خلسة زحفت الطائرات الإسرائيلية لتضرب المطارات المصرية، صباح يوم الخامس من يونيو عام 1967، وفحمت أكثر من 25 مطارًا حربيًا وما يقرب من 80% من الطائرات الحربية المصرية غدرًا –كعادتها- الأمر الذي أمكنها من احتلال سيناء كاملة والضفة الغربية، والجولان وبعض المناطق الأخرى من الدول العربية، فكانت النكسة، والتي دامت لستة أيام متتالية، وعلى إثرها جاء الخطاب التاريخي الذي أخرج الشعب المصري عن صمته، وهو خطاب تنحي الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر». كانت تداعيات حرب الأيام الستة، قبيل تلك الهجمة بما يقرب بشهر، فمنذ الأول من مايو تخرج القيادات الإسرائيلية بتصريحات شديدة اللهجة، تجاه مصر وسوريا والأردن، ولكن عندما وقعت النكسة، لم ينتظر «عبدالناصر» كثيرًا حتى يتنحى عن منصبه ففي التاسع من يونيو، أعلن ناصر على شاشات التلفزيون للمصريين هزيمة بلاده، في كلمات أوجعت قلوب المصريين، وحتى اليوم بعد 49 عامًا، تبكي أعين الكثيرين، وهى: «أقول لكم إنني على استعداد لتحمل المسؤولية كلها، ولقد اتخذت قرارًا أريدكم جميعًا أن تساعدوني عليه.. لقد قررت أن أتنحى تمامًا ونهائيًا عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر». فلم توقف الأوجاع عزيمة وإرادة الشعب المصري بل نزلوا في ملايين، اعتراضًا على خطاب التنحي وإعلانهم عدم قبول الاستقالة، وملأت المظاهرات الشوارع يهتفون: «احنا جنودك، يا جمال». ولكن قرر الرئيس جمال عبد الناصر، أن يكلف زكريا محيي الدين، بإدارة شؤون البلاد، وتولي منصب رئاسة الجمهورية، إلا أن الأخير رفض هذه المسئولية تماما، إلا أن الشعب المصري لم يكل وكان همه رفض استقالة «عبدالناصر»، فأبى الرئيس أن يرفض طلب شعبه، وخرج أنور السادات، وكان رئيس مجلس الأمة وقتها، ليعلن أن الرئيس جمال عبد الناصر نزل إلى إرادة الشعب، وقرر العدول عن التنحي، وعاد مرة أخرى لمنصبه. وبالفعل عاد إلى منصبه وكان أول قراراته في يوم 11 يوليو، تعيين محمد فوزي كقائد عام للقوات المسلحة بديلا عن المشير عبد الحكيم عامر، لكن الموالين للمشير عامر قاموا باحتجاجات في الجيش، وجاء رد «عبدالناصر» حينها هو إقالة ثلاثين من الموالين لعامر في الجيش.