لمدة 40عامًا لم تطأ قدم رئيس الوزراء الإثيوبي، بنيامين نتنياهو، الأراضي الأوغندية، بسبب ما يحمله من ذكريات سيئة، عندما قُتل شقيقه أثناء تحريره لرهائن إسرائيليين احتجزوا في مطار أوغندا على يد جماعة مسلحة؛ لكن المصالح أذابت قسوة المشاهد وآلامها، فكانت أوغندا واحدة من 5 دول يزورها حاليًا. قبل مغادرته تل أبيب إلى أوغندا الاثنين، قال نتنياهو إنه سيبدأ جولته الأفريقية بقمة حول "الإرهاب" في عنتيبي سيعقدها مع رؤساء سبع دول أفريقية، وأكد أن زيارته التي تشمل أيضا إثيوبيا وكينيا ورواندا تحمل في طياتها أهمية كبيرة على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية وتشكل عودة إسرائيلية قوية إلى أفريقيا. واعتبر أن زيارته تعتبر الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي إلى أفريقيا جنوب الصحراء "منذ عشرات السنين". بخلاف أوغندا، يزور نتنياهو كلاً من رواندا وكينيا وإثيوبيا وزامبيا، وتهدف تلك الجولة إلى التضييق على مصر وخنقها مائيا خصوصًا زيارة إثيوبيا، حيث تُعتبر إسرائيل أحد أهم مصادر التمويل والبناء في سد النهضة. فيما تحمل زيارة نتنياهو لكينيا دلالات أخرى، خصوصًا بعد الزيارة التي أجراها سمسون مواثينى رئيس أركان الجيش الكيني إلى القاهرة في أوائل مايو الماضي؛ إذ يسعى لوأد التعاون المصري الكيني في مهده، في ظل وجود قوات عسكرية إسرائيلية تُدرب عناصر كينية بالفعل داخل البلاد. وزار إسرائيل في وقت سابق من هذا العام الرئيس الكيني أوهورو كنياتا. وقالت وزيرة خارجية كينيا أمينة محمد إن الإسرائيليين يواجهون موجة العمليات المسلحة منذ سنوات طويلة، لكن مثل هذه العمليات تعتبر ظاهرة جديدة أمام دولة مثل كينيا. وأضافت أن العلاقات الإسرائيلية الكينية قوية جدًا، والدولتان صديقتان وقادرتان على الاعتماد على بعضهما بعضا، وقد مرا بتجارب قاسية واستطعنا تجاوزها. أما في إثيوبيا، فتملك إسرائيل استثمارات بمليارات الدولار داخل الأراضي الإثيوبية، فيما تتولى شركة إسرائيلية المسؤولة عن إدارة كهرباء سد النهضة، ما يعني أن قضية السد التي تعاني مصر من تبعاتها الآن لن تخلو منها طاولة مفاوضات الجانبيين، إضافة إلى ذلك فإن نتنياهو لن يكون حسن النية مطلقًا في التعامل مع القاهرة، بحسب سياسيين. وقال السفير ناجي الغطريفي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "إسرائيل لم يكن لها دور كبير في سد النهضة الإثيوبي، ومن كان له دور بارز في ذلك هما الصين وإيطاليا"، مؤكدًا أن "القاهرة وتل أبيب تربطهما علاقة قوية حاليًا". وأوضح الغطريفي ل "المصريون"، أن "مصر لا يوجد لديها تشكك في الموقف الإسرائيلي"، معتبرًا أن "توغل إسرائيل في إفريقيا هو نتيجة حتمية لإهمال مصر لها طوال السنوات الماضية.. فنحن من أتحنا الفرصة لإسرائيل لكي تتوغل في إفريقيا". وقال حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، إن إسرائيل لديها إستراتيجية منذ الخمسينيات للتوغل في إفريقيا بهدف حصار العالم العربي، مؤكدًا أن زيارة نتنياهو لإثيوبيا تأتي في سياق توطيد العلاقات بين البلدين. ورفض هريدي في تصريحات إلى "المصريون"، الربط ما بين زيارة نتنياهو لإثيوبيا وسد النهضة، معتبرًا أنه من السابق لأوانه الحديث عن نوايا إسرائيل "غير شريفة"، قائلا: "الجامعة العربية تراقب عن قرب تلك الزيارة، وتنتظر بشغف نتائجها لتقييم الوضع على أرض الواقع". في سياق آخر، حذر خبير المياه بالأمم المتحدة، أحمد الشناوي، من تواجد إسرائيل داخل إثيوبيا ودول حوض النيل، مؤكدًا أن زيارة نتنياهو استهدفت في الأساس دول حوض النيل، ما يعني أن الأمر مرتبط بسد النهضة. وأوضح الشناوي ل "المصريون"، أن "تغييب مصر عن المشهد بهذا الشكل يُفاقم الكارثة الموجودة بالفعل"، مطالبًا بمصر بمتابعة التحرك الإسرائيلي في إفريقيا ورصده ومواجهته.