بحكم علاقاتى السياسية والثقافية والأكاديمية المنتشرة بمساحة ما من هذه الأسرة الصغيرة التى جمعها عالم التكنولوجيا والاتصالات، شاروتني صديقة من استراليا عن تنظيم جولة لوفد لمصر فكنت متحمسًا جدًا حبًا فى إنعاش الأوضاع المصرية السياحية التى تعتبر عماد الاقتصاد المصرى، ووسيلة التحدى التى تجعل من مصر تواجه كل ما يحدث من مؤامرات حولها خارجيًا وداخليًا، فكنت أكثر تفاؤلا بأن مصر عائدة، عائدة لدفئها وحياتها واستقرارها، لأن بها شعب عاشق لها،وأمة من حولها تحبها،كونها الشقيقة الأكبر. وحرصًا على مصر حجمنا عن الكتابة عما يحدث بمصر،من أحداث ومتفرقات كل مؤشراتها كانت توحى بأن مصر قادمة على كارثة، وقادمة على مجهول لا يعلم مصيره أحد وسط صمت واسترخاء من بعض القوى السياسية والأمنية فى مصر، وهى حالة ربما متشعبة الأسباب والأدوار،فرضتها العديد من الظروف والمتغيرات المحيطة بمصر وبعالمنا العربى غير المستقر سياسيًا واجتماعيًا تجاوز حالة التغيير وما يصاحبها من أحداث وتقلبات. أمام ظل هذه الحالة وفجأة وبلا مقدمات كان يوم بكت فيه العيون والقلب بحرارة عما يحدث لشباب هو مستقبل مصر،وأملها يُقتل بلا أدنى ذنب سوى أنه مصرى،لن أقول هنا أهلاوى أو زملكاوى أو بورسعيدى أو إسماعيلاوى، لا قُتل لأنه مصرى، ولأنه من طلائع الثورة التى حاولت أن تأخذ مصر إلى واحة الحرية والديمقراطية، وتقود مصر إلى دورها الطليعى فكانت الحلقة متواصلة متصلة، ليست بعيدة أو مفصولة عما يحدث بمصر عامة،بل كان لها العديد من المقدمات خلال الأشهر الماضية، وأكثر المتفائلين كان ينتظر كارثة فى مصر،لكن لم تكن متوقعة بذلك الإجرام،وهذا الحقد الغريب الذى أغل الصدور بأن تمتد الأيادى لقتل شاب صغير باسم للحياة وللمستقبل. ماذا حدث؟ عند العودة ليوم الأربعاء الأسود الذى شهده ملعب بورسعيد المدينة الباسلة التى تحدت العدوان الثلاثى ووقفت سدًا منيعًا أمام أعداء مصر وردتهم على أعقابهم مهزومين مذلولين،فإن المشهد لم يعبّر عن شىء مفاجئ بل كانت مقدماته واضحة ومعلنة سلفًا،وكل المؤشرات كانت تؤكد ذلك حتى اللحظة الأخيرة من أحداث أربعاء الجريمة فوق البساط الأخضر،استهدفت كل مقومات مصر ومستقبلها وخيرة شبابها وأمنها،وكينونتها كدولة وكشعب،وكذلك النيل من مصر الكبيرة وشعبها وشبابها الذى قاد ثورة تحدث عنها كل العالم ووقف منبهرًا أمامها،مستنبطًا منها العِبّر والوسائل للحرية الفعلية الصادقة. " عظيمة يا مصر" بشعبك وبشبابك وبكل ما فيك،وهذه العظمة ليست عبارة نرددها بلحظة عاطفية أو لمجرد تعاطفنا مع الشباب المصرى بل هى عبارة جسدها الشعب المصرى عبر حضارة ممتدة بالتاريخ،وتضحيات قدمها المجتمع المصرى بكل فئاته وشرائحة عبر مسيرة ممتدة بالمسيرة الإنسانية.