هجوم بعض القوى الشبابيَّة واليساريَّة على الإخوان المسلمين فى ميدان التحرير وإطلاق الهتافات ضدهم مزايدةٌ رخيصة وسوء أدب لا يقبله الشعب المصرى على الإطلاق، لأن الثورة المصريَّة ليست ملكا لفصيل سياسى بعينه، بل الشعب المصرى بجميع طوائفه وانتماءاته شارك فيها .. وليس لأحد فضل على أحد فى هذه الثورة، لأن الله هو الذى أيدها وحماها. فضلا عن أن التيار الإسلامى - وعلى رأسهم الإخوان - نسيج وطنى كان يمثل رأس الحربة ضد نظام مبارك، وظلّ يناضل ويكافح طوال 60 عامًا قدم خلالها التضحيات والدماء والشهداء، وواجه قوى الاستبداد بكل قوة وضراوة، فلا يغرنَّ الشباب أن الثورة وليدة اليوم والليلة، بل هى نتاج وتراكم تضحيات وبطولات قدَّمها التيار الإسلامى بجميع فصائله .. إخوان وجماعة إسلامية وسلفيّة. ومن الحكمة أن نقول إن مصر اليوم تمر بمرحلة مخاض عسير لولادة مصر الجديدة، وهو ما يتطلب تكاتف الجهود وتآزر الهمم لبناء هذا الوطن .. والمرحلة تحتاج لتوافق ليس فى البرلمان فقط بل فى تكوين اللجنة التأسيسيَّة لوضع الدستور وإجراء انتخابات رئاسية تمهيدًا لتسلم السلطة من المجلس العسكرى .. وهى مرحلة لا تحتاج لتناطح ولا تنابذ أو تخوين أو تكفير؛ لأن الجميع ينشد العدالة وبناء دولة القانون .. والحمد لله الشعب المصرى يكتسب كل يوم على أرض الواقع خبرة ووعيًا ونضجا فى التفاعل مع الأحداث الجارية، ولذلك نراه يحجم عن المشاركة فى انتخابات مجلس الشورى، رغم إقباله المنقطع النظير فى الانتخابات البرلمانيّة، لأنه يدرك عدم جدوى وأهمية مجلس الشورى، الذى أنشأه الرئيس السادات للمحاسيب لمنحهم حصانة، ولترضية الخارجين من الوزارة ومن المناصب القياديَّة ، بل يعتبره البعض مجلسًا صوريًّا ليست له مهام واختصاصات حقيقيّة، وطالب الكثيرون بإلغائه، فضلا عن أنه يسبب عبئًا ماديًا على ميزانية الدولة يقدر بمليار جنيه سنويًا .. وهو ما يفسر الإقبال الضعيف والهزيل من المواطنين على انتخابات الشورى. ولذلك نحن نطالب بإلغاء مجلس الشورى أو على الأقل إصلاحه جذريًا، ليصبح مجلسًا للخبراء، يكون مهمته تقديم البحوث والدراسات ومشروعات القوانين والمشورة لمجلس الشعب، بشرط ألا يأخذ حصانة، ولا يكلف الدولة شيئًا، هذا هو المهم، ومصر مليئة بالخبرات التى يمكن أن تقدم دون مقابل. كان يجب على المجلس العسكرى ألا يرهقنا بانتخابات الشورى، وأن يسارع الخطى فى كتابة الدستور، والشروع فى فتح باب الترشيح للرئاسة مباشرة، فنحن أمام شعبٍ واعٍ، يدرك خطورة المرحلة، ولذلك فإنه قد عزف عن المشاركة فى انتخابات الشورى، كما رأينا المرحلة الأولى". ونحن نسعى إلى أن تكون المجالس البرلمانية فعالة جادة فى عملها التشريعى والرقابى وليست ديكورا أو "خيال مآتة" لنظام لا يحرك ساكنا إلا "موافقون .. أغلبية"، كما كان يحدث فى الماضى ، بل نريد برلمانا يحرك المياه الراكدة بإصلاح تشريعى لقوانين عفا عليها الزمن ولا تتفق والشريعة الإسلامية، نريد برلمانا يذكره التاريخ لا أن تطارده اللعنات .. فما زال التاريخ يذكر العقاد الذى توعد الملك بتحطيم رأسه إذا مسّ الدستور وسُجن فى سبيل دفاعه عن الدستور، ولا يزال التاريخ يذكر النحاس باشا وممتاز نصار والشيخ صلاح أبو إسماعيل الذى كان أمةً فى البرلمان يصول ويجول مدافعًا عن الشريعة الإسلاميّة .. فى الوقت الذى دخل الآلاف البرلمان وخرجوا ولم يذكرهم التاريخ بشيء وكانوا "كمالة عدد" .. وهذا ما لا نرجوه لبرلمان الثورة. [email protected]