هذا عنوان معرضنا الذى أفتتح تحت رعاية السفير عادل الألفي، القنصل العام لمجمهورية مصر العربية بجدة، وبمناسبة الاحتفال بأسبوع الفرانكوفونية، أقام المكتب الثقافي بالقنصلية المصرية، معرضاً فنيا بعنوان "أنا شفت الحاجات دي" لفنان الكاريكاتير المصري سعد السداوي، حيث تم عرض مجموعة من اللوحات التي استخدم فيها فن الكاريكاتير في تسجيل عدد من المشاهد التراثية التقليدية التي تميز بها المجتمع المصري والتي كانت شائعة في مصر في القرن الماضي إلا انها قد اندثرت أو في طريقها الي الاندثار، وذلك مثل باعة القلل، وماسح الأحذية، والمصوراتي وغيرها. ويعد توثيق تلك المشاهد من خلال فن الكاريكاتير توثيقا لتراث مصر وتعريفا به للأجيال التي لم تعاصره. وقد تم توثيق المعرض في كتيب باللغتين العربية والفرنسية يحتوي علي مجموعة. ولأن الفنان هو شاهد العيان يتحدث بحرية الرسم لموضوع المعرض حيث يحكى احداثا عاصرها ويقول مسترجعا لذكرياته قائلا: من شرفة بيتنا كأن شرفة بيتنا هي بوابة العالم، لما تتمتع به من موقع إستراتيجي يشرف على ميدان الملك الصالح .. الذي يحتل منطقة وسطية بين مصر القديمة ومنيل الروضة .. والجالس في شرفتنا أعلى النفق المؤدي إلى أبوالسعود، يرى ألوان مختلفة من البشر ، على إختلاف حرفهم وأزيائهم المتضاربة .. كأن تري الملاية اللّف تتبختر وخلفها الميني جيب .. وفي مواجهتنا تماماً القهوة البلدي بكل ما تعج بة من زبائن وصيحات صبي القهوة وطرقعات الدومينو وأحياناً شجار مألوف ينتهي غالباً بالتصالح .. كما تري مُلمع الأحذية يطوف بين الزبائن .. وكنا أحيانا نستدعيه ليلمع أحذيتنا . ا ونقرزان العسلية وبسكويت البخت وبائع العرقسوس وبياعة المنديل أبو أوية ..كل هذا أراه وأنا جالس في بلكونة بيتنا، ولا أنسى قطار حلوان وصفارته المدوية كلما مر علي كوبري النفق .. وتحت الشرفة تماماً كان يقف كل صباح عم صلاح بياع الفطير .. الذي كان يأتي يومياً بعربتة اليد من منطقة باب الشعرية ليبيع الفطير تحت شرفتنا .. وكأن رزقه مكتوب في هذا المكان .. !!ولأن موقعنا إستراتيجي فقد كان يتجمع فيه صباحا باعة الجملة للخضار أو الفول والبليلة للتوزيع على باعة التجزئة .. ! وبرغم كل هذه الأجواء الموغلة في الفلكلورية والشعبية يكفي ببساطة شديدة أن أدير رأسي جهة اليسار لتنقلب الموازين وتختلف المعاير ،مع رؤية جزيرة منيل الروضة بكل أناقتها والنيل بروعته وعظمته وجلاله .. والمراكب الشراعية التي كانت تمر أمامنا وتخفض الشراع لتتمكن من العبور أسفل الكوبري .. وفي وقت الفيضان كان يتغير لون مياه النيل من الإرجواني إلى البني الداكن الطيني، وكان بمقدور الواقف على الكورنيش لمس المياه نظراً لإرتفاع منسوبها جداً..! وعلي الشط كانت تقف أشجار أم الشعور الأثرية والتي ذبحوها دون مبالاة وكانت تحتضن في ظلها مصوراتي الصور الشمسية وحلاق تحت الشجر .. وترنجيلة الأطفال ..! وكان لسطح منزلنا أهمية كبرى فضلاً عن نشر الغسيل، فهو الأمثل للتمتع بنسيم النيل مع شاي العصا ري وقزقزة اللب الذي نجمعه بعد أكل البطيخ ونحمصه بالملح أو الشطة .. ولجلسات السمر ومص القصب وأكل الخص، وأحياناً لعب الكرة .. وفيما بعد استثمرته كمرسم لي وصومعة لكتابة الشعر .. والمشهد من فوق السطوح رائع فعلى امتداد البصر ترى جبل المقطم والقلعة.. كما يشرف على قبة مسجد الشيخ شاهين، وخلفها برج الكنيسة الإنجيلية .. وموقف لعربات اليد كانت تسقط دائما فية الكرة الشراب .. ! وبسبب تلك الإستراتيجية كنا نعاني من ضجيج زحام السيارات .. بالميدان .. الذي كان يعمل علي إدارته و تنظيمه (أشارجي المرور) الواقف علي الرصيف الدائري وسط الميدان (الصينية) معتلياً منصة خشبية تسمى (الطبلية) يصعد لها بسلم خشبي بسيط .. وأذكر أننا في حالات نادرة جداً تسللنا إللى هذة الطبلية في غياب الأشارجي أو ربما بعد إنتهاء ورديته .. (شقاوة عيال)..!