قال ماجد عثمان، مدير مركز "بصيرة" لبحوث الرأي العام، إن مفهوم العدالة الاجتماعية طرح نفسه في ثورة 25 يناير وأبرزته أحداث عدة خاصة ثورة 2013. وأضاف عثمان، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن العدالة الاجتماعية شعار فضفاض ولا يوجد توافق على مضمونه ومعنوياته ومحدداته ومتطلباته خاصة وأن هناك اتفاقًا على مفاهيم الإنصاف والعدل وغيرها. وأكد أن هناك فجوات عديدة بمصر تظهر في الفجوات الاجتماعية خاصة في الثروة والدخل وما بين الريف والحضر والطبقات المجتمعية والتعليم. وأشار إلى أنه يتوجب النظر لخمس فجوات تبرز فى المجتمع المصري، وأولها الفجوة في الدخل بين أفقر 20 بالمائة وأغنى 20 بالمائة في مصر وفجوة محل الإقامة "المناطق العشوائية" وفجوة الأجيال وفجوة محل الإقامة والفجوة الجسمانية وفجوة النوع الاجتماعي. وأوضح عثمان، أنه في بعض الأحيان يتولد تفاعل بين الفجوات خاصة عندما يكون الشخص تتجمع فيه أكثر من فجوة مما يستدعى وضع المواطن في موقف حياتي صعب. وتساءل عثمان، هل يتم التعامل مع الفجوات بالتسكين أم بالتمكين، مشيرًا إلى أن التعامل مع الفجوات بالتمكين أثبت فاعليته وهى مهمة فى سياسة الدولة. وأكد أن الحراك الاجتماعي في مصر تراجع فى الخمسين عامًا الأخيرة، وعليه صعب أن نخرج طه حسين آخر في ظل حرمان المجتمع المصرى من طفرات قادمة وفرص عدة في تطور الحراك الاجتماعي، مطالبًا باستعادة الحراك الاجتماعي وتطويره بما يتواكب مع العدالة التصحيحية حتى يتسنى القضاء على عدم المساواة واسع الانتشار. وألمح إلى أن مقياس العدالة الاجتماعية في مصر يتطلب تطبيق مؤشر عدم المساواة الذى استحدثته تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأممالمتحدة حديثًا، والذي يحدد قيمة الخسائر لعدم المساواة لدى الدول مما يحدد تأثير ذلك على اقتصاديات الدول. وأشار إلى أن وضع مصر فى عدم المساواة بلغ 69 بالمائة مما يسبب خسائر اقتصادية بنسبة 24 بالمائة ككل للدولة المصرية . وكشف عن أن عدم المساواة فى الدول العربية مؤشراتها متوسطة في ذلك ومصر أعلى الدول عربيًا فى معدلات عدم المساواة والمترتب عليه خسائر اقتصادية. وأكد أن عدم المساواة فى مصر يؤثر على التعليم بنسبة 41 بالمائة وفى الدخل بنسبة 14 بالمائة وعلى الصحة بنسبة 13 بالمائة مما يشير إلى أنه أبرزها المزعج هو التعليم. وكشف عن أن عدد سكان مصر يساوى عدد سكان دول فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وعدد سكانهم يساوى عدد سكان مصر 3 مرات وهذا في حد ذاته يظهر فشل محدادات. وكشف عن أن السيسى يتحدث عن العدالة الاجتماعية أكثر من أي رئيس سابق ولكن هناك فقدانًا لوجهة ومحددات التنفيذ وتطبيق منظومة للعدالة الاجتماعية، يأتي فى ظل عدم وجود كيانات مؤسسية لدى الدولة أو البرلمان لتحقيق العدالة الاجتماعية وتطبيق منظومة وحزمة سياسيات للمتابعة والتقييم وبرامج لمحاربة الفساد فى المؤسسات وتوفير المعلومة للجميع . ونوه إلى أن عدد الفصول التعليمية فى مصر 400 ألف فصل والتكلفة 250 ألف جنيه، ونحتاج ل100 مليار جنيه؛ لتقليل الكثافة وتطوير التعليم خاصة وأننا مقبلون على كارثة في مجال التعليم لعدم الإنفاق على التعليم لشراء الياميش مما أضاع حق التعليم على ملايين الأطفال المصريين. وأشار إلى أن القيم السائدة في مصر تكرس الطبقية ومن ثم فإن الجانب الثقافي شديد الأهمية وعليه فإن جانبًا مهمًا من غياب العدالة الاجتماعية يرتبط بالتنمية المستدامة. وأشار إلى أن برنامج الأممالمتحدة الإجمالي الخاص بالتنمية البشرية لعام 2014 أوضح أن مصر تخسر نسبة 24% من معدل التنمية البشرية الخاص بها بسبب تأثير عدم المساواة، في مقابل دول أخرى تخسر 5% فقط مثل النرويج، وأن عدم المساواة يؤثر على المكونات الثلاثة للتنمية البشرية؛ وهي التعليم والصحة والدخل بشكل متفاوت؛ حيث يؤدي عدم المساواة إلى خفض دليل التنمية البشرية بمقدار 22.8 %، لافتًا إلى أن تأثير عدم المساواة في مصر على التعليم بلغ نسبة 41% مقابل 13 % للصحة و14% للدخل، في دليل التنمية البشرية الفرعي، وأن 36% من المواطنين غير راضين عن مستوى التعليم في مصر و33% غير راضين عن نوعية الرعاية الصحية. وأضاف "عثمان" أن دليل التنمية البشرية لمصر بلغ 69 % عام 2014، واحتلت مصر الترتيب 108 بين187 دولة، وهو دليل مركب يقيس متوسط الإنجازات في ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية البشرية؛ هي: الحياة المديدة والصحية، والمعرفة، والمستوى المعيشي اللائق، وأن دليل التنمية البشرية المعدل بعامل عدم المساواة في الأبعاد الثلاث الأساسية، يقل عن دليل التنمية البشرية كلما زادت حدة عدم المساواة، وفي عام 2014 بلغت قيمة هذا المؤشر في مصر 52.4 %، أي بانخفاض قدره 24 % عن دليل التنمية البشرية الأصلي. وأكد أن مستقبل العدالة الاجتماعية في مصر لا يتحقق إلا بتفعيل الحراك الاجتماعي الذي يتسم بالحيوية ويعتمد على الجدارة والتمكين المعرفي، والحماية الاجتماعية والاقتصادية للفئات المستضعفة والمعرضة للخطر، والتمكين القانوني والسياسي للفئات الأضعف في المجتمع، وتخفيف حدة التفاوت في الثروات والدخول، والقضاء على الأعراف الاجتماعية والثقافية التي ترسخ التمييز.