زعمت دراسة أعدها الأكاديمي الإسرائيلي، أوفير فينتر, أن تل أبيب في طريقها لأن تصبح جزءًا من محور إقليمي يضم مصر, وعددًا من الدول العربية الأخرى, بفضل الجهود المصرية. وأضاف فينتر, وهو يعمل محاضرًا في عدد من الجامعات الإسرائيلية, ومتخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, أن التقارب غير المسبوق حاليًا بين مصر وإسرائيل من شأنه أن يساعد على دمج إسرائيل بالمنطقة العربية. وتابع فينتر في الدراسة, التي نشرها موقع معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب, أن ما سماها خطوات التقارب التي يقوم بها حاليًا النظام الحالي في مصر باتجاه إسرائيل تعيد إلى الأذهان النهج الذي سار عليه الرئيس المصري الراحل أنور السادات، لاسيما فيما يتعلق بسعي الدبلوماسية المصرية لإيجاد سلام إقليمي بين الدول العربية وإسرائيل, حسب قوله. وأضاف أن "الصحافة المصرية نشرت مؤخرًا على ألسنة عدد من الخبراء السياسيين والعسكريين، دعوات إلى تطوير اتفاق السلام الموقع بين مصر وإسرائيل, وتوجت هذه الدعوات بالمبادرة التي طرحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, وخاطب فيها الإسرائيليين بأنه حال إقامة دولة فلسطينية, فسوف تكون هناك أمن وأمان وسلام واستقرار للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وسيدخل العرب مع إسرائيل في مرحلة جديدة من العلاقات, التي لن يصدقها أحد". وأشار فينتر إلى أن التقارب المتزايد بين مصر وإسرائيل يخدم المصالح الاستراتيجية الأساسية لمصر على الصعيد الأمني من خلال مواجهة الأعداء المشتركين بين القاهرة وتل أبيب, الذين يشكلون خطرًا على الاستقرار في المنطقة، وعلى رأسهم "المجموعات الجهادية السلفية", حسب قوله. تابع: "هذا التقارب يساعد أيضًا على إقامة تعاون اقتصادي إقليمي متوسطي في مجالات الطاقة والتجارة، مما ينقذ إسرائيل من حالة العزلة الإقليمية, التي تجد نفسها فيها". وكان الرئيس المصري قال خلال افتتاحه عددًا من المشاريع التنموية بمحافظة أسيوط في 17 مايو الماضي: "إن تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيجعل السلام القائم بين مصر وإسرائيل أكثر دفئًا"، وأبدى استعداد بلاده لتقديم ضمانات لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بتحقيق الأمان والاستقرار. وألمح إلى أن هناك العديد من المبادرات العربية والدولية لإيجاد حل حقيقي للقضية الفلسطينية، ومصر تلعب دورًا رياديًا في تلك المبادرات، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية ستكون أكثر استقرارًا وسلامًا بحل الأزمة الفلسطينية. واستكمل قائلًا: "لو استطعنا معًا بإرادة وإخلاص حقيقي حل هذه المسألة وإيجاد أمل للفلسطينيين وأمان للإسرائيليين ستكتب صفحة أخرى جديدة لا تقل بل قد تزيد على ما تم إنجازه في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل". واستطرد الرئيس المصري: "أقول للإسرائيليين وهم يسمعونني وأرجو أن تسمح القيادة الإسرائيلية بإذاعة خطابي هذا في إسرائيل مرة ومرتين، أن هناك فرصة حقيقية رغم عدم وجود مبررات من وجهة نظر كثيرين لتحقيق سلام في ظل الظروف الصعبة, التي تمر بها المنطقة". وأضاف "لو تحقق السلام في المنطقة سيتغير وضع الشرق الأوسط الملتهب للأفضل, حل القضية الفلسطينية وإقامة دولتها السبيل الوحيد لتحقيق سلام أكثر دفئًا بين مصر وإسرائيل". وتابع الرئيس المصري: أن "هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام في ظل وجود عدة مبادرات إقليمية ودولية، أهمها مبادرة السلام العربية والمبادرة الفرنسية للسلام". ووجه الرئيس المصري، دعوة إلى الفلسطينيين لتوحيد صفوفهم في ظل الخلافات القائمة بين حركتي فتح، وحماس, كما طالب القيادة والأحزاب في إسرائيل بالاتفاق على إيجاد حل للأزمة, مضيفًا أن المقابل سيكون كل ما هو جيد وعظيم للأجيال الحالية والأحفاد القادمة. واستطرد الرئيس المصري, مخاطبًا الإسرائيليين "حال إقامة دولة فلسطينية, فسوف يكون هناك أمن وأمان وسلام واستقرار للجانبين, وسيدخل العرب مع إسرائيل في مرحلة جديدة من العلاقات التي لن يصدقها أحد، والتي سنرى فيها العجب". وبدورها, قالت صحيفة "هآرتس" العبرية في مقال لها في 2 يونيو, إن التساهل الشكلي الذي يبديه بنيامين نتنياهو بشأن المبادرة, التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرًا, ليس سوى مناورة لكسب الوقت في ضوء تطورين قادمين يقلقان إسرائيل. وتابعت: "نتنياهو يستغل المبادرة المصرية لإجهاض تقرير اللجنة الرباعية الدولية, المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط, وهو التقرير الذي سيوجه انتقادات شديدة لإسرائيل؛ بسبب سياستها في الضفة الغربية، لاسيما توسيع المستوطنات، والتي تقضي على حل الدولتين". واستطردت الصحيفة: "أيضًا, بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل, سيتم اتخاذ قرار في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي". وخلصت إلى القول إن مصير المبادرة المصرية الأخيرة سيكون مثل سابقاتها من مبادرات السلام العربية والدولية, التي رفضتها إسرائيل صراحة, أو ماطلت في التجاوب معها وتلاعبت بها لكسب الوقت. وفي السياق ذاته, قال المحلل السياسي الإسرائيلي "بن كاسبيت", أيضًا إن تعيين أفيجدور ليبرمان، وزيرًا للدفاع في حكومة بنيامين نتنياهو, يعتبر "خيانة" للجهود المصرية الهادفة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضاف بن كاسبيت، في مقال له بصحيفة "معاريف" العبرية في 28 مايو الماضي, أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أطلق خلال افتتاحه عددًا من مشروعات الطاقة الكهربائية في محافظة أسيوط، مبادرة خاطب فيها الإسرائيليين بأنه حال إقامة دولة فلسطينية فسوف يكون هناك أمن وأمان وسلام واستقرار للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وسيدخل العرب مع إسرائيل في مرحلة جديدة من العلاقات التي "لن يصدقها أحد". وتابع: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رد على المبادرة السابقة بالخيانة, عبر تعيين ليبرمان وزيرًا للدفاع بحكومته, رغم مواقفه المتطرفة ضد الفلسطينيين والعرب". واستطرد بن كاسبيت, قائلًا: أن "دبلوماسي أوروبي أبلغني أن المسئولين المصريين يستشيطون غضبًا, ويشعرون أنهم تعرضوا للخيانة والخداع, حيث باع لهم نتنياهو قصة وفعل العكس". وأشار إلى أن القاهرة كانت ترغب في إقامة حكومة وحدة بين نتنياهو وإسحاق هرتسوج رئيس حزب العمل وزعيم تحالف "المعسكر الصهيوني"، لتسهيل التوصل لتسوية مع الفلسطينيين, إلا أن نتنياهو فعل العكس. وكان نتنياهو، وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف ليبرمان، وقعا في 25 مايو الماضي اتفاقًا لانضمام حزب الأخير إلى الائتلاف الحكومي، ليصبح سادس حزب في الائتلاف الذي شكله نتنياهو. وسيعطي الاتفاق بين حزبي الليكود, و"إسرائيل بيتنا", نتنياهو خلال فترة ولايته التي تستمر أربع سنوات، سيطرة على 67 من مقاعد الكنسيت, البالغ عددها 120 مقعدًا، بدلًا من 61 مقعدًا حاليًا. وقال نتنياهو في مراسم التوقيع التي أجريت في الكنيست الإسرائيلي: "إنه منذ تشكيل الحكومة قبل نحو عام أكدت مرة تلو أخرى أنني أعتزم توسيع الائتلاف الحكومي.. إسرائيل تحتاج إلى استقرار حكومي بغية التعامل مع التحديات وانتهاز الفرص، لهذا السبب أرحب بانضمام أفيجدور ليبرمان وأعضاء حزبه كشركاء جدد في الحكومة".