البرلمان ناقش ووافق بشكل مبدئي علي مشروع قانون فرض ضرائب علي المصريين العاملين بالخارج ، والحديث الذي دار في البرلمان لخص مستواه المتواضع النائب فايز أبو خضرة عضو لجنة القوى العاملة بالمجلس وقال دى حاجة طبيعية جدا، ويجب على المغترب المساهمة في اقتصاد بلده، وتمني لو كانت الضريبة أكبر من كده عشان دول ناس بيقبضوا كتير علي حد زعمه، وكلام النائب يلخص المناقشة التي دارت داخل البرلمان ، حفلة نق من غير خمسه وخميسه علي المصريين بالخارج ، والمنطق اللي فكرت بيه الحكومة والبرلمان تجاه المصريين بالخارج هو منطق اعتبار المواطن زبون يجب أن يدفع مقابل ما يحصده من خدمات يعني اللي يتكلم في التليفون يدفع واللي يستقبل المكالمة يدفع، ولما لم تكن هناك خدمات فلم يبقي إلا منطق الإتاوات ، أو الفريسة أو الوليمة ، الحكومة بتتعامل مع المصريين بالخارج باعتبارهم فريسة أو وليمه وكل إمكانياتهم وقدراتهم إللي يقدروا يساعدوا بيها اقتصاد بلدهم من وجهة نظر الحكومة والبرلمان أنهم بيقبضوا كتير ، وبالتالي يتحول المصريون بالخارج وفق نظرة الحكومة إلي جيب أو محفظة يجب أن تفتح، وبالتالي تقدمت الحكومة بمشروع لتقنين فتح جيوب المصريين بالخارج بعد استنفاذ جيوب المصريين بالداخل وكل حجة الحكومة أنهم ناس بيقبضوا كتير ،أما حجتهم إنهم لازم يساعدوا اقتصاد بلادهم فهو كلام مهم ولكنه لازم يكون مبني علي أسس علمية سليمة ومحترمة ، فمنطق الإتاوات يقوم علي النظر الي الجيوب فقط أما منطق الاحترام فيقوم علي التفكير في كيفية استثمار تلك العقول التي اكتسبت مهارات ومعارف وخبرات في كل المجالات تقريبا ، منطق يقوم علي استثمار طاقات جبارة تستطيع العمل في ظل ظروف شديدة السؤ بالغة التعقيد ولمدد تتجاوز العشر ساعات يوميا وربما يزيد ، منطق يقوم علي جذب طاقات الشباب الإبداعية التي استطاعت أن تشق الصخر بأظافرها وتخلق لنفسها فرص عمل وتميز في مجتمعات مختلفة ، شباب استطاع التعايش والتأقلم وحقق نجاحات وأوجد لنفسه مساحات في سوق عمل لا يعتمد إلا علي الكفاءة والتنافسية ، شباب تقدم وارتقي بدون وساطات ولا محسوبيات ، منطق يقوم علي الاستفادة من كبار أساتذة الطاقة والمياه والاقتصاد وغيرها من المصريين العاملين بالخارج للمساهمة في حل الأزمات التي لا تنتهي ، الحكومة لا تري شباب المصريين بالخارج ولديهم خبرات جبارة في مجالات تقييم الأسواق العالمية والفرص الواعدة داخليا وخارجيا وكيفية استثمارها وتري فقط كيفية استخراج مائة جنيه أو مئتين جنيه من جيوبهم ، ويجري التفكير علي قدم وساق من أجل الإجابة عن السؤال الألمعي هل نفرض الأتاوه علي رأس المغترب وحده أم علي رؤوس من يعولهم أيضا – يبقي علي الراس ميت جنيه – منطق الراس يا ساده هو منطق التفكير السائد ، منطق النظر الي الجيوب لا الي العقول ، الحكومة تنظر الي المغترب نظرة الصياد إلي فريسته ، لا تري من المغترب إلا أوقات أجازاته ،عيشة كريمة وسيارة تنقله ، لم تري المغترب وهو يغادر بلده في العشرينات من عمره يواجه كل صعوبات الحياة دفقة واحدة فالطعام مرة واحدة إن وجدوا السكن الجماعي الذي يبتعد عن الآدمية ، والاضطرار إلي المبيت في الشوارع فترات طويلة ، والعمل في أعمال لا تتناسب مع مؤهلاته هي السمة الغالبة في بداية الاغتراب ، والتعالي غير المحدود من أرباب العمل والكفلاء ، كلها تحديات وضغوطات تعرض لها غالبية المغتربين قبل استقرارهم وإثبا ت جدارتهم وقدرتهم علي الترقي والارتقاء ،الحكومة لا تري من المغترب نشأة أبنائه دون عائلة أو أصدقاء لا تري منه مشاعرة المدفونة تجاه أم لا يراها وأب لا يشرب من معينه ، ولكن الصياد لا يري من فريسته إلا حسن ظاهرها ، والحكومة لا تري من المغترب إلا جيبه .