في الجزء الثالث من حواره مع رؤساء تحرير الصحف الحكومية، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: "أنا رهن إرادة الشعب المصري، ولو كانت إرادة المصريين هي أن أخوض انتخابات الرئاسة مرة أخرى، سأفعل ذلك". بقى عامان وهي مدة ليست بالقصيرة على الانتخابات الرئاسية 2018، فما الذي حمل الرئيس على أن يتحدث في هذا الموضوع الآن! ليس بوسع أحد أن يتلقى هذا الكلام، بدون أن يبدي قلقه على "الهيئة" التي ستبدو عليها مصر، عندما يحين الاستحقاق الرئاسي بعد أقل من عامين من الآن، خاصة أن البعض يتشكك في إجراء الانتخابات أصلاً، وأنه ربما تؤجل، إلى أجل غير مسمى تحت أية ذريعة، قياسًا إلى تجربة الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حتى طُرح سؤال بالغ الخطورة: مَن يضمن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها؟! ناهيك عن الشكوك في نزاهتها إذا حدثت.. في ظل الإعلام التعبوي الذي يحشد للرئيس، وظهور حركات "مجهولة" لتمرير السيسي لفترة رئاسية ثانية بجمع التوقيعات وليس بالانتخابات. ولنتأمل كلام الرئيس، خاصة ما يتعلق منه بشرط الترشح، حين رهنه ب"إرادة الشعب المصري".. أي أنه سيعلق قراره إلى أن يتبين له تلك "الإرادة"!.. غير أن السؤال يبقى كاشفًا، لتفاصيل قد لا تكون في صالح "نوايا" الرئيس، بشأن أداة الاحتفاظ بالسلطة لأربع سنوات أخرى.. إذ كيف ستتبين له "إرادة المصريين" التي ستشجعه على الترشح مجددا؟!.. وبأي طريقة؟!.. استطلاعات رأي مثلاً أم بجمع التوقيعات على طريقة حركة تمرد؟! وإذا أخذنا في الاعتبار، أن كلام الرئيس، يأتي بالتزامن، مع ظهور حركات تشبه "تمرد" تقوم بجمع التوقيعات، ليس لترشح الرئيس، وإنما لمد فترة وجوده في السلطة لثماني سنوات وليس أربع، فإنه يتعين على أي مراقب أن يتحسس شكوكه وهواجسه، ويتوقع السيناريو الأسوأ والمسيء في المجمل، لسمعة النظام والدولة.. إذ يبقى وجود أجهزة أمنية وراء مثل هذه الحركات، هو الاحتمال الأقوى، بكل إكسسواراته.. وربما يطرح سؤالاً يبحث عما هو أبعد من دور الأجهزة.. وما إذا كان الرئيس يعرف ذلك وراضيًا عنه. يعزز ذلك، حملات التعريض بكل منافس محتمل للسيسي.. بلغت من الهوس حد، اعتبار طرح البدائل في انتخابات 2018، "مؤامرة ممنهجة" ضد الرئيس!! .. وهي الحملة التي تخدم على فكرة "المد" بدون انتخابات.. وإذا حدثت الأخيرة، فيفضل أن تكون أقرب إلى الاستفتاء على شخص واحد، وهو السيسي بدون منافسين. كل ما يصدر من جانب السلطة وتجلياتها والمعبرين عنها في الإعلام والصحافة، يشير إلى أن السيسي قد يبقى في السلطة فترة ثانية، بانتخابات أو بدون انتخابات، وسيترك مسئولية تحديد وترسيم "التخريجة" لأصحاب المواهب.. غير أن رحم الغيب السياسي، عادة ما يكون ممتلئًا بالمفاجآت.. والمرجح أن تأتي على عكس ما تشتهي السلطة وترتب له من الآن. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.