مثله مثل الكثيرون ممن يسابقون الريح في الفرار هربا من البطش والتنكيل ب "فرشته"،اسمه رمضان، عمره لم يتجاوز العشرين، هوايته الرسم وكتابة الشعر، كتبت عليه الأقدار أن يحيا بالدنيا وحيدا مشردا بلا مأوى بلا عمل ولا عائل، غير أنه أقسم بينه وبين نفسه أن لا يسلك طريقا للحرام قط، وإن تداعت عليه الظروف وقتله الفقر، لكن القانون ونصوصه القاسية لم ترحمه ومن ثم حكم عليه" الحي"، بالعودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى بعد مصادرة عربته الزجاجية. ولأن "رمضان" أصبح علامة من علامات نفق الإبراهيمية بالإسكندرية، لفت انتباه الجميع بجلسته على الرصيف أمام حلواه التي لا يتعدي ثمنها أصابع اليد الواحدة، وحسن خلقه إلى جانب مهارته في الرسم وكتابة الشعر، وهو ما جعل أحد المارة يتبرع له بعربة متنقلة "فاترينة" يعرض فيها الشاب بعض الحلوى والبسكويت بدلا من جلسته على الرصيف، وافتراش الأرض. " الفرحة لم تستمر سوى أيام معدودة، وفجأة سادت حالة من الهرج والمرج وصراخ واستغاثات وهرولة من هنا وهناك، لم أتمكن من اللحاق بركب الهاربين ولم استطع إنقاذ عربتي من رجال البلدية، الذين حملوها بما فيها في سيارتهم في بضع لحظات" هكذا حكي الشاب". وتابع: "ظللت أصرخ واعتذر للجميع وأعد أن لا أفعل وأنا لا أدري فيما أجرمت، لكني "اتذليت" لترك الفاترينة ولكن بلا فائدة فهم بشر مكلفون فقط بالتدمير. "ذهبت للحي لاسترداد العربة فطلبوا مني 500 جنيه غرامة، طب منين وأنا كل اللي بكسبه من 1 ل 5 جنيه كل يوم، أسرق؟، حاولت بكل الطرق وبعد محايلات استعادة الفاترينة ولكن دون جدوى، فالحي أصر على دفع المبلغ وأنا لا أملك منه 10 جنيهات، فانصرفت وتركت العربة لأعود من جديد على رصيف النفق بولاعات وملمع أحذية، ولا أعلم ماذا يخبئ لي الغد.