التوصيات تجرد مرسي من «شرعيته».. والدولة الأردوغانية «تزغزغ» أحلام الإسلاميين.. والتيار المدني يضع «عربة العلمانية» أمام «حصان الاصطفاف» في مطلع الشهر الجاري وعلى مدار ثلاثة أيام، نظم معارضون بالخارج، من بينهم قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، ورشة عمل في العاصمة الأمريكية "واشنطن"؛ بهدف تشكيل تحالف موسع لمواجهة النظام الحالي، وخرجوا بتوصيات حملت شعار "مبادرة مصر وطن للجميع". المبادرة التي نُظمت بالعاصمة واشنطن، خرجت ب10 توصيات، اعتبرها منسقوها "مسارًا" لما بعد ما أسموه "إسقاط النظام" الحاكم حاليًا، غير أن هجومًا غير مسبوق نالها خاصة من الإسلاميين. وبينما لاقت المبادرة ترحيبًا من جانب عدد كبير من المعارضين من بينهم قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، لاحقتها اتهامات من جانب أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، ب"تنازل" أصحابها عن "الشرعية المتمثلة في نظام في قبل الإطاحة بمرسي" في 3 يوليو 2013. الملفت للنظر، تجاه تلك المبادرة، هو قبول فئة من الشباب المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين بها، بما في ذلك المادة الخامسة المرتبطة بفصل الدين عن السياسة. وكان دافع هؤلاء الشباب لتبني رؤيتهم تلك، ربطهم بما وصلت إليه تركيا تحت زعامة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، تحت مظلة العلمانية السائدة هناك. وتضمنت "مبادرة واشنطن"، 10 توصيات، جاء على رأسها التأكيد على أن ثورة 25 يناير هي الثورة الحقيقية، ويظل شعارها العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الأساس لكل سياسات مستقبلية. وجاء البند الثاني في المبادرة "التعدد والتنوع يعني التعبير عن توجهات مختلفة وآراء متنوعة، والهوية المصرية الجامعة بطبقاتها المتنوعة هي العامل المشترك الموحد لعناصر الشعب المصري، ومن المهم إقرار وقبول هذا التنوع والتعدد والاختلاف عن طريق آلية الحوار الفعال وآلية ديمقراطية تضمن الحماية من ديكتاتورية الأغلبية أو الأقلية". وبينما لم تحمل توصيات المبادرة أي حديث عن "شرعية" للرئيس الأسبق محمد مرسي، ذهب مؤسسوها بالقول في التوصية الثالثة إلى أن "السيادة والسلطة والشرعية من الشعب وللشعب وحده، ويحكم العلاقة بين قواه المختلفة دستور مدني والمساواة التامة بين كل المواطنين، ويتم إعلان وثيقة تضمن الحريات والحقوق لكل فرد من أفراد الشعب دون أية قيود بما فيها حرية ممارسة الاعتقاد، وحرية التعبير والنشر، والحق في التجمع السلمي بما يشتمل على تشكيل منظمات مدنية ونقابات وإنشاء الأحزاب على أي أساس سلمي وأي مرجعية كانت، وحرية ممارسة أنشطتهم". وطالبت التوصيات ب"صياغة دستور مدني ينص صراحة على عدم تدخل الدولة في المؤسسات الدينية أو العكس، وعدم تدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية، ويرسخ الحقوق والحريات على قاعدة الإعلانات والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان، ويؤسس للديمقراطية، ويحد من السلطة المركزية ويؤسس لنظام اللامركزية في إصدار القوانين والتمويل، وكذا يسن الضرائب مقابل الخدمات والتمثيل النيابي، ويحقق مبدأ مراقبة وتوازن السلطات والفصل فيما بينها، والعمل على خلق حكم محلي قوي". ومثلت المادة الخامسة من توصيات المبادرة، نقطة الخلاف الرئيسية فيها، والتي نصت على أن "الدولة لا هوية ولا مرجعية لها إلا مدنيتها، ولا مؤسسات دينية تابعة لها، بحيث لا يتدخل الدين في الدولة ولا تتدخل الدولة في الدين، وتصدر القوانين والممارسات التي تتعلق بها على مسافة واحدة من جميع المواطنين إعمالاً لقيمة المساواة وعلى قاعدة المواطنة". وشددت المبادرة على ضرورة "وضع استراتيجية العدالة الانتقالية الشاملة لكل الشهداء والمصابين والمتضررين بما يمكنهم من نيل حقوقهم وجبر ضررهم، ويشمل ذلك ما قبل 25 يناير وما بعدها". وأكدت أيضًا "محاكمة كل من تورط في الدم قبل أحداث الثورة وما بعدها وحتى الآن". ودعت المبادرة إلى "الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والمتهمين في قضايا المقاومة المشروعة، ومحاكمة من قامت ضدهم الثورة وكل من استغل 30 يونيو في الانقلاب على ثورة 25 يناير". وجاء في مادتها التاسعة "إعادة هيكلة جناحي حكم القانون (الشرطة والقضاء) بما يؤسس لمنظومة قضائية وأمنية تحقق العدل والأمن للمواطنين، وتلتزم بالقوانين والمواثيق والأعراف الدولية". وفي نهاية التوصيات طالبت المبادرة ب"عودة الجيش إلى ثكناته والقيام بدوره الحقيقي في حماية الحدود والدفاع عن الوطن وعدم التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية، من أهم المبادئ الأساسية لقيام دولة مدنية ديمقراطية حقيقية". وشارك في ورشة العمل، القيادي بحزب الحرية والعدالة عبد الموجود الدريري، وأستاذ العلوم السياسية سيف الدين عبد الفتاح، ومنسق حركة شباب 6 أبريل في أمريكا سوسن غريب، والقيادي بحزب غد الثورة منذر عليوة، والمحلل السياسي مختار كامل، ونائب منسق حركة غربة محمد إسماعيل، والناشطة سوسن جاد، بجانب مداخلات عبر الفيديو كونفرانس من أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، ومحمد محسوب، الوزير السابق في حكومة هشام قنديل، وعصام حجّي، مستشار الرئيس السابق (المؤقت) عدلي منصور.
وقدم ممثلو التيار المدني ورقتين الأولى، خلال ورشة العمل، ضمت مجموعة من المبادئ الحاكمة انبثقت عن مشروع الدستور الموازي الذي خرج للنور منذ عدة أعوام. وتضمنت الورقة الثانية المبادئ التسعة التي طرحت منذ عام ونصف كأساس للدولة المدنية الحديثة في مصر، بينما قدم ممثلو الإسلام السياسي ورقة أخرى عبرت عن رؤيتهم، ووافق الحاضرون على أن يقوم سيف عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية ببلورة الأوراق في مشروع وثيقة موحدة تجمع ما يمكن التوافق عليه بين الجميع الذين لم يوقعوا كلهم على الوثيقة المقترحة والتي كان من المفروض أن تعكس توقيعاتهم على هذه الوثيقة تياراتهم السياسية المختلفة بوجهات نظرها المتعددة. القيادي الإخواني السابق، إبراهيم الزعفراني، أبدى ترحيبه بالمبادرة، غير أنه قدم عددًا من الانتقادات نحوها. وقال الزعفراني، عبر صفحته بموقع فيسبوك، إن المبادرة أحسنت في صياغة بنودها 1 ، 3 ، 6 ،7 ، 8 ، 9 ، 10". ورأى أن البند الثاني وضع قيدًا على آليات الديمقراطية وتتجه بها إلى ديمقراطية المحاصصة، وقال إن كلمة "مدني" في المبادرة يجب تحديد تعريفها؛ حتى لا يفهمها كل حسب رؤيته وحتى تكون الموافقة عليها أو الرفض لها قائم على شفافية وبينة، وفق قوله. ودعا إلى استبدال العبارة "ينص صراحة على عدم تدخل الدولة في المؤسسات الدينية أو العكس" بعبارة أكثر وضوحًا وهي "ينص صراحة بعدم استخدام الدولة أو الأحزاب السياسية للمؤسسات الدينية وعدم قيام المؤسسات الدينية والدعوية بالأعمال الحزبية". وتطرق الزعفراني إلى المادة الخامسة التي تنص على أن "الدولة لا هوية ولا مرجعية لها إلا مدنيتها"، قائلاً: "أرى فيها مغالاة في إنكار الهوية والتبرؤ منها لا داعي له، وأرى أن تصاغ الهوية معبرة عن الحقيقة "الدولة هويتها قبطية عربية إسلامية". كما دعا إلى استبدال عبارة "بحيث لا يتدخل الدين في الدولة ولا تتدخل الدولة في الدين"، بعبارة: "بحيث لا تستخدم الدولة أو الأحزاب السياسية المؤسسات الدينية وعدم قيام المؤسسات الدينية والدعوية بالأعمال الحزبية".