وفى عام 1876 م أفلست مصر وأصبحت ضحيه سهله للسيطرة الاجنبية حيث ان الجاليات الأجنبيه والبنوك الأجنبيه أتصلت بحكوماتها فى الخارج وكانت اكثر الاموال المقترضه من الاموال الانجليزية والفرنسية وطالبت هذه الجاليات والبنوك تدخل حكوماتهن لضمان الاموال التى اقترضتها الحكومه والخديوى بالاضافه الى الاموال التى اقترضها الفلاحين المصريين انفسهم من بيوت الرهن العقارى التى غذت مصر فى هذه الفترة . وقد كان الافلاس نتيجة طبيعية لاسراف الخديوى فى الاقتراض والانفاق ببذخ ولفداحة شروط الاقتراض ولم تعد مالية مصر قادرة على الوفاء بما عليها لسداد اقساط الفوائد والقروض وأكتمل المخطط الذى وقعت فيه مصر باغرائها بالاقتراض وبدت كثمرة طابت لقطفها . كيف تطورت عملية النهب ان من يتعرض بالدراسة للوسائل التى اتخذها الاجانب معبرا للوصول الى أغراضهم يجد أنها كانت تتسم بالعمق المقترن بالحقد والجشع الذين ازدادا على طول الايام مرارة وضراوة ، وتلك كانت طبيعة الأوربيين ومسلكهم مع مصر منذ زمن طويل فهم يتربصون بمصر مترقبين الفرصة المواتية للانقضاض عليها ، فاذا لم تواتهم الفرصة عمدوا الى خلقها والاستفادة منها ، وقد كانت الديون الاجنبية رأس الحربة التى طعن بها الاستعمار مصر . ولم يكن احد من الدائنين يرغب فى خروج اسماعيل من الدين ذلك ان عملية اقراضه قد اثبتت انها عملية مربحة وفوق ذلك فقد كانت هناك ارباح اخرى اضافية تأتى من العمولات على طلبات الشراء من الخارج والاستيراد والتى لم يكن ممكنا ان تستمر الا اذا كان اسماعيل والخزانة المصرية يتلقيان المال باستمرار من القروض كما ان تجمع ما كان يسمى بالمالية العليا فى باريس قد تأمر رسميا على سلب الخديوى فكان يظهر فى اليلة الواحدة كما يظهر النبات الدنئ مصارف مفتعلة طنانة الاسماء كالمصرف الانجليزى المصرى والمصرف الفرنسى المصرى وغير ذلك وغرضها الوحيد اغراء الخديوى بعقد قروض جديدة فاحشة الربا وهكذا كان دخول البنوك الى مصر والتعامل بالفائدة الربوية نذير شؤم على مصر ادى الى افلاسها وخرابها وتسليمها فى نهاية الامر الى الاحتلال . والنتيجة انه فى الفترة بين 1863 (السنة التى اعتلى فيها اسماعيل الحكم) وبين سنة 1876 ( وهى اخر سنة احتفظ فيها اسماعيل بسلطة حقيقة على مالية البلاد ) قدر ماوصل فعلا الى الخزانة من القروض بحوالى 32 مليون جنيها ، فى حين كانت قيمة هذه القروض على الورق 53 مليون (اى ان القيمة الاسمية للقروض تقدر ب53 مليون بينما مادخل البلد قدر ب 32 مليون ) والفرق بين هذين المبلغين كان يذهب مصاريف خصم وعمولات ، وطوال الثلاثة عشر عاما (بين 1863 وحتى 1876 ) كانت الفائدة واقساط الدين تحسب على اساس القيمة الاسمية ودفع مبلغ 35 مليون جنيه ، اى اكثر من كل ماحصلته الخزانة من القروض ، . التدخل الاجنبى الصريح فى سياسة البلاد و تقارير اللجان الدولية وصندوق الدين . نتج عن هذا الارتباك الذى سببته الديون الخارجية والديون السائرة بشكل خاص ،ظروف التدخل الاجنبى السافر وتصاعد التدخل السياسى ترسيخا وتطويرا للنتائج التى احدثها غزو القروض ، وفى هذه الفترة التاريخية المحددة ، كان التدخل السياسى لايواجه فقط ببقايا مقاومة مصرية ، ولكن ايضا بعقبة التناقض الانجلو فرنسى والتسارع بين فرنساوانجلترا على مصر . المهم ان التدخل لفرض الهيمنه الشامله بدأ ببعثة كيف الانجليزى (بعد صفقة قناة السويس ) وكان الخديوى اسماعيل تحت ضغط الاختناقات المتلاحقة – قد طلب من الحكومة البريطانية اعارة خبيرين (يشرفان على الدخل والخرج خاضعين لارشاد ناظر المالية واوامره ويكون احدهما على الاقل وتعاقبت اللجان الفرنسية والانجليزية على مصر وتوالت تقاريرها التى تعلن التدخل المباشر والصريح فى سياسة مصر وادارتها مثل لجنة جوشن (مندوبا عن انجلترا) وجوبير (مندوبا عن فرنسا ) ومهدت القوى الاستعمارية لتدخلها الرسمى فى ادارة البلاد وتعيين وزيرين فى الحكومه المصريه احدهما انجليزى والاخر فرنسى مهدت ذلك بقتل اسماعيل المفتش وزير مالية الخديوى اسماعيل الذى كان يقف عقبه امام شروطهم وتقارير لجانهم وجاءت بعميلها ورجل الاستعمار الاول نوبار باشا الارمنى الاصل الذى تولى رئاسة الوزارة المختلطه التى كانت تضم لاول مره وزيرين اجنبيين فى الحكومه احدهما فرنسى واالاخر انجليزى لكى يشرفا على ادارة مالية البلاد ويشرفا على الدخل والخرج ويقررا ما يجب انفاقه وما لايجب
وكان دخول الوزيرين الاجنبيين قد جاء عن طريق لجنة التحقيق الدولية التى جاءت لدراسة النظام المالي فى مصر وكان رئيسها الفعلى ويلسون (ممثلا لانجلترا ) واصدرت تقريرها الاولى الى اسماعيل فى اغسطس 1878 وقبل الخديو التقرير رغم كونه مهين ووافق على اشتراك ويلسون فى وزارة نوبار بوصفه وزيرا للمالية ودى بلنبير (الفرنسى ) وزيرا للاشغال ، واعلن التقرير النهائى للجنة التحقيق الدولية ابريل 1879 وقد قام بناؤه على ان مصر اصبحت مفلسة وانها دخلت مرحلة الافلاس منذ 1876 وهكذا كانت دعاوى القوى الاستعماريه فالامر بدأ بارسال البنوك الاجنبيه وبيوت الاقراض والرهن ثم افتتاح الشركات الاجنبيه حتى اذا ما تضخمت الديون ارسلت اللجان واعدت التقارير التى تطالب الاصلاح السياسى والاقتصادى ومقاومة احتكار الخديوى للسلطة واقناعه بالتخلى جزئيا عن سلطاته لرئيس مجلس النظار واستعملت فى هذا المنصب عملائها