الرئيس: لا يمكن ترك التظاهر يتحول إلى أعمال عنف.. وخبراء: القانون سيئ السمعة وعلى البرلمان تحمل مسئولية تعديله غرامات بالآلاف وسنوات من الحبس الاحتياطى.. وحقوقيون: الشباب لم يرتكب جرمًا لمحاسبته
قانون التظاهر، من القوانين التى أثارت الجدل منذ إقراره، لاعتراض الكثيرين عليه، منوهين، أنه قانون يعارض حق من الحقوق إلى كفلها الدستور والقانون للمواطنين، وهو حق التعبير عن الرأى والتظاهر، طالما كان التظاهر سلميًا ولم يضر بمؤسسات الدولة أو شخص أحد من المسئولين عن طريق تجاوز الآداب العامة. ورغم أن الرئيس الأسبق محمد مرسى، أصدر قانون حماية التظاهر من قبل محددًا لعدد من شروطه، أبرزها تحديد مكان التظاهرة والساعة والوقت, وأخذ تصريح من الداخلية مسبقًا، إلا أن أول ظهور حقيقى لقانون التظاهر كان في عام 2013, حيث أصدره الرئيس المؤقت عدلى منصور فى ظل عدم وجود برلمان تشريعى حينها بموافقة حازم الببلاوى رئيس الحكومة وقتها. وتم استحداث هذا القانون عقب ثورة 25 يناير، فلم يكن موجودًا فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك وإنما كان هناك ما يسمى بقانون الطوارئ فقط الذى تعمل بيه الأجهزة الأمنية. ومع مرور الوقت، ورغم رفض الشباب الثورى والسياسيين, للقانون الذى اعتبروه تكميمًا للأفواه وتقييدًا للحريات, معتبرين أن التظاهر حق مكفول للجميع ولا يمكن تحجيمه، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى, بعد فوزه بمنصب الرئاسة دافع عن القانون، قائلاً:"إنه قانون مستمد من القوانين الغربية, ولا يمكن ترك تظاهرة تتحول إلى أعمال عنف وتعطل مسيرة الوطن". أحكام قاسية على المتظاهرين بحكم القانون يحظر القانون الاجتماع العام أو تسيير المواكب والمظاهرات، فى أماكن العبادة، كما يحظر على المشاركين فيها حمل أى أسلحة أو ذخائر، أو مفرقعات أو ألعاب نارية، أو مواد حارقة أو ارتداء الأقنعة أو الأغطية التى تخفى ملامح الوجه، مؤكدًا أنه على كل من يريد تنظيم اجتماع عام أو موكب أو مظاهرة أن يخطر قسم الشرطة. ويتضمن الإخطار عدة بيانات، هى مكان المظاهرة، وموعد بدئها وانتهائها، وبيانًا بموضوعها والغرض منها، والمطالب التى يرفعها المشاركون فيها، وأسماء الأفراد أو الجهة المنظمة للاجتماع العام، ووسيلة التواصل معهم. أما العقوبات, فيعاقب كل من يخترق القانون, بالسجن والغرامة من 100 ألف إلى 300 ألف جنيه، ويعاقب بالحبس والغرامة من 50 ألفا إلى 100 ألف جنيه كل من ارتكب المحظورات التى نص عليها القانون. كما يعاقب بالغرامة من ألف إلى 5 آلاف جنيه كل من قام بتنظيم مظاهرة، أو موكب دون الإخطار عنها، مع صدور قرار قضائى بمصادرة المواد والأدوات والأموال المستخدمة فى هذه الجرائم. هؤلاء طبق عليهم قانون التظاهر تم تطبيق قانون التظاهر، على عدد كبير من الشباب بتهمة خرقه وتكدير السلم العام، كان آخرهم حكم بمعاقبة 50 مواطنًا بالسجن لمدة سنتين، 100 آخرين بالسجن 5 سنوات مع تغريم أغلبهم 100 ألف جنيه لكل منهم بسبب تظاهرهم فى إبريل الماضى احتجاجاً على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتى تم بموجبها تسليم جزيرتى "تيران وصنافير" إلى المملكة العربية السعودية وفق اتفاق بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والعاهل السعودى سالمان بن عبد العزيز أثناء زيارة الأخير إلى القاهرة. ولكن هذا لم يكن أو تطبيق فعلى للقانون فكان بداية تطبيقه من قبل عام 2013 عقب الإعلان عنه، بعدما نظم مجموعة من الشباب الثورى تظاهرة خرجت أمام مجلس الشورى تندد بالقانون, دون وجود تصريح معهم بالتظاهرة فقامت قوات الأمن بإلقاء القبض على مجموعة كبيرة لهم من ضمنهم الناشط السياسى المعروف علاء عبد الفتاح, وشقيقته سناء سيف, بتهمة خرق القانون التظاهر، ومازال علاء حتى الآن داخل أروقة السجن. وفى أحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير, خرجت مسيرة حاشد للتظاهر فى ميدان طلعت حرب, بدون تصريح فقامت قوات الأمن بإلقاء القبض على عدد كبير منهم بتهمة خرق القانون. أحزب وبرلمانيون: تعديل قانون التظاهر محكومة بأجندة تشريعية رغم تشديد عدد من الأحزاب وأعضاء البرلمان، على حتمية تعديل قانون التظاهر لزيادة أعداد المسجونين بسببه إلا أنهم أقروا صعوبة تنفيذ ذلك فى الوقت الحالى بسبب ارتباط البرلمان بأجندة تشريعية، النائب أحمد السجينى، أكد أن المطالبة بتعديل بعض نصوص القانون مسألة قديمة وليست وليدة اللحظة، مشيرًا إلى أن هذه المسألة سوف تؤخذ فى الاعتبار خلال الأسابيع المقبلة، عقب الانتهاء من إصدار القوانين المكملة للدستور. وقال"السجينى" فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، إننا نسير وفق أجندة تشريعية، كان ضمن أولوياتها النصوص الدستورية الملزمة لإصدار عدد من القوانين المكملة للدستور، منوهًا إلى أن تعديل القانون محكوم بأجندة تشريعية للفترة الحالية لم ينته منها بعد. فيما قال النائب خالد يوسف، إن قانون التظاهر غير دستورى على الإطلاق ويجب تعديله حيث تم حبس العديد من الشباب ظلمًا بهذا القانون، موضحًا أن المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى يتم تعيينه من قبل الدولة أقر بأن القانون غير دستوري. وأضاف "يوسف"، أن البرلمان المصرى سيحاسب أمام الله إذا لم يتم تعديل هذا القانون إذ أن القانون لابد أن يعدل وقد تم حبس العديد من شباب ليسوا من الإخوان أو من أصحاب الأجندات بسببه. ومن جانبه، أعلن مدحت الزاهد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبى، أنه سيعرض على المجلس الرئاسى للتيار الديمقراطى تحديد موعد مع رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال وعدد من النواب لمطالبتهم بتعديل قانون التظاهر والإفراج الفورى عن متظاهرى يوم الأرض. وأشار"الزاهد"، فى تصريح خاص ل «المصريون»، إلى أن الحزب سيطالب مجلس النواب بتحديد جلسة استماع مع الفنيين والخبراء وعدد من المتخصصين للاستماع إلى أرائهم حول قضية جزيرتى "تيران وصنافير" التى كانت أحد الأسباب فى إلقاء القبض على عدد من الشباب وإصدار أحكام فى حقهم متراوحة ما بين سنتين إلى 5 سنوات. فيما أكد النائب أيمن أبو العلا، أن هذا الحكم يؤكد أن تعديل قانون التظاهر بات ضرورة ملحة فى الوقت الحالى، وهى مسئولية مجلس النواب متوقعًا أن تنتهى تلك الأزمة من خلال تدخل الرئيس للإفراج عن هؤلاء الشباب من خلال قرار جمهوري. وطالب "أبو العلا " بضرورة ترجمة مواد الحريات، التى نص عليها الدستور المصرى الحالى إلى قوانين يناقشها مجلس النواب ويصدرها حتى تنظم العلاقة بين حق التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى وبين الحفاظ على مؤسسات الدولة وممتلكاتها. وفى سياق مختلف، أبدى المستشار بهاء أبو شقة رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالبرلمان استيائه من رد الفعل على الأحكام، مشيرًا إلى أن أحكام القضاء واجبة الاحترام ولا يجب تناولها بالمدح أو الذم. وأضاف "أبو شقة"، أن تعديل قانون التظاهر غير مطروح فى الوقت الحالى، وأنه كان أحد القوانين التى تستمد قوتها من كونها صادرة بقرار رئاسى ووجب مناقشتها فى المجلس خلال 15 يومًا، وبالتالى فمن غير المعقول التعرض لنصوصه بالتعديل أو التخفيف فى الوقت الحالي. خبراء:قانون سيئ السمعة رفع عدد من الخبراء، مطلب "تعديل قانون التظاهر"، معتبرينه ضرورة ملحة، مطالبين رئيس الجمهورية والحكومة بالإفراج عن جميع المتظاهرين السلميين المحكوم عليهم بموجب القانون، داعيين البرلمان لتعديل القانون بما يسمح بحرية التظاهر والتجمع السلمى واصفين آياه بالقانون"سيئ السمعة"مؤكدين أن عام 2016 هو عام حبس الشباب. وبدوره أكد الدكتور حسن نافعة الخبير السياسى، أن قانون التظاهر لا فائدة له منذ اللحظة الأولى لصدوره، وأنه أدى إلى شق جبهة 30 يونيو ما بين مؤيد للقانون ومعارض له. وأشار "نافعة"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، إلى أن هذا القانون يهدف إلى إدخال الشباب إلى السجون فى حالة معارضتهم، ما أدى إلى تهميش قطاع كبير من الشباب، كان يمكن الاستفادة منه ولكنه قانون وراؤه عقلية أمنية وليست سياسية، منتقدًا سرعة إصدار أحكام بالسجن على الشباب فى مدة لا تزيد على20 يومًا فى الوقت الذى تبقى فيه العديد من القضايا منظورة لسنوات دون صدور أحكام. ومن جانبه أكد كمال عباس، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن تعديل قانون التظاهر أصبح ضرورة ملحة خاصة أن إصداره كان معيبًا منذ البداية لأنه قانون مخالف للدستور الذى نص على حرية التعبير عن الرأى والتظاهر لجميع المواطنين، مشددًا على ضرورة احتواء الشباب. وتابع "عباس" أن تعديل القانون الآن أصبح مهمة البرلمان، مؤكدًا أن المجلس كان لديه العديد من الملاحظات على ذلك القانون منذ إقراره وتم تقديمها إلى البرلمان فور انعقاده مطالبًا بإعادة دراسة المواد محل الخلاف بالقانون، والتى يرى فيها البعض تقييدًا للحريات مؤكدًا أن الدولة والحريات وجهان لعملة واحدة. ذات السياق، قال جمال فهمي، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الدولة وقعت فى أخطاء مرعبة، والأمر لم يعد مجرد دفاع عن حقوق وحريات، وإنما مصلحة وطنية. وقال جورج إسحاق، عضو المجلس القومي، إن الأحكام الصادرة بحق الشباب المتظاهرين صادمة ومخيفة، والعام الحالى هو عام التنكيل وحبس الشباب، على حسب قوله. ودعا النائب محمد بدراوى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية المصرية، إلى التسامح مع الشباب، متسائلاً: "كيف يقول الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد لقاءاته إن العام الحالى للشباب، ويلقى الأمن القبض على المحتجين؟". وقال النائب أحمد علي، عضو لجنة حقوق الإنسان، إن المتظاهرين لم يرتكبوا أعمالاً تخريبية، واللجنة ستناقش غدًا قضية الحكم على الشباب.