بمجرد أن يسمع سكان شارع «أبوبكر الصديق» فى كفر طهرمس آذان الفجر، يستيقظون من نومهم وقبل أن يتوضأوا لأداء الفريضة، يجهزون كل زجاجات المياه الفارغة للنزول بها، حيث اعتادوا تعبئتها يوميا من صنبور المسجد، لأن المياه التى تصلهم ملوثة بمياه الصرف الصحى. فجر كل يوم اعتاد الحاج مصطفى محمد أن يستيقظ، ليجد زوجته قد جهزت له الزجاجات التى سيملأها من المسجد، وقال: الحنفية بتنزل مية مجارى، جابت لمراتى العيا، من ساعة ما غلطت وشربت منها، المرض ماسك جسمها كله.. صرفت عليها 2000 جنيه علاج ومفيش فايدة. منزل الحاج مصطفى ومنازل جيرانه لا تخلو من الزجاجات، إما لملئها بالمياه النظيفة لشربها، أو بمياه الصنبور لإثبات تلوثها أمام الجهات المختصة، وهو ما أكده الحاج مصطفى قائلا: «فى يوم عرفنا أن المحافظ بيزور المدرسة اللى فى أول الشارع.. فجرينا كلنا بالزجاجات واتلمينا حوالين المدرسة لكن للأسف ملحقناهوش كان مشى». المشكلة لدى محمد البدراوى، أحد سكان المنطقة، ليست مجرد مياه الشرب، فالمياه بالنسبة له تعنى الحياة وقال: «أنا فى عز الحر بقعد بدون استحمام بالأسبوعين لأنى مش لاقى مية، ورائحة المجارى اللى بتنزل من الحنفيات لا تطاق من على بعد.. إزاى نستحمى بيها، أما الأكل فبنتصرف.. بناكل نواشف عشان مفيش ميه للطبخ وغسيل الخضار.. أنا أدفع 140 ألف جنيه فى شقة عشان فى الآخر أشرب مجارى؟! صلاح أحمد – من سكان المنطقة - لم يكتف بتقديم شكوى إلى رئيس الحى أو مسؤول الرى كغيره من السكان، فبعد أن مرضت زوجته الحامل بسبب شربها لرشفة مياه من الحنفية، حرر محضرا ضد وزير الرى ووزير الزراعة يحملهما فيه المسؤولية إذا ما تضررت زوجته أو الجنين بأى ضرر: «ما كنتش عارف مين المسؤول، وزير الرى ولا وزير الزراعة فحررت محضراً ضد الإثنين، مش عاوز منهم فلوس ولا تعويض أنا بس بحملهم المسؤولية. عندما قرر محمد مصطفى - صاحب محل منظفات فى شارع أبوبكر الصديق- أن يفتح محل للمنظفات فى الشارع، لم يكن يعرف أن المياه المتوفرة ستكون ملوثة، لذلك لم يجد أمامه سوى مياه المسجد: «بقالى 4 شهور فاتح هنا وفوجئت بأن الميه فى المحل ملوثة بالمجارى، وأنا شغلى بيعتمد على الميه عشان تخفيف المساحيق المركزة ولو كنت أعرف حقيقة الشارع دا ما كنتش فتحت هنا».