة القصف الذي خرّب الشوارع ودمّر مراكز ومعدات الدفاع المدني. وقال عمار سلمو -وهو عامل بالدفاع المدني- إن فرق الإنقاذ باتت تملك حاليًا عربتي إطفاء وثلاث سيارات إسعاف فقط في حلب، مشيرًا إلى أن القصف دمر ثلاث عربات إطفاء وسيارتي إسعاف وثلاث سيارات فان.