كشف تامر وجيه - الباحث السياسي - عدة مفاجآت عن أزمة الدولار ، مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصري حقق معدلًا ضخمًا من النمو ، لكن هذا النمو لا يصب في جيب المواطن لعدة أسباب . وقال "وجيه" في تدوينة عبر حسابه الشخصي ب"فيس بوك": " معلومة ناس كتير من المعارضة لا تشير إليها، وهي إن معدل نمو الاقتصاد المصري السنة اللي فاتت (2014/2015) تجاوز ال4% حسب أرقام البنك الدولي، وده يعتبر حوالي ضعف معدل النمو المتحقق خلال السنوات من 2011 وحتى 2014. يعني بتعبير آخر: الاقتصاد حقق طفرة نمو السنة اللي فاتت، وهو ما جعل البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى يشيدوا بإدارة الاقتصاد المصري (ولكن يطالبوا بإجراءات أخرى من وجهة نظرهم مهمة لتدعيم الطفرة وزيادتها)" .. مضيفًا: "إيه اللي حقق طفرة النمو دي؟ جزء كبير منها جاي من استثمار مباشر أو موجه من الدولة (دولة السيسي) في مشاريع كبرى زي قناة السويس (الجديدة) وزي بناء وتوسيع محطات الكهربا (الاتفاق مع سيمينز الألمانية)، وزي شبكة الطرق والكباري اللي شغالين في عملها وتوسيعها، وخلافه .. جزء تاني جاي من فورة نشاط عقاري متركز في بناء قرى سياحية جديدة ومدن وفيلات جديدة إلخ. جزء تالت جاي من نمو صناعي حصل فيه طفرة مهولة مقارنة بالسنوات الأسبق (معدل نمو النشاط الصناعي كان السنة اللي فاتت حوالي 9% مقارنة بأرقام هزيلة تماما في السنوات الأسبق". وأضاف: "إذن فالنمو الكبير نسبيا - مقارنة بتباطؤ السنوات الأسبق - كان سببه بدرجة كبيرة تدخل حكومي باستثمارات مهولة في مشروعات كبرى، وده جر وراه نشاط خاص، من الباطن، في مقاولات تنفيذ المشروعات الحكومية. الدولة مولت استثماراتها المهولة بالديون الخارجية والمحلية، ووصلت أرقام الديون لنسب فلكية" .. مضيفًا : "الفكرة أنه كان المفروض الاستثمار الواسع ده من جانب الحكومة ينعكس في تنشيط الاقتصاد كله، وزيادة الاستثمار بشكل مستدام، وتخفيض البطالة، وزيادة الضرايب، يعني ينعكس في تدوير العجلة، وبالتالي الديون تتم تسويتها بسهولة من خلال الدخل اللي جاي للدولة بسبب التنشيط، خصوصا إن الدولة كمان بتعمل سياسة تقشف في الموازنة وبتقلل الدعم وكل المصاريف اللي هي شايفة - من وجهة نظر مفاهيم النيوليبرالية والسوق الحر - أنها بتشوه توازنات السوق". و أردف: "اللي حصل السنة دي هو مؤشرات تباطؤ في الاقتصاد وأزمة طاحنة في الدولار أدت إلى تخفيض الجنيه في مارس اللي فات، مع وجود سوق سوداء للدولار الفجوة بينها وبين السوق الرسمية بقت مهولة وغير مسبوقة. وده سببه ممكن نلخصه في إن الدائرة ما بتتقفلش .. يعني إيه الدائرة ما بتتقفلش؟ يعني المفروض إن النمو الكبير نسبيا ده - اللي هو سلع وخدمات زيادة - يلاقي طلب عليه ودخل ناتج عنه. لكن ده مش حاصل. زيادة معدلات النمو المفروض تنعكس في إننا بنبيع أكتر جوه وبره: بنصدر أكتر، وبنبيع محليا أكتر. اللي حاصل إننا مش عارفين. السياحة (اللي ممكن نعتبرها تصدير، وتصدير مهم جدا، لأن دخلها مصدر للعملة الصعبة) تعبانة ومتراجعة. معدلات الاستهلاك المحلي لا تواكب النمو خالص (يعني السوق المحلي مش بيتسع) وده طبعا بسبب إن النمو اللي حاصل انعكاسه على الأجور محدود وعلى التشغيل مش كبير (يعني عندنا الكعكة بتزيد لكن حصة أصحاب الأجور فيها بتزيد بمعدل أقل بكتير)". واستدرك: "الخلاصة إن ده نمو مش مستدام لأن الدائرة مش بتقفل. وهو طبيعته كده لأنه نمو حاصل في قطاعات وبطريقة مش بتنشط الاستهلاك المحلي ولا بتزود التصدير بما فيه الكفاية. منظور غبي للتنمية. لأن (كينز) لما نصح الدولة الرأسمالية أثناء الأزمة إنها تستثمر حتى لو في حاجات ملهاش قيمة، كان قصده إن الاستثمار ده هيخللي الناس في إيدها فلوس فتشتري بيها، فيزيد الطلب، فينشط الاقتصاد كله. لكن لما الدولة تعمل استثمارات متجيبش النتيجة دي - وتعملها بديون كبيرة - بتبقى النتيجة هي زيادة الضغط على الميزانية وعلى العملة بشكل مدمر". وتابع: أزمة الدولار جزء منها سببه زيادة الطلب على الدولار بسبب احتياج الاستثمارات الكبيرة لاستيراد مكن ومواد وسيطة إلخ، وجزء منها سببه إن شح الدولار خلق بيئة مضاربة خللت الكل ماسك الدولار ومش عايز يبيعه انتظارا لقفزة أخرى - متوقعة - في الأسعار. وده بيساهم مساهمة أصيلة في رفع الأسعار، بحيث إن الفلوس اللي في إيدين الناس تبقى ملهاش قيمة، والاستهلاك نموه يبقى تافه" .. مشيرًا إلى أن "كل ده بيحصل في لحظة مؤشرات الأزمة العالمية بتزيد فيها، يعني مفيش مكان للتصدير، ولا لتصريف السلع في الخارج. والسبب إن المنطق الحاكم للسلطة الحالية هو منطق فنكوش قناة السويس: خدمات تصديرية في لحظة تباطؤ عالمي مع إعطاء الأولوية لكبح عجز الموازنة والتحرير على حساب التشغيل اللي هو ممكن يكون سبب تنشيط السوق الداخلي" .. مستدركًا: "طول ما إنت بتخلي ثمرة النمو تقع بس في إيدين الرأسمالي ومش في إيدين أصحاب الأجور، طول ما الدائرة هتفضل مقفولة. وده من وجهة نظر اقتصاديات الرأسمالية نفسها وفق معطيات اللحظة اللي إحنا عايشينها" حسب وصفه.