قال خبراء إستراتيجيون وسياسيون، إن مصر لديها من الوسائل ما يمكن أن يمثل أدوات ضغط على الولاياتالمتحدة إثر تهديدات الأخيرة بقطع المعونة العسكرية عن مصر، على خلفية التحقيقات فى قضية "التمويل الأجنبى غير المشروع"، لبعض المنظمات المصرية، ومن بينها تقوية العلاقات مع قوى دولية وإقليمية، مثل الصين وروسيا، والتهديد بإلغاء اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل. وقال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكرى والاستراتيجى: "إن مصر لديها العديد من الوسائل للضغط على أمريكا، ومنها تقوية العلاقات المصرية بدول الجوار مثل تركيا وإيران، واستخدام ملف العلاقات مع إسرائيل للضغط على الولاياتالمتحدةالأمريكية، فأمريكا تخشى من توتر العلاقات المصرية الإسرائيلية". واستطرد: "إن زيارة واحدة رسمية من مصر إلى موسكو أو بكين، تكفى للضغط على أمريكا وإرهابها". واعتبر مسلم أن قناة السويس لا يمكن استخدامها فى الضغط على أمريكا كما يظن بعض الناس، وقال إنه لا يمكن إغلاق قناة السويس أمام أمريكا أو غيرها إلا فى حالة الحرب. وتابع: "يمكن استخدام وسائل أخرى للضغط مثل تعزيز العلاقات المصرية بحركة حماس، وهو ما سيرهب أمريكا وإسرائيل". واعتبر مسلم أن زيارة رئيس الأركان الأمريكى لمصر جاءت فى محاولة لتحسين العلاقات المصرية الأمريكية وإزالة الشوائب بينهما لأن أمريكا تعلم قدر مصر وما يمكن أن تفعله مصر فى المنطقة . وفى السياق ذاته، قال اللواء عبد المنعم كاطو، الخبير الاستراتيجى: "إن من مصلحة العالم وعلى رأسه أمريكا تأمين قناة السويس التى تتحكم فيها مصر". أشار كاطو إلى أن مصر يمكنها أن تضغط على أمريكا باتفاقية السلام التى بينها وبين إسرائيل التى تضمنها أمريكا، لأن توتر العلاقات بين مصر وإسرائيل سيضر بمصالح واشنطن فى المنطقة، كما أن أمريكا لها مصالح فى الخليج وأمن الخليج لا ينفصل عن الأمن القومى المصرى. وتابع: "لا يجب إغفال الأمن الأوروبى فمصر تقع جنوب البحر المتوسط وهى حلقة الوصل بين أوروبا وإفريقيا وأى قلق فى مصر يهدد الأسطول الثالث والمصالح الأوروبية على الفور". وأوضح أن أمريكا مرت بتجربة قاسية مع مصر بعد ثورة 1952 وتحديدا فى عام 1955عندما قطعت أمريكا العلاقات مع مصر وقطعت المعونات عنها ففتحت مصر باب إفريقيا وآسيا على مصراعيه أمام الاتحاد السوفيتى، وهو ما أضر أمريكا كثيرا، مشيرا إلى أن روسيا لها الآن نفس الرغبة فى التوسع وبدأت تتعافى وتسترد قوتها هى والصين التى ترغب فى التمدد وليس من مصلحة أمريكا خسارة مصر لأن هذا سيكرر سيناريو 1955. وبالنسبة للمعونات الأمريكية لمصر، رأى اللواء كاطو أن حجم المعونات الأمريكية لمصر بما فيها العسكرية والمدنية الذى لا يتجاوز المليار والنصف هو مبلغ صغير جدا يمكن لمصر أن تعوضه بسهولة إذا اجتهدت قليلا، وحينها تقول لأمريكا لا نحتاج إلى معوناتك وهو ما تعلمه أمريكا يقينًا. وقال إن مصر دولة كبيرة، لديها العشرات من الوسائل للضغط على أمريكا من دون اللجوء إلى تقوية العلاقات مع إيران أو حماس، فمصر كما قيل أيام السادات هى صاحبة قرار السلم والحرب فى المنطقة بأسرها، وأمريكا ستسعى جاهدة على ألا تخسر العلاقة مع مصر. من جهته، قال مجدى حسين، رئيس حزب "العمل": "إن مصر لا تحتاج ورق ضغط على أمريكا لأن الخاسر سيكون أمريكا بفقدها عنصر مهم مثل مصر، كما أن تخلى مصر عن 2 مليار دولار ليس بالأمر الصعب، فمصر تملك موارد هائلة مثل قناة السويس والبترول، وتستطيع أن تستغنى عن أى معونة بسهولة، لكنه أشار إلى أن هذه الموارد مهدرة، فمصر تحتاج إلى أن تستقل وتعتمد على نفسها بشكل جدى أكثر من الآن. وقال حسين إنه يجب على مصر عدم السماح بالتدخل فى شئونها الداخلية، من أى جهة، وتحت أى مسمى، معتقدا أن كل ما يرعب أمريكا هو أن تتعاون مصر مع الدول العربية لأنها بهذا التعاون وبهذه الموارد التى تمتلكها ستكون مصر أقوى دولة فى العالم وينتهى الاحتلال الاقتصادى الأمريكى. ومن جانبها، أيدت الدكتورة عليا المهدى، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، الرأى القائل إن ما يرعب أمريكا هو أن تصبح لمصر علاقات متوازنة بين دول مثل تركيا وإيران، بالإضافة إلى بعض الدول العربية، كما أكدت على أن بناء علاقات قوية مصرية مع فلسطين ومحاولة إتمام المصالحة الفلسطينية بوساطة مصرية سيكون ورقة ضغط كبيرة، فمصر بدورها الاستراتيجى تمثل ضغطًا على أمريكا.