أقر مجلس الوزراء مشروع قانون لإنشاء لجنة جديدة للتحفظ والإدارة والتصرف في أموال الجماعات والكيانات الإرهابية والمنتمين إليها. وينص المشروع " على أن تحل هذه اللجنة بدلاً من لجنة إدارة أموال "الإخوان المسلمين"، القائمة حالياً، مع تحصينها قضائياً من أي قرار بحلها، ومنع محاكم القضاء الإداري التي أصدرت مئات الأحكام على مدار عامين ببطلان التحفظ على أموال "الإخوان"، من الطعن بقرارات اللجنة الجديدة. وأحال مجلس الوزراء المشروع إلى قسم التشريع بمجلس الدولة، لاتخاذ إجراءات مراجعته قبل إحالته لرئيس الجمهورية أو مجلس النواب لإصداره، حسبما ستنتهى المراجعة قبل أو بعد بدء دور الانعقاد الجديد للبرلمان بحسب ما ذكرت جريدة الشروق ويضع المشروع الجديد تعريفات جديدة للأشخاص والجماعات والكيانات الإرهابية أكثر عمومية من التعريفات المنصوص عليها فى قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015. حيث يعرف المشروع الجماعة الإرهابية بأنها «أى شخص اعتبارى يصدر حكما قضائيا باعتباره إرهابيا، سواء اتخذ شكل جمعية أو جماعة أو تنظيم أو ما يماثله من الأشكال أو يرتبط به أو يقدم له المساعدة، سواء كان يباشر أنشطته فى الداخل أو الخارج» ويعرف الكيان الإرهابى بأنه «أى مجموعة من الأشخاص ترتبط بشكل سياسى أو ثقافى أو اجتماعى؛ تباشر بطريق مباشر أو غير مباشر نشاطا إرهابيا أيا كانت صورته، ويصدر بشأنهم حكم قضائى»، ويعرف الشخص الإرهابى بأنه «كل شخص طبيعى انضم إلى جماعة أو كيان أو مؤسسة أو تنظيم إرهابى، أو باشر هذا النشاط بمفرده بموجب حكم قضائى». بينما يعرف قانون الكيانات الإرهابية الكيان الإرهابى بطريقة أكثر تحديدا من خلال الجرائم التى قد يرتكبها، كما يعرف الإرهابى بأنه «كل شخص طبيعى يرتكب أو يشرع فى ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط فى الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأى وسيلة كانت، ولو بشكل منفرد، أو يساهم فى هذه الجريمة فى إطار مشروع إجرامى مشترك، أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشتراك فى عضوية أى من الكيانات الإرهابية أو قام بتمويلها، أو ساهم فى نشاطها مع علمه بذلك». إجراءات مغايرة ل«الكيانات» وينشئ المشروع فى مادته الثانية «لجنة قضائية مستقلة فى أدائها لعملها، تختص دون غيرها باتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو كيان أو شخص إرهابى يمارس نشاطا إرهابيا أيا كانت الصورة التى يتم من خلالها ممارسة النشاط، وذلك استثناء من أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام وتحديد القائمين على التنفيذ الجبرى للأحكام القضائية». ووفقا للمادة الرابعة فإن اللجنة «ستتولى تنفيذ الأحكام القضائية بحصر الأموال الخاصة بجميع الكيانات والجماعات والأشخاص الإرهابيين...»، أما المادة الخامسة فتجعل من سلطة اللجنة أن «تصدر قرارا مسببا بالتحفظ على الأموال، وذلك بعد سماع أقوال ذوى الشأن ومن ترى لزوم سماعهم بعد تحليفهم اليمين القانونية، ويكون القرار الصادر من اللجنة واجب التنفيذ فور صدوره فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار». وتتناقض هذه الأحكام مع المادة 7 من قانون الكيانات الإرهابية، التى ترتب جزاء «تجميد الأموال» (وليس التحفظ عليها) على كل شخص أو كيان يصدر حكما جنائيا باعتباره إرهابيا «متى كانت مستخدمة فى ممارسة النشاط الإرهابى» كإحدى العقوبات التى يجوز توقيعها، ويمكن لمحكمة الجنايات ألا تقضى بها. كما تتناقض مع المادة 8 من القانون ذاته التى تسند إلى الدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة «تحديد من يدير الأموال المجمدة بعد أخذ رأى النيابة العامة» وتلزم من يدير هذه الأموال بأن «يتسلمها، ويبادر إلى جردها بحضور ذوى الشأن وممثل للنيابة وخبير تنتدبه المحكمة» مع التزامه أيضا «بالمحافظة على الأموال وحسن إدارتها وردها مع غلتها المقبوضة طبقا للأحكام المقررة فى القانون المدنى». ويحل المشروع الجديد لجنة التحفظ بدلا من جميع هذه الإجراءات، ويسند إليها اختصاص إصدار قرار التحفظ، رغم أن قانون الكيانات الإرهابية يجعل «عقوبة التجميد» فى يد المحكمة الجنائية فقط. كما تأتى المادة 11 من المشروع متناقضة مع قانون الكيانات أيضا، حيث تجيز المادة للنيابة أن «تطلب من اللجنة بيانا وافيا بكل الأموال المتحفظ عليها حالة قيام تحقيق جنائى لديها متصل بتلك الأموال... وأن تطلب من اللجنة فرض التحفظ على الأموال متى قام لديها الدليل على تلك الأموال متصلة بجريمة إرهابية حتى يصبح القيد فى سجل الكيانات الإرهابية نهائيا...». بينما ينص قانون الكيانات على أن تقدم النيابة العامة طلب الإدراج فى قائمة الإرهابيين إلى الدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة، التى تملك وحدها كل السلطات الخاصة بالإدراج والعقوبات. نظام جديد للتقاضى منذ إنشاء لجنة التحفظ على الأموال نهاية عام 2013 لتنفيذ حكم محكمة الأمور المستعجلة باعتبار جماعة الإخوان إرهابية، كان من يصدر ضده قرار التحفظ يتظلم أولا أمام اللجنة، ثم يلجأ إلى محكمة القضاء الإدارى التى تواترت أحكامها بإلغاء قرارات التحفظ باعتبارها صادرة دون مسوغ قضائى، وباعتبار أن اللجنة إدارية وليست قضائية، وأيدت الإدارية العليا بعض هذه الأحكام، ولم تنفذ اللجنة أيا منها. فجاء المشروع الجديد للالتفاف ليبعد ملف التحفظ عن ساحة القضاء الإدارى تماما، حيث تنص المادة السادسة على أن «يتظلم كل ذى مصلحة من قرار اللجنة خلال 8 أيام من تاريخ إعلانه أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة. وعلى المحكمة الفصل فى التظلم خلال 30 يوما من تاريخ قيده أمامها بالإجراءات المعتادة. وللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ القرار أو تأييده أو إلغائه». وإذا لم يرتض صاحب المصلحة الحكم، فيجوز له أن «يستأنف على الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة خلال 8 أيام من تاريخ الإعلان. وعلى المحكمة أن تفصل فى الاستئناف خلال 30 يوما، ويعد قرارها نهائيا ولا يجوز الطعن عليه». ولمنع الأفراد محل التحفظ من التعامل على أى من أملاكهم فى الشهر العقارى، تجيز المادة السابعة للجنة أن «تطلب من المحكمة المختصة أن تصدر أمرا بالتأشير على هامش السجلات الخاصة بالحقوق العينية الخاصة بالأموال المتحفظ عليها، ولا يحتج فى جميع الأحوال بأى حق عينى اكتسبه الغير بعد تاريخ التأشير الصادر بناء على طلب اللجنة». وتجيز هذه المادة التظلم من هذا الأمر أمام المحكمة المختصة وبالإجراءات المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية والشهر العقارى والتوثيق والسجل العينى. وتلزم المادة الثامنة كل من يحوز عقارا أو منقولا مملوكا للشخص أو الجماعة المتحفظ عليها أن يخطر اللجنة بما فى ذمته وطبيعته وذلك خلال 30 يوما من تاريخ نشر القرار. فإذا وُجدت أموال للمتحفظ على أمواله لدى الغير، يجوز للجنة أن تصدر أمرها بتكليف الغير بعدم الوفاء بما للمدين لدى الغير سواء كانت تلك الأموال منقولة له أو دين أو أجرة أو قيم منقولة أو غيرها، ويترتب على هذا الأمر كل ما يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير من آثار دون حاجة إلى إجراءات أخرى. وبعدما كانت المحكمة هى من تعين مديرى الأموال وفقا لقانون الكيانات الإرهابية، تأتى المادة التاسعة من المشروع لتجعل هذا الأمر من سلطة اللجنة، حيث تسمح لها ب«تعيين من تراه من الخبراء المختصين لإدارة الأموال وعلى من يتولى الإدارة مباشرتها وجردها بحضور ذوى الشأن ما لم تقم حالة ضرورة لدى القائمين على الإدارة وذلك كله طبقا للاحكام المقررة فى القانون المدنى بشأن الإدارة والوديعة والحراسة...». وتتيح المادة 12 من المشروع للجنة التصرف فى الأموال محل التحفظ، إذا أصبح قرار التحفظ نهائيا بعد تأييده من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، وذلك دون الإخلال بحق النيابة فى تنفيذ الأحكام الجنائية الباتة بالإدانة والمصادرة. تشكيل اللجنة وإشكالاته تنص المادة الثالثة من المشروع على تشكيل اللجنة «القضائية» من 7 أعضاء من بين قضاة محاكم الاستئناف، 3 منهم بدرجة رئيس استئناف، يرشحهم وزير العدل، ويصدر بهم قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة قابلة للتجديد. وترى مصادر قضائية أن هذا النص يخالف جميع الأحكام الموجودة فى الدستور والقانون المصرى الخاصة بتشكيل اللجان القضائية، حيث يجعل وزير العدل وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية يختار أعضاء اللجنة المنصوص على طبيعتها القضائية. وكانت أحكام القضاء الإدارى الصادرة بشأن التحفظ خلال العامين الأخيرين تؤكد انعدام الطبيعة القضائية للجنة التحفظ، باعتبارها مشكلة بقرار وزارى، مع ملاحظة أن مشروع القانون الجديد يستند فى ديباجته إلى قرارات رئيس الوزراء ووزير العدل بإنشاء لجنة أموال الإخوان القائمة حاليا. وتنص المادة 14 من المشروع على تشكيل أمانة فنية للجنة برئاسة أمين عام ينتدب طول الوقت من بين قضاة الاستئناف، يعاونه عدد كاف من قضاة المحاكم الابتدائية بدرجة رئيس محكمة «أ» وذلك طول الوقت، على أن يتقاضى كل منهم حقوقه المالية من محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية، بما فى ذلك الحوافز والبدلات. وبموجب المادة 17 من المشروع ستنتقل جميع القرارات الصادرة من اللجنة القائمة حاليا لإدارة أموال الإخوان إلى اللجنة الجديدة، مع جواز إعادة نظرها واتخاذ ما تراه بشأنها. ويوقع المشروع فى المادة 16 عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة بين 10 آلاف و50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من امتنع عن إمداد اللجنة بالمعلومات والبيانات والمستندات اللازمة مع عزله من وظيفته مدة مماثلة لمدة الحبس، وكذلك لمن اتصل عمله باللجنة أو أمانتها الفنية فأفشى ما حصل عليه من بيانات أو معلومات سرية أو أطلع الغير على أى مستند سرى من مستندات اللجنة.