حين تراه وهو يتكلم تشعر بالأمان والسكينة والصدق.. تخرج الكلمات من بين شفتيه لتداوي الجراح وتبريء القلوب الموجوعة.. فتدخلها وتمتلك أعنتها. يداه الطيبتان اللتان شقتا الصدور لتنقذ آلاف القلوب الرابضة فيها وتحيي آمالها في حياة طبيعية بلا أوجاع ولا منغصات بم نكافئها..؟ ما الذي جعله منذ نعومة أظافره يتوغل في بث الطمأنينة في قلوب الأمهات المتلحفات باللهفة، اللائي فقدن لذة النوم بسبب تشخيص عادي وصحيح لقلب "ضناها" من طبيب يرى وهو صادق بحسب ما لديه من دلالات أن هذا الكائن الصغير سيموت لأن قلبه تالف ولا يحتمل مجرد عملية ضخ الدم العادية عبر شرايينه!. ما الذي يجعل رجلا مثل هذا وهو الذي ترك بلده منذ أكثر من نصف قرن يعود إليها ويؤسس جمعية خيرية ويبني مركزا لعمليات القلب عام 2009 ويصر لأن يكون في مدينة أسوان بصعيد مصر بالمجان بعيدًا عن بهاء وسلطة العاصمة؟ هل هو العشق لهذا البلد والانتماء إليه بكل حواسه؟ هل هو نفس العشق الذي جعله يفكر في فقراء العالم والدول النامية ثم ركز جهوده في مصر التي آثر أطفالها البسطاء من المرضى ليدخل البهجة وابتسامة الحياة على وجوههم فصاروا يرسمون قلوبًا في الهواء بأيديهم الصغيرة مقبلين على الحياة؟. إنه "ملك القلوب" مجدي يعقوب بلا نزاع .. الذي عمل في بريطانيا وغيرها من البلاد الأوربية آلاف العمليات الصعبة والدقيقة التي لا يستطيعها غيره واكتشف وتطور ونجح.. نجح مع فريق طبي بريطاني بتطوير صمام للقلب باستخدام الخلايا الجذعية، ولعل هذا الاكتشاف هو الذى سيسمح للأطباء مستقبلاً باستخدام أجزاء من القلب الطبيعي التي تمت زراعتها صناعياً فى غضون ثلاثة أعوام. وتم تكريم ملك القلوب والاحتفاء به في عشرات الدول ومن مئات الجمعيات والمحافل الطبية لم لا..؟ وأياديه البيضاء هو وزملاؤه وتلاميذه ممن يزرعون البسمة ويفتحون أبواب الأمل لمن فقدوها بعدما أغلقت في وجوههم أبواب الشفاء.
"ملك القلوب" الذي على الرغم من بلوغه سن ال 77، حيث يركن الإنسان للراحة والتأمل إلا أنه وجد لذته ومتعته في مزيد من العمل فما يزال يعمل فى مجال البحوث الطبية. لا أدري ما شعوره حينما تم تكريمه ذات مرة.. بحضور عشرات القلوب التي كان سببًا بإذن الله في شفائها؟ لا أدري أي سعادة تتملكه؟ وأي شعور بالرضا يمنح السكينة ويهبه القدرة على الاستمرار شامخًا ليمد لناسه وأهله يده المملوءة بالخير والصحة.. إلا أنني أعرف شيئًا واحدًا.. وهو أن كل القلوب التي عالجها مجدي يعقوب.. تنبض بحبه وكرمه اعترافًا بفضله وجميله الذي ما يراه و إلا واجبًا تجاه أهله وأحبائه.. وأتساءل خجلاً.. ماذا ينتظر الخيرون ليتبرعوا لمستشفاه المجاني الذي يعالج أوجاع القلوب الصغيرة بلا إعلانات ولا محايلات ولا إستدرار عطف أو دموع.. متى يدركون أن تبرعهم لمثل هذا الصرح العظيم واجب شرعي يأثمون بتركه لو يفقهون؟!.