قبل مناقشته ب«النواب».. «الأطباء» ترسل اعتراضاتها على تأجير المستشفيات لرئيس المجلس    وزيرة الثقافة تبحث مع سفير كوريا الجنوبية تعزيز التعاون المشترك    تراجع كبير في أسعار السيارات بالسوق المحلية.. يصل ل500 ألف جنيه    حملة مكبرة لإزالة مخالفات البناء في مدينة دمياط الجديدة    مقتل شخص وإصابة 6 في اشتباكات بغرب ليبيا    سرايا القدس: ندك جنود وآليات العدو المتوغلة في رفح بحمم الهاون    الشهابى: الشعب المصرى يقف خلف القيادة السياسية لدعم القضية الفلسطينية    مرصد حقوقي يحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية بغزة جراء سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    إيهاب جلال يُعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة بيراميدز    30 دقيقة سلبية بين الأهلي والترجي في ذهاب نهائي أفريقيا (صور)    نوران جوهر بطلة العالم للإسكواش للمرة الأولى في تاريخها    بدون تريزيجيه| طرابزون سبور يفوز على باشاك شهير بالدوري التركي    القبض على سيدة متزوجة بعد انتشار فيديو مخل لها مع شاب بكرداسة    فيفي عبده ومصطفى كامل يقدمان واجب العزاء في زوجة أحمد عدوية    مصطفى كامل وحلمي عبد الباقي يقدمان واجب العزاء في زوجة أحمد عدوية    كبير الأثريين: اكتشاف آثار النهر بجوار الأهرامات حل لغز كيفية نقل أحجارها    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    خسر نصف البطولات.. الترجي يخوض نهائي دوري الأبطال بدون مدرب تونسي لأول مرة    مهاجم الترجي السابق يوضح ل "مصراوي" نقاط قوة وضعف الأهلي    صدمة جديدة ل تشواميني بسبب إصابته مع ريال مدريد    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني خلال 24 ساعة 1725 جنديا    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالوادي الجديد    تعديل مواعيد مترو الأنفاق.. بسبب مباراة الزمالك ونهضة بركان    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مدير «القاهرة للدراسات الاقتصادية»: الدولة تسعى لزيادة تمكين القطاع الخاص    " كاد ماسترز" تستعرض تفعيل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياءفي التشييد والبناء    بينى جانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف إذا لم يلب نتنياهو التوقعات    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024 في مصر.. ومواعيد الإجازات الرسمية يونيو 2024    رئيس «الرقابة الصحية»: التمريض المصري يتميز بالكفاءة والتفاني في العمل    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد مشروعات العلمين الجديدة    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    التليفزيون هذا المساء.. إلهام شاهين: عادل إمام حالة خاصة وله فضل فى وجودي الفني    من بينهم أجنبى.. التحقيقات مع تشكيل عصابى بحلوان: أوهموا ضحايهم بتغير العملة بثمن أقل    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    الدواء المصرى الأقل سعرا عالميا والأكثر تطبيقا لمعايير التصنيع الجيد    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"للحقيقة عدة وجوه.... هل يفهم جهلاء اليوم؟!!"
نشر في المصريون يوم 07 - 09 - 2016

يقول المفكر العراقي الدكتور علي الوردي في كتابه (مهزلة العقل البشري) بأن الإنسان مجبور على أن يرى الحقيقة من خلال مصلحته ومألوفات مُحيطه، فإذا اتحدت مصلحته مع تلك المألوفات الاجتماعية صعب عليه أن يعترف بالحقيقة المخالفة لهما ولو كانت ساطعة كالشمس في النهار.
وهذا في الواقع هو المأزق الذي تعاني منه بعض الشعوب ومنها بالطبع نحن العرب.. الحقيقة لدينا تخضع للعواطف ومن النادر أن تجد من يقول لك تفاصيل الأحداث بتجرّد تام
ولو نظرنا إلى الجيل الحالي سنجده مظلوم نتيجة غياب الوعي الثقافي لم يقل له أحد من جهابذة هذا الجيل في الإعلام والثقافة عن أقوى وأخطر معركة فكرية دينية شهدها الشارع المصري في القرن الماضي هذه المعركة لو حدثت الآن لكانت دماء سالت ولو نظرنا إلى من كانوا قد خاضوا هذه المعركة وتأملنا لهم لعرفنا قيمة هؤلاء الرجال داخل المجتمع العربي حتى الآن ولو قمنا بمقارنتهم مع من يقومون الآن بمعارك وهمية لكانت الغلبة والنتيجة إلى أبطال الماضي وليس إلى أصحاب البطولات والمعارك والوهمية التي أضاعت الوطن .. من خاضوا هذه المعركة في الماضي تركوا مصالحهم الذاتية واحترموا العقل واحتكموا إلى المنطق مما جعل جميع من شاهدوا هذه المعركة يطلقون عليها في ذلك الوقت بالمعركة الراقية.
واسمحوا لي أن أنقل لكم هذه المعركة التي دارت في القرن الماضي وأنى سوف أنقلها لكم بدون تدخل من جانبي لا بتعليق أو إضافة أنما سوف أختصر في نقل الأحداث حتى لا أطيل عليكم وأترك لكم في النهاية الحكم على هذه المعركة التي لو حدثت كما قلت لقامت الدنيا ولن تقعد.

"المعركة الراقية"
منذ أكثر من 35 عاما شهدت مصر أكبر معركة ثقافية دينية في القرن ال21 هذه المعركة استخدم فيها المتعاركين كل الأسلحة الهجومية والفتاكة وأيضا استخدمت فيها وسائل الإعلام المكتوبة في هذه المعركة
وقد أطلق على هذه المعركة بالمعركة "الراقية" وكانت بين الثالوث الثقافي المرعب في ذلك الوقت بمصر "توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكى نجيب محفوظ" أما الطرف الأخر الذي دارت معه المعركة هو الجانب القوى بالحجة والأدلة والبراهين الدينية بقيادة فضيلة الشيخ "الشعراوي" وقبل أن نتطرق إلى تفاصيل المعركة لابد أن اذكر الجميع بشيئين:
* أن الشيخ الشعراوي لم يطالب الأمة الإسلامية بهدر دم هؤلاء الثالوث الثقافي أو يكفرهم أو يكفر وسائل الإعلام بل طالب بالحوار عبر هذه الوسائل، وهو بذلك يكون استخدم قوة الحجة والمنطق في كشف الحقيقة تاركا الحكم لجموع المسلمين "وكان من الممكن أن يفعل ويطالب بذلك وكان سيجد من يقف معه في ذلك المعركة من جموع الأمة الإسلامية.
* موقف الدولة وأجهزتها من هذه المعركة الذي أدهش الجميع في الداخل والخارج وهو وقوفها على الحياد بكل أجهزتها في هذه المعركة.. وهو ما أطلق عليه في ذلك الوقت.. موقف المتفرج تشاهد وتراقب !!!!!!

"بداية المعركة"
في عام 1983 بدأ توفيق الحكيم في كتابة سلسلة من المقالات تحت عنوان "حديث مع الله" في جريدة الأهرام، ولقد أثارت سلسلة المقالات جدلا كبيرا في أوساط رجال الدين، بحثت كثيرا عن تلك المقالات حتى وجدت البعض منها واليكم بعض من الاقتباسات التي ستوضح المعركة.. وهنا سنتوقف حول ما كتبة توفيق الحكيم في موضوع في غاية الحساسية !!!
جاء فيها أنه طلب السماح من الله سبحانه وتعالى أن يقيم حوارا معه، المسألة التي اعتبرها رجال التيار الديني تجاوزا وخروجا على تعاليم الدين الإسلامي وتعديا على الذات الإلهية، ومما قاله الحكيم في مقالاته: «لن يقوم إذن بيننا حوار إلا إذا سمحت لي أنت بفضلك وكرمك أن أقيم أنا الحوار بيننا تخيلا وتأليفا، وأنت السميع ولست أنت المجيب، بل أنا في هذا الحوار المجيب عنك افتراضًا، وإن كان مجرد حديثي معك سيغضب بعض المتزمتين لاجتراسي في زعمهم على مقام الله سبحانه وتعالى، وخصوصا أن حديثي معك سيكون بغير كلفة».
ويقول الحكيم أيضا: «وفجأة حدث العجب. حدث ما كاد يجعلني يغشى عليّ دهشة، فقد سمعت ردًّا من الله أو خيل إلي ذلك: وهل إذا درست الحساب بنجاح والتحقت بمدارس العلوم كنت ستراني؟ هذا ما سمعته، وهذا يكفي ليجعلني أعتقد أن الله قد سمح أخيرا أن يدخل معي في حديث».
أثارت هذه المقالات الغضب على الحكيم، حيث كتب مرشد جماعة الإخوان المسلمين عمر التلمساني بجريدة النور في 9 مارس 1983 مقالا تحت عنوان: «أهكذا تختم حياتك أيها الحكيم؟».
هذه هي اقتباسات توفيق الحكيم أثارت هذه المقالات الغضب علية، بل إنها فتحت عليه أبواب النقد من كل ناحية، تصدر في الرد علي توفيق الحكيم الشيخ الشعراوي بمقالات في جريدة اللواء الإسلامي "هل نحن محتاجون لعالم مثل اينشتين ليقول لنا إن الله موجود وآيات الله في الكون بارزة منذ بدء الخليفة "الشمس. والأرض. والقمر. والنجوم. والمطر. والزرع. والإنسان ذاته. إلخ.".
"هذه أول مرة اسمع فيها أن الله كلم واحدا من البشر من غير الأنبياء والرسل.. وكان له الحق-ولكل منا الحق-في الحديث «إلى» الله، ولكن اعتراضي على أن حديث توفيق الحكيم «مع» الله وأن الله تحدث إليه، وفى دفاعه عن نفسه يقول إنه تخيل ذلك، فهل خيال البشر يدخل فيه كلام الله معهم مباشرة أو عن طريق ملك (مثل جبريل عليه السلام)؟ وما هي الكيفية التي تم بها هذا الحديث؟ وكل من ينقل عن الله حديثا لم يقله الله فله الويل والله يقول عن رسوله (ولو تقّول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد حاجزين) فهل أباح توفيق الحكيم لنفسه ما لم يكن مباحا لمحمد صلى الله عليه وسلم "
"لقد شاء الله ألا يفارق هذا الكاتب الدنيا إلا بعد أن يكشف للناس ما يخفيه من أفكار وعقائد كان يهمس بها ولا يجرؤ على نشرها.. وشاء الله ألا تنتهي حياته إلا بعد أن يضيع كل خير عمله في الدنيا فيلقى الله بلا رصيد إيماني".
لم تهدأ نار معركة الحكيم بمرور الوقت وطالت أغلب الفعاليات في مصر وقد عقدت جريدة اللواء الإسلامي ندوة مع توفيق الحكيم عن مقالاته حول حديث مع الله واستمرت الندوة أربع ساعات كاملة ومرة ثانية يوافق الشيخ محمد متولي الشعراوي على الرد على ما أثاره الحكيم في الندوة وفي مقالاته من آراء تمس العقيدة الإسلامية فكتب الشعراوي يقول:
"أن المسألة كلها في رأيي، سواء مما نشر أم من الندوة التي استمعت إليها والتي قام بها "اللواء الإسلامي" أن المسألة كلها دنيوية يراد بها دنيا أكثر مما يراد بها دين ولو أريد بها الدين لكانت هناك عناية في الأحاديث المستشهد بها، ولكانت هناك دراسة في الأخطاء الإيمانية الكثيرة التي وقع فيها الأستاذ توفيق الحكيم عن نسبية الإيمان والذين يدخلون الجنة دون نطق شهادة أن لا إله إلا الله ودون أن يؤمنوا بالله وعلى ما قاله عن الأنبياء وعصمتهم".
بعد ذلك أدلى الشيخ بحديث قال فيه إن اعتراضه كان في البداية على استشهاد الحكيم بنظرية اينشتين عن النسبية ونظريات غيره من العلماء دليلا على وجود الله، وقال: "هل نحن محتاجون لعالم مثل اينشتين ليقول لنا إن الله موجود وآيات الله في الكون بارزة منذ بدء الخليفة. الشمس. والأرض. والقمر. والنجوم. والمطر. والزرع. والإنسان ذاته. إلخ ".
وأضاف الشيخ أنه مختلف مع الذين يربطون الإيمان بالله بنظريات ونتائج العلم، فالعلم متغير ولو ربطنا إيماننا بوجود الله بالنظرية النسبية وغيرها ثم جاء بعد ذلك من يثبت خطأ هذه النظرية أو تلك فماذا نفعل؟ ثم وجه نقده على اختيار الحكيم لعنوان مقالاته «حديث مع الله» فقال: هذه أول مرة اسمع فيها أن الله كلم واحدا من البشر من غير الأنبياء والرسل. وكان له الحق-ولكل منا الحق-في الحديث «إلى» الله، ولكن اعتراضي على أن حديث توفيق الحكيم «مع» الله وأن الله تحدث إليه، وفى دفاعه عن نفسه يقول إنه تخيل ذلك، فهل خيال البشر يدخل فيه كلام الله معهم مباشرة أو عن طريق ملك (مثل جبريل عليه السلام)؟ وما هي الكيفية التي تم بها هذا الحديث؟ وكل من ينقل عن الله حديثا لم يقله الله فله الويل والله يقول عن رسوله (ولو تقّول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين.
وفى حديث آخر في مجلة «اللواء الإسلامي» (17 مارس 1983) واصل الشيخ هجومه على توفيق الحكيم بقوله (لقد شاء الله ألا يفارق هذا الكاتب الدنيا إلا بعد أن يكشف للناس ما يخفيه من أفكار وعقائد كان يهمس بها ولا يجرؤ على نشرها. وشاء الله ألا تنتهي حياته إلا بعد أن يضيع كل خير عمله في الدنيا فيلقى الله بلا رصيد إيماني

"هجوم ثالوث على الشعراوي"
فدخل في المعركة الى جانب توفيق الحكيم كل من (يوسف ادريس) والدكتور (زكى نجيب محفوظ) فكتب مقالا في الأهرام في أبريل 1983 بعنوان «عفوا يا مولانا» اشتط فيه إلى حد القول بأن الشيخ «يتمتع بكل خصال راسبو تين المسلم. قدرة على إقناع الجماهير البسيطة. وقدرة على التمثيل بالذراعين وتعبيرات الوجه» وقال أيضا: إن له قدرة على جيب كبير مفتوح دائما للأموال. وأنه يملك قدرات أي ممثل نصف موهوب! وأثار مقال يوسف إدريس غضب كبار المثقفين وغضب محبي الشيخ وهم ملايين لأنه تجاوز حدود النقد. قال وزير الثقافة (الدكتور أحمد هيكل) إن هذا الكلام «ساقط» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) والشيخ الشعراوي مفخرة لمصر، وحرام أن يأتي كاتب مصري ويحاول النيل منه بهذه الطريقة. وعلق سعد الدين وهبه على يوسف إدريس فقال: هذا كلام لا صلة له بأي فكر أو ثقافة، هذا سقوط من الكاتب وإسفاف. وشارك وكيل مجلس الشعب المستشار أحمد موسى في الرد على يوسف إدريس بقوله: هذا شيء مؤسف حقيقة. هذا الكلام لا يهدم الشيخ بل يهدم من كتبه، كما شارك نقيب المحامين أحمد الخواجة قائلا: هذا الكلام لا صلة له بالخلاف في الرأي بل هو قذف في حق الأخرين.

"حديث الذباب. وطفل الأنابيب"
وخاض الشيخ معارك أخرى بسبب ابدائه لآراء تمسك ببعضها وتراجع عن بعضها الآخر بعد أن أعاد التفكير فيها. تمسك بموقفه من صحة الحديث الذي يقول: إذا سقط الذباب فى إناء أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء وفى الآخر دواء، وتعرض للهجوم بسبب تأكيده صحة هذا الحديث، من جانب المفكر زكى نجيب محمود ؟؟؟
وأن كان الشعراوي رد على ذلك بقوله: عند البحث والدراسة في حديث لرسول الله يجب ألا نعتمد على العقل كوسيلة للحكم بقبول الحديث أو رفضه، لأن العقل وحده مقصور عن إدراك كل الأمور من جميع جوانبها، وقد رفض العقل قديما أحاديث لمعارضتها لمنطق الإنسان وعقله، أو لعدم موافقتها لنتائج العلم في ذلك الوقت، ثم ظهر بعد سنوات تطور فيها العلم صحة هذه الأحاديث بالتجربة العلمية. المهم في دراسة الحديث أن نتأكد من أنه يتصل في سنده إلى الرسول فإذا استقام تسلسل الرواة وجب علينا التسليم بصحة الحديث ما دمنا مؤمنين بقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى)، وذكر الشيخ في حديث له بجريدة الأخبار أن العالم الألماني بريفالدو من جامعة هامل اكتشف في عام 1871 أن الذباب يحمل في إحدى جناحيه نوعا من الفطريات استخلص منها نوع من المضادات الحيوية تقضى على أنواع من البكتريا الضارة، وعلق على ذلك أحد أساتذة الطب بقصر العيني بأن هذا الرأي نقلا عن كتب دينية وليست كتبا طبية، وأنه رغم مرور أكثر من قرن لا نعرف أن المانيا او غيرها من دول إسلامية او غير ذلك استخلصت نوعا من المضادات الحيوية من الذباب، ولم يدلل أحد على أن الذباب يحمل مضادات حيوية بعدد الأمراض التي ينقلها، ومعلوم أن لكل مرض المضاد الحيوي الذي يناسبه، وعلى هذا الكلام ما يزال العلماء يحذرون من أمراض متعددة ينقلها الذباب رد الشيخ على ذلك «حسب كل مسلم أن يفهم أن هذا الحديث ورد في أصح كتاب بعد كتاب الله (صحيح البخاري).

"تراجع الحكيم وإدريس"
وإزاء هذا التراشق طالب الشيخ بعقد ندوة في التليفزيون مع توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكى نجيب محمود لمناقشة ما كتبوه وقال: لكي اكشف للناس ما نشروه من أفكار خاطئة عن الدين، ليرد عليهم بالحجة ليعرف كل إنسان قدره. «ولا يصبح دين الله نهبا مباحا لكل من يريد أن يتعدى على مقدساته ويشوهه أمام الناس تاركا الحكم لجموع المسلمين وقال وإذا كان لديهم ذرة حق فليأتوا، وليكن النقاش أمام الناس جميعا، وأنا في انتظارهم وطبعا لم يتقدم أحد لهذه المبارزة العلنية، تطورت الامور الى حد تكفير يوسف ادريس والحكيم وزكى نجيب محمود من قبل أنصار التيار الديني حيث خصص أبو إسحاق الحوينى جزءا من خطبته ينتقد فيها رواية الشهيد، حيث وصفها أنها رواية كافرة لكاتب لا يعرف التوفيق ولا الحكمة.
وتكررت المسألة مع الشيخ عبد الحميد كشك حين علق على مداخلة إذاعية للحكيم واتهمه فيها بالضلال و«العبط».
الغريب أن توفيق الحكيم بكل تاريخه الكبير لم توجه له مثل تلك الاتهامات بهذه الفجاجة، إلا في الفترة التي شهدت ما سمي بالصحوة الإسلامية في منتصف السبعينات. ربما لو طال عمر توفيق الحكيم لسمعنا عن قضية ردة طالته هو، إلا أن صاحب عودة الوعي مات قبل أن يشهد بداية عصر اضمحلال الوعي

الاهرام ترد وتقفل الموضوع والنقاش وتقول في صدر صفحتها الأولى التالي:
"في الأسابيع الماضية ظل الحكيم في حالة مناجاة علوية للذات العلية، وبكل القدسية والخشوع، وبكل إيمان المجتهدين تكلم عن النفس وعن حركة الكون وعن قدرة الله الذي ليس كمثله شيء. كان في قمة مناجاة الحضرة العلية، وكان عملاقا في رؤيته لحركة الحياة وفلسفة الإيمان. كان سهلا ممتنعا في كل ما تناوله في خشوع وخضوع لله، كان شامخًا في فكره وإيمانه..
وسيظل الأهرام الحصن الحصين لحماية المبادئ الروحية والدينية، ويدفع عنها أي محاولة للشك والتشكيك، وإذا كان الحكيم في عمق تفكيره وفى صفاء إيمانه قد جسد الشموخ الفكري في مناجاته للذات العلية، وتعرض لما تعرضت له حرية الرأي التي كانت عماد الفلسفة الإسلامية في حركة التنوير، فإن الأهرام لن يسمح بأن يكون نافذة أو منبرًا لأى إرهاب فكرى يدعى لنفسه حقا إلهيا، في مصادرة فكر أو تفكير صاحبه.."
وأمام الحجة القوية للشيخ وضغط الرأي العام المؤيد للشيخ تراجع توفيق الحكيم وقام بتغيير عنوان مقالاته من «حديث مع الله» إلى «حديث إلى الله» ثم غير العنوان مرة أخرى ليصبح «حديث إلى نفسي». واعتذر الثلاثة للشيخ، وكتب يوسف إدريس في الأهرام تحت عنوان «توضيح عاجل واعتذار» أن ما نشر هو بالتأكيد خطأ فنى مطبعي سقط إصلاحه سهوا بحسن نية، وأنا لا يمكن أن أتولى بنفسي أي تجريح لشخصية عظيمة كشخصية الشيخ الشعراوي، وكنت قد صححت الجملة في البروفات، ولكن التصحيح لم ينفذ مما جعل الفقرة تبدو هجوما غير معقول أن يصدر منى تجاه الشيخ الذى أكن له - رغم الفوارق الفكرية - أعمق آيات الود والتقدير والحب والاحترام، وأنا - حتى في قمة خلافي معه - حين اتهمنا فضيلته بالكفر أنا والأستاذين الجليلين توفيق الحكيم وزكى نجيب ردت عليه ردا كان عنوانه "عفوا يا مولانا"
ومن جانبه قال الشيخ: أنا لم أرم أحدا بالضلال أو الإضلال، ولا بالارتداد أو بالكفر، وصفة الضلال مقصود بها ما قاله الحكيم وليس المقصود الحكيم ذاته
الخلاصة !!!!!!!
هذه هي نوعية المعارك الثقافية التي كانت تدار في العصر الجميل لم نرها الأن واعتقد أننا لن نراها بسبب اختفاء البيئة الثقافية وللأسف اقولها غياب الأنسان المثقف في هذا القرن لأن من سمات هذا المثقف انطلاقه من بيئته ليكون نموذجاً منها وفيها متكامل الهوية متوازن التوجه بين الأصالة والتجديد ، دون أن يكون هذا المفهوم حكراً على فئات معينة أو أشخاص معينين ، فالثقافة ترتدي ثوب الشمولية لتعم كافة المجتمع ابتداءً بعالم الدين وانتهاءً بأصغر فرد فيها ، ولذا فالفكرة الخاطئة وليدة الجهل بالثقافة عن أنها بديل عن أمر آخر هي مجرد وهم و حيثُ أن الثقافة التي لا تستمد من بيئتها هي صور مموهة ولذا دعوني في النهاية أطرح سؤال هام
ماذا لو ان "يوسف إدريس وزكى نجيب محمود وتوفيق الحكيم وشيخنا الجليل محمد متولي الشعراوي كانوا موجدين بيننا الأن ويرونا المحنة التي يمر بها الوطن هل كانوا سيجاهدون كل هذه الطوفان من الأكاذيب والافتراءات على التاريخ والدين هل سوف يصمتون ويتركون الحلبة لضعاف النفوس والمأجورين ولو حاول أحد منا أن يبحث عن قضية هامة وقد تكون مفيدة في الإعلام المصري لن نجد للأسف الامن رحم ربى فللحقيقة وجوة كثيرة وللناس وجوة أكثر ...فوجوههم قد تعكس بعض الحقيقة ولكنها لا تعكس الحقيقة كاملا فلماذا إذن نحتاج الى مبدعين ومفكرين وعلماء إذا كنا نملك الحقيقة الكاملة ؟؟؟ من المهم أن نفكر ونبتكر ونتطور وألا نلغي عقولنا كي نحاول الوصول إلى الحقيقة –إن استطعنا – لكي نشعر بأدمتينا ووجودنا وتطورنا حتى لا ينتصر علينا جهلاء عدم معرفة الحقيقة!! غفر الله ما تقدم من ذنب وما تأخر لهؤلاء من يعتبرون أنفسهم علماء ببواطن الأمور وأن كانوا هم من الجهلاء
خُلاصةُ الكلام: اللهُمَّ إنَّا لا نسألُك ردَّ القضاء، ولكن نسألُك اللطف فيه.
اللهم لُطفك بالبلاد ورُحماك بالعباد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.