بعد حكم القضاء الإداري اليوم الثلاثاء، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر والسعودية بشأن "تنازل" الأولى عن جزيرتي "تيران وصنافير" للثانية، فإن هناك 4 سيناريوهات محتملة لتداعيات هذا الحكم، بحسب خبيرين مصريين. ووفق الخبيرين فإن السيناريوهات الأربعة هي، الدخول في مفاوضات جديدة بين السعودية ومصر، أو اللجوء للتحكيم الدولي، أو تمرير البرلمان المصري للاتفاقية دون الأخذ في اعتباره أحكام القضاء، أو دعوة البرلمان ذاته لاستفتاء شعبي على الاتفاقية. وقضت محكمة القضاء الإداري (مختصة بالنزاعات الإدارية) بمصر، في وقت سابق اليوم، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية استنادا إلى "بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية مع ما ترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار سيادتها عليهما، وحظر تغيير وضعها بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى". ووفق الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري، فإن "احتمال إلغاء الاتفاقية وكأنها لم تكن، أمر وارد، وذلك إذا لم تقدم الحكومة طعنًا، أو إذا قدمت الطعن ورفضته المحكمة الإدارية العليا (محكمة طعون أعلى)". وأضاف لوكالة "الأناضول" أن "حكم القضاء الإداري واجب النفاذ على الحكومة، وأمامها 60 يومًا للطعن عليه". وفي وقت سابق اليوم، قال المستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية ومجلس النواب في تصريحات صحفية: "ندرس حاليًا أسباب حكم إلغاء اتفاقية تيران وصنافير لاتخاذ إجراءات الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا لطلب وقف تنفيذه ثم إلغائه". وحال إلغاء الاتفاقية، فإن مصر أمامها، 3 سيناريوهات، وفق مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي)، وتتمثل في بدء مفاوضات جديدة مع السعودية، أو لجوء البلدين للتحكيم الدولي، أو تمرير الاتفاقية بمنطوق أن البرلمان سيد قراره (عبارة شهيرة كانت تستخدم إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك يتمسك البرلمان وقتها بها في وجه الأحكام القضائية وأنها ليست لها ولائية عليه). الدستوري جمال جبريل، ذهب أيضا إلى أن الإبقاء على الاتفاقية بين مصر والسعودية، أمر وارد، إذا ألغت المحكمة الإدارية العليا الحكم الصادر اليوم، وبالتالي تطرح الاتفاقية على مجلس النواب (البرلمان) الذي يملك خيار التمرير، أو الدعوة لاستفتاء شعبي على الاتفاقية، كسيناريو رابع مطروح. وتنص المادة 151 من الدستور المصري، على أنه "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة". وتوقع مختار الغباشي، أنه في حال الإبقاء علي الاتفاقية وإلغاء الحكم ببطلانها، سيواجه النظام المصري، أزمات داخلية أبرزها المظاهرات المناهضة، ومزيد من الإحراج للنظام أمام مساحات عريضة تنتقده من الرأي العام. وأضاف غباشي، أن حكم اليوم "محرج لكثيرين ومبطل لدعوات كثيرة تم تسويقها الفترة الأخيرة عقب توقيع الاتفاقية". وكانت الرئاسة عقدت لقاءً موسعًا مع سياسيين ونواب، تحدث فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن سعودية الجزيرتين، عقب توقيع الاتفاقية في 8 أبريل الماضي، كما أصدرت الحكومة وثائق تقرّ بموقف الرئاسة ذاته. وتابع الغباشي: "الأمر سيادي وسياسي، خاصة ومع توقيع الاتفاقية تمت ملاحقة رافضين لها، وقد نرى أن مجلس النواب (أغلبيته مؤيدة للنظام) يتحدث أنه سيد قراره، وأنه منتخب من الشعب وأنه سينظر الاتفاقية وسيقبلها أويرفضها، دون انتظار أحكام". وأردف: "العلاقة بين مصر والسعودية جيدة للغاية، وسيناريو التحكيم الدولي مطروح، وقد تجد فيه الحكومتان المصرية والسعودية مخرجًا للأزمة، أو يبدأ الطرفان مفاوضات جديدة بعيدة عن التحكيم، للبحث عن مخرج آخر يحقق ما سعت له الاتفاقية من تعاون وخلافه". يشار إلى أن مجلس الشورى السعودي قد أقر الاتفاقية بالإجماع في 25أبريل الماضي، فيما لم يصدق عليها البرلمان المصري حتى الآن. وشهدت مصر، في أبريل الماضي، احتجاجًا على الاتفاقية، فيما ردت الحكومة المصرية على الانتقادات، بأن الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعت للإدارة المصرية عام 1967 بعد اتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد إسرائيل.