تركز إسرائيل جهودها نحو القارة الإفريقية، سعيًا لاكتساب ساحة نفوذ سياسي، من خلال تقديم الدعم والمساعدات لدول القارة الفقيرة, مستغلة تراجع دور مصر على مدار عقود. وقال دبلوماسي سابق وخبير سياسي، إن "إسرائيل استطاعت أن تتغلغل داخل العمق الإفريقي خلال الفترة الماضية، في ظل غياب الدور المصري, متوقعين أن يتبدل هذا الدور بعد محادثات الرئيس عبدالفتاح السيسي مع قادة الدول الأفريقية وعلى رأسها إثيوبيا خلال مشاركته في مؤتمر الاستثمار برواندا. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قام بجولة أفريقية التقى خلالها عددًا من رؤساء الدول، تبعها مشاركة السيسي في مؤتمر الاستثمار الأفريقي في رواندا، والذي حرص خلاله على عقد لقاءات ثنائية مع زعماء الدول الأفريقية. قال الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "إسرائيل في العهد الناصري كانت تتسلل إلى إفريقيا ومنذ أن أبرم الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية السلام معها تراجع دور مصر في دعم وتنمية الدول الإفريقية، فيما عملت إسرائيل على تقوية علاقاتها وفتح أسواق اقتصادية لها مستغلة نقص التعليم والخبرة والإمكانيات". وأضاف ل"المصريون": "إسرائيل أصبحت ملجأ لجميع دول إفريقيا خاصة بعد أن لجأت حكوماتها إلى إرسال قوات الحرس الجمهوري لتلقي التدريبات العسكرية ودراسة الخطط الاستراتيجية هناك، إلى جانب الدعم المادي الذي تقدمه إسرائيل حتى أصبحت علاقاتها مع الدول الإفريقية هي الأساس، ومن يريد أن يدخل أفريقيا من دول الخليج يذهب عبر بوابة إسرائيل". وأوضح أن "العلاقات الدولية تدار بأوراق ومصادقات وليست بالزيارات لاسيما وأن زيارة السيسي لرواندا ولقاءه الودي مع عدد من رؤساء الدول الأفريقية لن يفيد بشيء في مسألة تعاونهم مع إسرائيل والذي بات واضحًا من علاقتها مع إثيوبيا ودعمها لبناء السد". وتساءل الأشعل: "ماذا فعلت مصر وهي منسحبة تمامًا من أفريقيا، فإذا كانت قيادة مصر خائفة فعليها أن تعيد حساباتها مع دول حوض النيل، لأن هذا الانسحاب يثير الشكوك والتساؤلات". وأضاف: "إذا أراد السيسي أن يعرف لماذا بعدت مصر عن إفريقيا فعليه الرجوع إلى مستشاريه المتخصصين في الشأن الأفريقي بدلاً من تواجدهم كالمتفرج على الأزمة". من جهته، أوضح بهاء الدين محمد، الباحث في العلاقات الدولية, أن "جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإفريقيا جاءت قبيل انعقاد القمة الأفريقية في رواندا من أجل أن يوطد علاقاته مع الزعماء الأفارقة، وخاصة دول حوض النيل من أجل فتح مجال للحركة داخل القارة الأفريقية والسيطرة على العديد من المصادر الاستراتيجية في القارة واستخدامها في العلاقات الدولية مع دول المنطقة الكبرى, وما تم في مساعدته لإثيوبيا في بناء السد بعد علاقات طيبة دامت منذ سنوات". وقال "زيارة نتنياهو حفزت الجانب المصري على المشاركة وبقوة في المؤتمر الاستثماري الذي انعقد في رواندا بحضور رؤساء الدول الأفريقية, من أجل محاولة عودة العلاقات القديمة والسيطرة على تغلغل الإسرائيليين في شريان أفريقيا". وتابع: "إسرائيل تسعى للتغلغل داخل الدول المحيطة بمصر سواء كانت عربية أو أفريقية من أجل تعزيز تواجدها في المنطقة وخلق نفوذ تستطيع من خلاله تحقيق مصالحها بطريقة دبلوماسية وأكثر حرفية". وأضاف "أن زيارة نتنياهو للدول الأفريقية أثارت التكهنات حول شكل الدور المرتقب لإسرائيل في الأزمات بين الدول الأفريقية وعلى رأسها أزمة سد النهضة، والتي سيكون لها تأثير سلبي كبير على واقع المصريين والدول المحيطة بها، خاصة أنها دول مصب وليست منبع". وتعجب من عدم طرح إسرائيل حتى الآن أفكارها أو مبادرات بشأن أزمة بناء سد النهضة رغم كونها ضالعة في إنشائها وترغب في الاستفادة منه سياسية في مواجهة مصر.