فى ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم نعيش هذه الكلمات الرقيقة المعبرة، وهذا الحوار الزوجى الشفوق؛ والذى ورد عنه صلى الله عليه وسلم؛ والذى يؤرخ لحادثة تعتبر مولداً ثانياً له صلى الله عليه وسلم ومولداً للبشرية كلها؛ وذلك عندما رأى الملك فى غار حراء للمرة الأولى؛ فرجع (رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره؛ حتى دخل على خديجة فقال: "زملونى، زملونى!". أى غطونى؛ فزملوه حتى ذهب عنه الروع والفزع. ثم قال لخديجة: أى خديجة ما لى؟!. وأخبرها الخبر، قال: "لقد خشيت على نفسى!". قالت له خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً؛ والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق". [متفق عليه] بشرى للمستثمرين: ولنتأمل هذه المصارحة الرقيقة المؤثرة: "لقد خشيت على نفسى!". وتأمل ردها رضوان الله عليها: (كلا، أبشر؛ فوالله لا يخزيك الله أبداً). بهذه البشرى وبهذا القسم القوى؛ يكون التأكيد على القناعة الثابتة بالأمان والنجاة من الخزى، وليكن على ثقة ويقين ثابت؛ بأن سبحانه لن يذله، ولن يهينه، ولن يضيعه، ولن يفضحه!. ما معنى الرصيد الاستثمارى الاجتماعى؟!: وهو حساب استثمارى فى بنك الخير ينشئه وينميه المرء؛ فى مسيرة حياته؛ عنده سبحانه، ثم عند الناس، والخلائق جميعاً!. وسيرى بعونه تعالى ثمراته فى حياته؛ فى نفسه وفى أهله وأولاده وفى ماله؛ وعند مماته، وبعد مماته، وعند لقاء ربه!. الخضر ويوسف عليهما السلام يؤكدان: وكذلك كان سلوك الخضر عليه السلام؛ ودرسه العظيم إلى تلميذه موسى عليهما السلام: "فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ". [الكهف 77] فاختلط بالناس وقضى حوائجهم؛ دون أن يمنعه ما فعله هؤلاء القوم اللئام البخلاء؛ فهدم الجدار الآيل إلى السقوط وبناه ودون مقابل. وسلوك يوسف عليه السلام مع السجينين وإخوته؛ فشهدوا جميعاً له: "إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ". [يوسف 36 و78] أما مع السجينين؛ فكان يعود المرضى ويداويهم، ويعزى الحزانى، ويعين المحتاجين. ومع إخوته كان من العادلين المنصفين غير المنتقمين. فلمن وكيف ننشر دوائر الخير؟: والتى أبرزتها خديجة رضى الله عنها وهى: 1-لمن نقدم الخير؟: (1) بالنسبة للنسب: الأقارب والأجانب. (2) بالنسبة لنوعية البشر: للقادر وغير القادر. 2-كيف أو بأى طريقة نقدم هذا الرصيد؟: فبالبدن وبالمال. وماذا عن المجالات الستة للرصيد الاجتماعى؟: وهى تلك الأقوال والأعمال والسلوكيات التى وصفته بها خديجة رضى الله عنها. المجال الأول: تصل الرحم: أى تكرم القرابة وتواسيهم؛ وهى الرحمة والإحسان إلى الأقارب؛ وهى الدائرة الأولى. فكيف نحقق هذا الركن عملياً ونستثمره فى رصيدنا؟! 1-الدعاء: فردد: (اللهم اجعلنى من الواصلين لرحمهم). 2-استشعر هذا التهديد: "إن الرحم شجنة من الرحمن؛ فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته". [البخارى] فالرحم شجنة كعروق الشجر المشتبكة، وهى أثر من آثار رحمته تعالى مشتبكة بها فمن قطعها كان منقطعاً من رحمة الله عز وجل ومن وصلها وصلته رحمة الله تعالى. 3- احذر عدم القبول!: "إن أعمال بنى آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة؛ فلا يقبل عمل قاطع رحم". [مسند أحمد] 4- احذر عدم الدخول!: "لا يدخل الجنة قاطع". [البخارى ومسلم] أى قاطع الرحم، واستحله حتى يحاسب ويعاقب. 5- اقطف ثمرة السعة فى الرزق: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". [البخارى ومسلم] 6- اقطف ثمرة البركة والزيادة فى العمر: "صنائع المعروف تقى مصارع السوء، وصدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد فى العمر". [الطبرانى وصحيح الترغيب والترهيب] 7- اطلب الظهير الربانى ... واستمر!؟: عن أبى هريرة: أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لى قرابة أصلهم ويقطعونى، وأحسن إليهم ويسيئون إلى، وأحلُم عنهم ويجهلون على!؟. فقال: لئن كنت كما قلت؛ فكأنما تُسِفّهم المَل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. [مسلم] أى كأنك تطعمهم الرماد الحار. 8- رتب (يوم صلة الأرحام الأسبوعى). مثل: (1) التعرف والسؤال على قريب جديد. (2) حفل الإفطار العائلى. (3) الصدقة. (4) الزكاة. (5) المراسلة. (6) الاتصال الهاتفى. (7) الدعاء لهم. وإلى لقاء آخر لنكمل بقية المجالات بعونه تعالى. د. حمدى شعيب خبير تربوى وعلاقات أسرية زميل الجمعية الكندية لطب الأطفال (CPS) E.Mail: [email protected]