أبدى خبراء سياسيون غضبهم واستياءهم الشديد من تصالح الدولة مع المتورطين في قضية فساد القمح، التي سقط نتيجتها وزير التموين خالد حنفي، وعدد من المسئولين عن صوامع القمح، معتبرين أخذ الدولة الأموال والإفراج عنهم، بابًا من أبواب التشجيع على الفساد. وأمرت نيابة الأموال العامة، بإخلاء سبيل رأفت نصير، مالك صوامع "بنكر العائلة" بضمان مالى قدره 500 ألف جنيه، واستمرار حبس المتهم إبراهيم حطب، مالك صوامع (الريف الأوروبي) لمدة 15 يومًا احتياطيًا على ذمة التحقيقات التي تجريها نيابة الأموال العامة العليا في قضية التلاعب في توريد الأقماح التي تضم عددًا من المتهمين، لحين استكمال المبالغ المالية المستحقة للشركة العامة. وكان نصير، قد سدد كل المبالغ المالية التى كشفت التحقيقات أنه استولى عليها بدون وجه حق، والتى بلغت قيمتها نحو 77 مليون جنيه، فضلاً عما أكدته تحقيقات النيابة من تقدمه بالضمانات المالية الكافية التى تضمن كل الحقوق المالية للشركة العامة للصوامع. واعتبر الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، "حصول الدولة على أموال من المتورطين في قضية فساد القمح والإفراج عن المتهمين دون تطبيق عقوبة الفساد والاختلاس عليهم، هو الفساد بعينه"، مشيرًا إلى وجوب تطبيق القانون على كل من تسببوا في إتلاف المال العام. وأضاف نافعة ل "المصريون"، أن هذا تشجيع واضح وصريح للمفسدين على الاستمرار في فسادهم، موضحا أن هذا المنطق الغريب من الدولة سبق وأن تعاملت به مع رجل الأعمال حسين سالم ومَن على شاكلته. وأشار إلى أن التصالح يسول لمن يمد يده على المال العام، إذا انكشف أمره أن يدفع الأموال للدولة، واصفًا ذلك بأنه تغاضٍ عن أبسط قواعد القانون من محاكمة المتورطين في الفساد واسترداد الأموال. وتابع: "لا يعفى السارق من جريمته حتى لو سلم كل أمواله وعلى هؤلاء أن يتقدموا بتقارير براءة للذمة المالية حتى يتم تحديد مصيرهم". من جانبه، قال أحمد أبو زيد، وكيل مجلس النواب السابق وزعيم الأغلبية، إن تصالح الدولة بوساطة النيابة العامة مع بعض المتورطين في قضايا فساد القمح يفتح باب الفساد على مصراعيه. وأضاف ل"المصريون"، أن هذه ليست الواقعة الأولى التي يتم فيها التصالح بين الفاسدين والدولة دونما عمل أي حساب للمواطن المصري، الذي يدفع ضريبته من جيبه الخاص. وأشار إلى أن الحكومة سبق وتصالحت مع الكثير من الفاسدين مقابل دفع الأموال التي تم نهبها منها، موضحًا أنه لا يجوز التنازل عن السرقة إلا في حالة الابن مع أبيه، فكيف تتنازل الدولة عن حق مواطنيها؟ وتابع: "محدش عارف اتجاه البلد إيه، ولا إيه الصفقات دي اللي بيتم عقدها بين الحكومة والفاسدين، واحد دفع 70 مليون جنيه كفالة دي حاجة لوحدها تخلينا نعرف هو ثروته كام".