يخطىء من يتصور أن القضية التى استحوذت على اهتمام الكثيرين طوال الأيام الماضية والخاصة بإقامة د. خالد حنفى وزير التموين فى جناح خاص بفندق سميراميس بتكلفة يومية تصل الى 594 دولارًاً أى ما يزيد على ال 17 ألف دولار شهرياً قضية بسيطة أو شخصية . وفى تصورى الخاص أن هذه القضية لها أبعاد كبيرة وخطيرة على كافة الأصعدة ليس لأنها تخص خالد حنفى كشخص بل لكونها تتعلق بوزير حالى فى الحكومة . وبحسبة بسيطة نجد أن حنفى منذ أن تولى منصبه الوزارى فى 24 فبراير عام 2014 فى عهد حكومة ابراهيم محلب قد أنفق ما يزيد على 510 ألف دولار حتى الآن ( أترك لكم حسابها بالجنيه المصرى ) , واذا قارنا ما أنفقه الوزير على الإقامة فقط بما يحصل عليه الوزير فى مصر نجد أن هناك فارقا رهيباً يتجاوز ال 12 ألف دولار شهرياً . وهنا أتوقف أممام قضية خطيرة تتعلق برواتب الوزراء فى مصر , فمنذ عدة أشهر فجر عضو مجلس علماء مصر الدكتور عماد مهنا أزمة كبيرة عندما قال، إن رواتب بعض الوزراء في مصر تصل إلى ثلاثة ملايين جنيه شهرياً مؤكداً أن الأزمة ليست فيما تعلنه الحكومة عن الرواتب الأساسية لوزرائها، بل تكمن الأزمة في البدلات والمكافآت التي لا يتم إدراجها في كشوف الإنفاق الرسمي للحكومة.
وفى رده على هذه التصريحات الصادرة عن عضو مجلس علماء مصر الذى تم تجميد عضويته عقب هذا التصريح , قال المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء السفير حسام القاويش : إن ما تردد بشأن أن رواتب الوزراء تبلغ 3 ملايين جنيه شهريًّا، عار تمامًا من الصحة، ومبني على غير سند من الحقيقة، وأن الحكومة ملتزمة دستوريًّا بمبدأ تكافؤ الفرص، وتحقيق التوزيع العادل لعوائد التنمية، وكذلك ملتزمة قانونيًّا بمحددات الحد الأقصى للأجور، والتي لا تتجاوز 42 ألف جنيه شهريًّا , وأوضح القاويش، في بيان رسمى له ، أن الوزير يحصل على إجمالي دخل من وزارته ومن مجلس الوزراء، لا يتجاوز 42 ألف جنيه شهريًّا. وهنا نتساءل : اذا كان مرتب الوزير كنا أعلن القاويش لا يزيد عن 42 ألف جنيه شهرياً فمن أين يأتى خالد حنفى بكل هذه الأموال للإقامة فى جناح خاص بفندق سميراميس ؟ ومن أين له بالإنفاق على أسرته خاصة أن بيان الوزارة الرسمى أكد أن الوزير حاصل على أجازة من عمله كأستاذ جامعى ولا يتقاضى أجراً أخر حالياً غير عمله كوزير فى الحكومة ؟ واذا كان مرتب الوزير كما قال مهنا يصل إلى ثلاثة ملايين جنيه فلماذا لا تتم إعادة النظر فيها وبحث هذه القضية التى تتعلق بالوزراء وكبار المسئولين فى مختلف الوزارات والقطاعات ؟ . فى هذا السياق , استفزتنى المداخلة التى أجراها حنفى مع أحمد موسى فى قناة صدى البلد والتى قال فيها : أن إقامته في الفندق أمر شخصي لا يحق لأحد أن يناقشه فيه، وليس مضطرًا لتعريف الناس عن حقيقة إنفاق أمواله.. وأضاف "لم أسعَ لاستغلال منصبي للإنفاق على إقامتي في الفندق"، مشيرًا إلى أن محاولة إثارة الحقد بين المواطنين والمسئولين أسلوب يهدم ولا يبني . كما استفزنى أيضاً تصريح محمود دياب، المتحدث باسم وزارة التموين، والذى قال فيه إن الدكتور خالد حنفي وزير التموين يقيم في فندق سميراميس على نفقته الخاصة وليس هناك ما يثبت أنها على نفقة الدولة، مضيفا أن إنفاق الوزير 7 ملايين جنيه على إقامته في الفندق «ده رقم عادي». وأضاف "دياب" قائلاً إن ما يحدث ليس في صالح مصر ويهدد استقرار الوطن وسلامة أمنه ونهضته". ورداً على تصريحات الوزير ودياب أقول : إن الكلام عن مثل هذه الموضوعات ليست أموراً شخصية أو انتهاك لحرمات الحياة الخاصة كما تزعمون , فالقضية أكبر وأخطر مما تقولون , فعندما يتعلق الأمر بوزارة لها الكثير من التعاملات مع عدد ليس بالقليل من رجال الأعمال يجب أن نتوقف لنسألكم ونحاسبكم ؟ ويكفى ما حدث فى عمليات التوريد الوهمية للقمح والتى كشفت عنها تحقيقات النيابة العامة ولجنة تقصى لحقائق التى شكلها مجلس النواب والتى بلغ حجم الإهدار للمال العام فيها ما يزيد على ال 7 مليارات جنيه ؟ . وعندما يتعلق الأمر بإهدار 2 مليار جنيه يتم منحها لأصحاب المطاحن بدون أى عائد للخزانة العامة للدولة يجب أن نتوقف لنسالكم ونحاسبكم ؟ .. ولمن لا يعلم تفاصيل هذه القضية الأخيرة نشير إلى أن البلاغ رقم 1744 لسنة 2016 والذى أحيل إلى نيابة الأموال العامة العليا كشف عن تستر وزير التموين على قرار معيب بترك النخالة للمطاحن مقابل أجرة طحن القمح، حيث يحصل أصحاب المطاحن على 180 كيلو نخالة تمثل مخرجات طحن طن القمح تباع ب540 جنيها فى الوقت الذى تبلغ فيه تكلفة طحن طن القمح الرسمية 205 جنيهات ويحصل أصحاب المطاحن على فروق تزيد عن 335 جنيها فى كل طن. وكشف البلاغ أن وزارة التموين تستهلك فى المتوسط 9 ملايين طن قمح يستخرج منها 18% نخالة بإجمالى الكمية 1.6 مليون طن تنتج من القمح التموينى المخصص لإنتاج رغيف الخبز وتترك التموين النخالة مقابل أجرة الطحن على أساس أن متوسط سعر طن النخالة سيظل فى حدود 1500 جنيه وعندما ارتفعت الأسعار إلى 3 آلاف جنيه للطن لم تحاسب المطاحن على الفروق، وتركتها لهم ليصل ما يتحصلون عليه مليارى جنيه من بيع النخالة بضعف أسعارها.
ولأن القضية شائكة ومتشعبة فسوف نواصل الحديث عن الكثير من الملفات الشائكة والمثيرة للجدل التى فجرتها هذه القضية فى مقالات آخرى .