تزايدت حدة أزمة نقص العملة الأجنبية، واتسع الفارق بين سعر صرف الجنيه في السوقين الرسمية و(السوداء) الموازية. ويقول خبراء اقتصاديون إن إجراء خفض جديد في قيمة الجنيه أصبح أمرا حتميا في السنة المالية الحالية. وتضررت تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر بشدة، بسبب نزوح المستثمرين الأجانب والسياح وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة. وسبب شح الدولارات أضرارا لأنشطة الشركات كما أضر الثقة في الاقتصاد. وخفض البنك قيمة الجنيه 13 في المئة في مارس، لتضييق الفجوة بين سعري الصرف في السوق الرسمية والموازية لكن تلك الخطوة أخفقت في تعزيز السيولة الدولارية وفي تضييق الفجوة أيضا. وهبطت احتياطيات النقد الأجنبي من 36 مليار دولار قبل الثورة إلى نحو 17.5 مليار دولار في مايو ، هذا العام وشهدت مزيدا من التراجع هذا الشهر مع إعادة مصر وديعة بمليار دولار إلى قطر. وقال هاني فرحات الخبير الاقتصادي لدى سي.آي كابيتال "في اعتقادي أن خفض قيمة العملة لابد أن يحدث. "أعتقد أن هذا أمر لا مفر منه للحفاظ على موارد البلاد من النقد الأجنبي والتي تتآكل حاليا كما نرى في صافي الأصول الأجنبية." وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي إن الاحتياطيات ستصل إلى 25 مليار دولار بنهاية العام. ورغم ارتفاع الاحتياطيات قليلا منذ أكتوبر، من العام الماضي يقول مصرفيون إن الحصول على دولارات من النظام المصرفي أصبح أكثر صعوبة. وفي تعليقات نشرتها وسائل إعلام محلية يوم الأحد قال عامر إنه يركز منذ أن تولى مهام منصبه في نوفمبر على مواجهة الركود وتحفيز الاقتصاد مع استهداف سعر صرف مرن للعملة يعكس العرض والطلب. وقال عامر في تصريحات صحفية "كبنك مركزي كان إما أن نحافظ على استقرار الجنيه أو نشغل المصانع" مضيفا أنه لن يكون سعيدا إذا كان سعر الصرف مستقرا لكن المصانع متوقفة. ويقوم البنك المركزي بترشيد احتياطياته الدولارية من خلال مبيعات أسبوعية منتظمة مبقيا الجنيه قويا بشكل مصطنع عند 8.78 جنيه مقابل الدولار لكن تجارا في السوق الموازية قالوا إنهم باعوا دولارات في نطاق 11 جنيها-11.04 جنيه مقابل الدولار يوم الأحد ولم يذكروا أحجاما للتعاملات. ويقول خبراء اقتصاديون إن خفضا آخر في قيمة الجنيه ربما يطلق قفزة في التضخم إذا تم في أوائل السنة المالية وهو مبعث قلق رئيسي في بلد يعيش فيه 90 مليونا من بينهم ملايين الفقراء. وقالت إيمان نجم الخبيرة الاقتصادية لدى برايم القابضة "هناك مصادر أخرى للضغوط التضخمية ولذا فإنهم سينتظرون حتى...نهاية الربع الأول أو أوائل الربع الثاني لإجراء الخفض لإتاحة المجال أمام احتواء الضغوط التضخمية." وقفز التضخم السنوي لأسعار المستهلكين للشهر الثاني في مايو إلى 12.3 في المئة من 10.3 في المئة في أبريل وهو ما دفع البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس في اجتماع لجنته للسياسة النقدية الشهر الماضي. ومن المتوقع أن تتزايد الضغوط التضخمية مع خطة لخفض دعم الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة في السنة المالية الحالية. وقال خبير اقتصادي طلب عدم الكشف عن هويته "هناك دائما تكلفة لأي إصلاح. "لا نستطيع إصلاح جميع الأمور في نفس الوقت. نحتاج إما لإصلاح هيكلي في الاقتصاد أو مجرد الإبقاء على كل شيء في حالة جمود خشية ضغوط تضخمية مرتفعة جدا."