الراقصة تجيد استخدام لغة الاتصال الجسدى: العين والحاجب والأنف والوسط والبطن والفخذين، إلى جانب إجادتها للغات الاتصال الأخرى الصوتية واللغوية على طريقتها طبعا ، وللخيال المبدع الحق فى التصور كيف تستخدم الراقصة جوارحها وتنغيماتها فى تحقيق مآربها مع «الزبائن» بغرض الحصول على بغيتها التى قد لا يعرفها معظمهم إلا بعد أن يتحرروا من حبائل اللعوب. الراقصة تعرض شرفها إلى من يدفع أكثر، ولا يمكن أن تتعرض لولى نعمتها بسوء أمامه أو من وراء ظهره، فلا تشير إليه بسوء خلال عروض الخلاعة والمجون التى تبثها عبر شاشات «الكباريه» التى تعمل فيه أو صفحات «التواليت» التى تقضى فيه حاجتها، لا يمكن أن تتعرض له بسوء بأى شكل من الأشكال وإن حرّض الغرب علينا عسكريا، وإن فتح نوافذ مصر الاتصالية للموساد لتحصل على ماتريد من أسرارنا، وإن سخر من قيمنا وعاداتنا الاجتماعية والدينية وأعلن محاربته لها، حتى وإن سبّ ديننا على الملأ وهو شبه سكران، لا شك أن هذه أمور لا تزعج راقصة بل تسعدها. الراقصة تزعم أنها حرة وهى تأكل بثدييها وفخذيها، وإذا ما حاولت التشكيك فى كون أن الحرة لا تكون أبدا راقصة والراقصة لا تكون أبدا حرة، فلا تنتظر إلا شرا مستطيرا وعداء لا يعرف إلا أخلاق «المومسات». الراقصة ترقص لمن يدفع وحول من يدفع ولو كان عميلا، فى حين ترقص فوق من يمنع أو يعادى من يدفع وتحمل على من تقبض ثمن التحامل عليه وإن كان ملاكا، وتتودد إلى من تقبض ثمن التودد إليه وإن كان شيطانا، وليس لديها مانع أن تُستأجر لوصلة «ردح» اليوم لمن أقامت له رقصة «مدح» بالأمس، ولديها القدر الكافى من «البجاحة» لفعل ذلك وتبريره بالإضافة إلى رمى الشرفاء بما فيها وليس فيهم. الراقصة تستمد قوتها من بيئة «الكباريه» وقيمها من قيمه، فهى بالقياس إلى قيم «الكباريهات» «فنانة» أو «مبدعة» أو «برنسيسة» أو « خبيرة اهتزاز » أما بالقياس إلى المجتمع خارجها فهى مجرد عاهرة تأكل بثدييها، وهى داخل منظومة «الكباريه» كل شىء أما خارجه فالأمر مختلف، لا تأييد ولا احترام بل الاحتقار والتهميش؛ ولذلك دائما ما تحاول بمساندة صبيانها من أعضاء ورموز مجتمع «الكباريهات» قرنى وأعوانه من أعضاء جماعة: الحق فى التعرى ومكافحة الاحتشام، أن تنقل أخلاقها وقيمها إن صح أن لها قيم إلى المجتمع الخارجى وتحاول أن تجعلها هى السائدة، فبدلا من تغيير قيم«الكباريه» لتتوافق مع قيم المجتمع السائدة، يحدث العكس، تحاول الراقصة هى والطبالون والزمّارون و«القرنية »دعم سيادة قيم «الكباريه» ورموزه ورواده على قلتهم ومحدودية قدراتهم فى حين تمارس قمع قيم ورموز ورواد المجتمع الأصيل الكاسح. والراقصة لها دين هو عين مزاجها وهواها؛ هى تزعم أنها أعرف من العارف بالله بدين الله! وأكثر جرأة فى التحدث باسمه؛ ذلك لأن «ربنا رب قلوب»، وقلبها أبيض وصدرها أبيض لذلك ليس لديها حرج من تعريته، ولا تندهش إذا جرى على لسانها هى وصبيانها بعض الآيات أو الأحاديث، وهى كثيرة الذكر لله: الحمد لله ربنا وفقنى «للكباريه» المناسب فى الوقت المناسب، ولأن ربنا «بيحبنى» حققت نجومية فى مجال الرقص، وبفضل الله حصلت على جائزة أفضل رقصة وأفضل راقصة فى أكثر «الكباريهات» شهرة، وبفضل الله عملت أقوى مشهد «sex» فى السينما العربية، ولا تنسى باستمرار أن تذكر الناس أنها تحفظ القرآن لأبنائها على يد كبار المقرئين! الراقصة تكيف لنفسها إلها وفق مهنتها وتستدعى منه الأوامر التى تحلل أفعالها الحرام، لا تحاول ولاتفكر إلا من تاب الله عليها أو عليهن لا أن تتكيف هى وفق أوامر خالقها، فالإله عند الراقصة يشبه آلهة الوثنيين يخترعونه بأهوائهم ثم يصنعونه بأيديهم ثم يأكلونه بأفواههم، ليس لها خالق تستحيى منه لأنّها هى التى تُفَصّل على مقاسها من خلقها؛ وهى تقبل أن يفتى فى دين الله كل عاهر وعاهرة، أما أن يفتى فى الدين أهله فتلك بالنسبة لها من علامات الساعة. وهى تجتهد هى وصبيانها فى فصل الدين الصحيح عن حياة الناس، لأن فى سيادة الدين الصحيح فناءها وفناء «الكباريه» التى تجد فيه نفسها والتى تحلل لنفسها فى عالمه كل ما حرمه الله، ففى حين تكيف هى والسفهاء دينا يتوافق مع أهوائها وأهوائهم، يحاولون بكل ما أوتوا من صفاقة وفجور تشويه وعزل صبغة الله وفطرته عن فطرة الناس. الراقصة ضعيفة الشخصية دنيئة الطبع، لا تجرؤ أن ترفع عينها فى وجه من يشبعها أو يقمعها وإن كان أكثر خلق الله دونية، فى حين تمتلئ لؤما وخسة فى مواجهة من يدرك حقيقتها أو من يذكرها مجرد وجوده بحقيقتها، وإن كان أكثر خلق الله مروءة وتقوى وورعًا طالما اطمأنت أنه لن يلحقها منه أذى. الراقصة لديها كفاءة الحرباء على التحول والتلون وفى أسرع وقت على مزاج صاحب «الكباريه»، حيث لا يتطلب ذلك أكثر من الوقت التى تستغرقه المسافة بين «كباريه» وآخر فى شارع الهرم أو شارع الصحافة أو مدينة الإنتاج الإعلامى. هذا عن الراقصة، فماذا عن النّصاب، العقل عقل راقصة والوجدان وجدان راقصة والسلوك يتوافق مع سلوك الراقصة إلا أن المهنة المزعومة ليست مهنة الراقصة؛ لذلك فالراقصة الأصلية قد تكون أكثر وضوحا من ذلك النّصّاب لأنها تمارس مهنتها عارية أمام زبائن «الكباريه»، فكل زبائنها يعرفون أنها راقصة وهى لا تخفى عليهم أنها راقصة فقط تتجمل بلفظ فنانة أو «خبيرة اهتزاز» أو مبعوثة الأممالمتحدة لإنقاذ فن «شفط البطن ونفخها» من الاندثار، لكنها عند اللزوم والحق يقال لاتجد حرجا ولا يمنعها حياؤها أن تضع الأمور فى نصابها الصحيح وتصرخ فى وجهك بحسم لا لبس فيه: يا حبيبى أنا «رقّاصة»!، أمّا هو فيزعم أنه رئيس تحرير مثلا أو مخرج أو مقدم برامج أو محام أو ناشط فى مجال حقوق الإنسان أو خبير سياسى، إلى آخر عباءات النصب والتدليس والاحتيال على إخفاء المهنة الحقيقة؛ ولن يعجز عند محاصرته أن يصرخ فى وجهك على طريقة الراقصة بقوله: ياحبيبى أنا «مبدع»! ياحبيبى أنا «مناضل» !. مع الاحتفاظ لكل شريف ولكل مبدع حقيقى ولكل مناضل صادق ممن ينتمى إلى تلك المجالات المهنية بوافر الاحترام والتقدير. وبمناسبة النصب والنّصّابين قيل إن مديرا أراد أن يكشف عن بعض النّصّابين ممن يعملون فى مؤسسته، فجمع كل الموظفين فى حفل كبير وقال لهم: إنَّ من رحمة الله علينا أنه ميز النّصّاب بشعرة فأر جبلى أبيض تنبت فى إحدى راحتيه فسارع بعضهم فى هلع بفحص كفيه!. إن أعضاء جماعة «الإعلام الأعور» و«الإبداع الأحول» و«التوك توك شوز» (قل عددهم وساء أثرهم) فى أمس الحاجة إلى فحص ضمائرهم لإزالة تلك الشعرة. الحرية هى الحل [email protected]