نشرت صحيفة "ميللي" التركية وثائق تاريخية قالت إنها تكشف رفض دول أوروبية طلب الدولة العثمانية إرسال قضاتهم للانضمام إلى لجنة التحقيق التي أسستها للتحقيق في أحداث 1915 , والتي يطلق عليها الغرب "مذابح الأرمن". وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 3 يونيو أن هولندا وسويسرا والدانمارك وإسبانيا رفضت المشاركة في هذه اللجنة، بدعوى أنها لا تناسب مصلحتها وغير ضرورية. وبدوره, قال مدير مركز دراسة العلاقات التركية الأرمينية في جامعة أتاتورك بمدينة أرضروم التركية إيرول أوغلو، لوكالة "الأناضول"، إن الدولة العثمانية عندما أصدرت في 1915 قانون "الترحيل والإسكان" لم يكن لأهداف دينية أو قومية، بل لإبعاد "العصابات الأرمينية" التي ارتكبت مجازر في حق المسلمين وخاصة النساء والأطفال والمسنين, واتهم الأرمن بمحاولة "خلط الأوراق وتضليل الرأي العام العالمي للتغطية على جرائمهم تلك". ويزعم الأرمن أن 1.5 مليون منهم قتلوا بطريقة منظمة قبيل انهيار السلطنة العثمانية بين عامي 1915 و1917، لكن أنقرة ترفض هذا الادعاء وتقول إن حوالي 350 ألف أرمني ومثلهم من الأتراك المسلمين قتلوا عندما انتفض الأرمن وتحالفوا مع القوات الروسية ضد الدولة العثمانية. واستدعت تركيا سفيرها لدى برلين للتشاور بعد تبنى البرلمان الألماني، الخميس 2 يونيو، قرارا يصف الجرائم التي ارتكبت بحق الأرمن في الحقبة العثمانية بالإبادة الجماعية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد في 31 مايو أنه في حال أقر البرلمان الألماني، مشروع قرار حول الادعاءات الأرمينية بشأن أحداث العام 1915، فإن ذلك لن يكون له أي طابع إلزامي لأنقرة وفق القانون الدولي. وقبل هذا، كان أردوغان اتصل هاتفيا مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل, داعيا إلى "التعامل بمنطق سليم حيال مزاعم إبادة الأرمن"، مشيرا إلى حساسية بلاده في هذا الخصوص. وعلى الرغم من اعتراف حوالي 20 دولة، من ضمنهم فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، و42 ولاية أمريكية رسميا بوقوع تلك المجازر كحدث تاريخي، إلا أن أنقرة تصر على أن ما حدث هو حرب أهلية قتل فيها ما بين 300 ألف و500 ألف أرميني، ومثلهم من الأتراك، ولا تزال تركيا متشبثة بموقفها القائل إن وفاة هذا العدد من الأرمن ناتجة عن ظروف الحرب والتهجير. وقد تم تمرير الفقرة 301 في القانون التركي في العام 2005 التي تجرم الاعتراف بالمذبحة الأرمينية في تركيا. وحسب وثائق تركية, فقد تعاون القوميون الأرمن مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمينية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914. وعندما احتل الجيش الروسي شرقي الأناضول، انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية وانضموا إليه. كما عطلت الوحدات العسكرية الأرمنية طرق إمداد الجيش العثماني اللوجستية، بينما عمدت العصابات الأرمينية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها. ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة العثمانية في 24 إبريل 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأريمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمينية" المزعومة في كل عام. وقررت السلطات العثمانية في 27 مايو 1915 تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية. ولقي عدد كبير من الأرمن مصرعهم خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب والقتال الداخلي، وبسبب المجموعات المحلية الساعية للانتقام. وتقول تركيا إن هؤلاء القتلى سقطوا خلال حرب أهلية ترافقت مع مجاعة، وأدت إلى مقتل ما بين ثلاثمائة ألف وخمسمئة ألف أرميني، فضلا عن عدد مماثل من الأتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الأناضول. وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات. وفي المقابل، ترفض أنقرة إطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، وتصفها ب"المأساة" لكلا الطرفين، وبأنها "أحداث مؤسفة أودت بحياة أرمن وأتراك مسلمين"، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة الأحادية. وتشدد تركيا على أنها دعت أرمينيا إلى فتح أرشيف الدولتين بهذا الخصوص، لكن الأخيرة ترفض ذلك وتعتبر أن القضية "غير قابلة للنقاش". وفي المقابل, تقول أرمينيا إن الإبادة الفعلية للأرمن بدأت في نهاية القرن ال19، إذ بدأ الحديث عن القتل الجماعي الذي وضع أساسه في الأعوام 1894-1895 بغية تقليص عدد الأرمن في تركيا والقضاء عليهم قضاء تاما في المستقبل. وتزعم أرمينيا أن 24 إبريل من العام 1915، يعتبر رسميا، بداية الإبادة الجماعية للأرمن، إذ استمر القتل الجماعي في فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك، حتى العام 1922، حين دخلت القوات التركية مدينة إزمير في سبتمبر 1922 .