«لزوال الكعبة أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم» من المسئول؟ يكاد المحللون يجمعون على الفاعل، إنَّهم قوَّاد الثورة المضادة.. وعلى رأسهم هذه المرة فلول النظام من الكرويين المدللين الذين أدمنوا التمسح فى (جزمة) جمال مبارك طوال العقد الأخير على الأقل من الحكم البائد، وعلى وجه التحديد منذ ظهور جمال بيه على الساحة. غرسوا فى شبابنا التعصب غرسًا، واختزلوا قضاياهم المصيرية فى نقطة وثلاث نقاط، وانتقال نجم، وأخطاء تحكيم، وهروب لاعب..إلخ، هذا الهراء الذى لم تُبتل به مصر فى تاريخها إلا وقتما لم يكن لنسائها همٌّ إلا امرأة العزيز وفتاها. الأمن فى بورسعيد مسئول، والعسكر مسئولون، والإعلام الفضائحى عامة - والرياضى منه خاصة- مسئول، والاستديوهات التهويلية التى تسبق المباريات وتعقبها مسئولة، وجبلاية قرود اتحاد الكرة مسئولون، ولابد من محاسبتهم حسابًا عسيرًا، مع عدم الالتفات إلى ما يمكن أن تتخذه (الفيفا) من قرارات بوقف مصر فى الكرة دوليًا، فهو عين ما نأمله فى الظروف الحالية. إلا أنَّه من غير المقبول على الإطلاق القرارات الهزيلة لمجلس الشعب الذى (سقط) بالقاضية فى أول اختبار حقيقى له، كان يجب أن يتجاوز المجلس مهزلة الجدل السخيف حول دستورية قانون مضى عليه أكثر من خمسين سنة، كان يجب أن يستخدم حقه فى التشريع ليسنَّ قوانين تمكنُّه من سحب الثقة من وزير الداخلية، بل ومن الوزارة بأكملها. كان يجب أن تعرض لجنة الدفاع والأمن القومى مشروع دستور بإعادة هيكلة جهاز الشرطة يُصوِّت عليه مجلس الشعب، وتُسند مهمة قيادة جهاز الشرطة وتطهيره إلى أحد القانونيين الشرفاء. كان يجب أن يتخذ المجلس قرارات واضحة وملزمة بشأن نقل المخلوع إلى طرة، وتفريق مجلس قيادة الثورة المضادة كما طلب كثير من الأعضاء حتى بُحَّت أصواتهم، وأنا حقيقة أتعجب أشد العجب، كيف لا يتقدم الأعضاء بمشروع قانون واضح وصريح للتصويت عليه بهذا الصدد حتى نرى من الذى يُعطِّله، أهى أغلبية المجلس، أم أنَّ هناك ضغوطًا تمارس على البرلمان حتى لا تتجاوز تلك الاقتراحات طور (المكلمة)!!! ثمَّ إننا جميعًا مسئولون بإصرارنا على توزيع (صكوك) الشهادة يمنة ويُسرة بإسراف يصل إلى حد (الإسهال) حتى صار الكلّ شهداء!!! إنَّ إطلاق الشهادة ليس حقًّا بشريًّا بالمرة، ولا نستطيع أن نشهد بها إلا لمن شهد له الله ورسوله مع العلم أنَّ الرسول نفسه لا يستطيع أن يشهد لأحد بالشهادة إلا بوحى من الله. وأنا على يقين من أنَّ انحرافنا عن هذه الحقيقة الشرعية الواضحة له دور فيما يحدث، لقد أصبح كل منافحٍ عن قضية - ولو كانت واضحة البطلان والهزلية- يعتقد إنَّه إن مات سيموت شهيدًا. وكلُّ مصاب ولو فى مبارة دومينو على القهوة قد يستطيع الحصول على تعويضات وامتيازات كمصاب ثورة، فلماذا لا (يُجرِّب حظه) لعله يظفر ب (شومة) أو (بونية) فيعيش بقية حياته بطلاً... ثمَّ إنه من السخرية المريرة مساواة من قتيل مباراة بقتيل ثورة، ويا ويل من تُسوِّل له نفسه أن يلعن (سلسفيل) الكرة ، وينادى بالاهتمام بقضية نافعة. إنَّ الصين الدولة الأكثر سكانًا فى العالم لا تُولى كرة القدم معشار ما نفعل، وإنَّ البرازيل – على سبيل المثال – الدولة الأولى كرويًّا تتعامل مع الكرة باعتبارها ثروة قومية واقتصادية، فالكرة وما يتعلق بها من نشاطات تساهم على الأقل بثلث الدخل القومى لها. فلا نحن فى اللعب بلغنا شأن البرازيل، ولا نحن حذونا حذو الصين. مع الأخذ فى الاعتبار أن البرازيل قد تقدمت تقدمًا تكنولوجيًا رهيبًا حتى إنَّها تعتبر الدولة الأولى عالميًا فى الكثير من الصناعات ومنها الصناعات القائمة على تدوير المخلفات، فى الوقت الذى صارت فيه (تلال الزبالة) أهم معلم حضارى لمدينة القاهرة!!! هامش أخير: يجب ألا يمرّ تصريح الدكتور كمال الجنزورى، أمام نواب الشعب بأنَّ الإعلام يعمل ضدَّ مصلحة مصر، لابد من التحقيق فى هذا التصريح. ليس لأنه جاء بجديد أو قال كذبًا، ولكن لأنه جاء على لسان من يُفترض فيه أنه صاحب أعلى سلطة فى البلد. فماذا فعل لمحاصرة هذه النيران الإعلامية التى ستحرق مصر عن قريب إن لم نتصدَّ لها بحزم؟! [email protected]