إطلاق أسماء 4 نقاد كبار على جوائز أفضل مقال أو دراسة حول الأفلام القصيرة جدًا    وظائف وزارة الأوقاف 2025| تعرف على الشروط وطريقة التقديم    استكمال أوراق الشهادات المعادلة العربية بجامعة بنها الأهلية (للمتقدمين إلكترونيًا فقط)    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 9 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    80 قطارًا.. مواعيد انطلاق الرحلات من محطة سكك حديد بنها إلى المحافظات الثلاثاء 19 أغسطس    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    علامات خطيرة وراء اضطرابات حرارة الجسم.. تعرف عليها    «التأمين الشامل».. تشغيل عيادة علاج طبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    وزيرا الإسكان والسياحة ومحافظ الجيزة يتابعون مخطط تطوير منطقة مطار سفنكس وهرم سقارة    حياة كريمة.. تشغيل المركز التكنولوجى بقرية سندبسط فى الغربية    بحضور رئيس الوزراء.. الإعلان عن توقيع 12 اتفاقية وخطاب نوايا بمنتدى الاستثمار المصري اليابانى.. الاتفاقيات ذات عائد استثمارى كبير وتسهم في تعميق الإنتاج المحلي والقيمة المضافة ودعم سلاسل التوريد وتنمية الصادرات    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس في بداية التعاملات    أمن الجيزة يلقى القبض على قاتل ترزى الوراق    الرى: تنفيذ مشروعات لحماية ساحل الإسكندرية بطول 2.60 كيلومتر    وزير الخارجية يعرب لنظيره الهولندي عن الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية    السبت.. عزاء الدكتور يحيى عزمي عقب صلاة المغرب في مسجد الشرطة ب6 أكتوبر    الدكتور جمال شقرة: «من النيل إلى الفرات» شعار دعائي للحركة الصهيونية    سقوط 21 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في عدة مناطق بقطاع غزة منذ فجر اليوم    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة غزل المحلة    بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعى للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    وزارة الصحة: "100 يوم صحة" قدّمت 52.9 مليون خدمة مجانية خلال 34 يوما    مركز الأبحاث الإكلينيكية بالمعهد القومى للأورام يحصل على التسجيل والاعتماد    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 19 أغسطس    يعرض قريبا، تعرف على قصة وأبطال مسلسل أزمة ثقة    موعد مباراة المصري وبيراميدز في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    بحثاً عن جثمان صغير.. رفع عبّارة نيلية بطهطا ابتلعه النيل أثناء التنزه بسوهاج "صور"    ضبط ترسانة أسلحة بيضاء ومواد مخدرة متنوعة بمطار القاهرة الدولي (صور)    صباحك أوروبي.. أزمة دوناروما ويونايتد.. خطة ألونسو.. وقلق هاري كين    وزير الأوقاف يكلف السيد عبد البارى برئاسة القطاع الديني    باحث: اتفاق ألاسكا أنهى ملف تبادل الأراضي بين روسيا وأوكرانيا    ياسمين صبري ناعية تيمور تيمور: «صبر أهله وأحبابه»    وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    "أقنعني وتنمر".. 5 صور لمواقف رومانسية بين محمد النني وزوجته الثانية    رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا يكتب ل«المصرى اليوم» .. المشاركة معًا في خلق مستقبل أكثر إشراقًا لإفريقيا: عصر جديد من الشراكة فى مؤتمر «تيكاد 9»    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    هناك الكثير من المهام والأمور في بالك.. حظ برج العقرب اليوم 19 أغسطس    «زي النهارده».. وفاة الكاتب محفوظ عبد الرحمن 19 أغسطس 2017    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    تفاصيل إصابة علي معلول مع الصفاقسي    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    طارق العشري يتحدث بصراحة عن انطلاقة الدوري ويؤكد: الأهلى الأقرب لحصد الدرع.. وتجربة الزمالك ستنجح في المستقبل    مساعد الرئيس الروسي يكشف تفاصيل مكالمة بوتين وترامب    إصابة ضابط وجندي إسرائيليين في معارك شمال غزة    جمال الدين: نستهدف توطين صناعة السيارات في غرب بورسعيد    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد سعيد.. واللعنة على من طغى وتجبّر

بينما كان الوزير المصرى المُقتدر مُفيد شهاب، يُمثل حكومة مصر فى الاجتماعات الأخيرة للمجلس الدولى لحقوق الإنسان فى جنيف، ويُحاول تبرئة ساحتها، وتبييض وجهها من كل سوء، كانت الأجهزة الأمنية لنفس الحكومة تُمارس أنشطتها المُعتادة فى إرهاب مواطنى مصر المحروسة، وكأنهم مُجرمون آثمون.
تلقيت سيلاً من الرسائل الإلكترونية حول الشاب السكندرى خالد سعيد، فى نفس الأسبوع الذى ذهب فيه د. مُفيد شهاب إلى جنيف، وحول الانتهاكات الفردية والجماعية لحقوق الإنسان على أيدى حكومتهم الظالمة. وأخص بالذكر من هذه الرسائل ما ورد من:
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
مركز هشام مُبارك للقانون.
مؤسسة حُرية الفكر والتعبير.
مركز حماية لدعم المُدافعين عن حقوق الإنسان.
المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
مركز الحق للديمقراطية وحقوق الإنسان.
الاتحاد المصرى لمنظمات حقوق الإنسان الشابّة.
المركز التكنولوجى لحقوق الإنسان.
المركز العربى الأوروبى لحقوق الإنسان والقانون الدولى.
معهد القاهرة لحقوق الإنسان.
مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية.
وكانت هذه الرسائل تدور، فى مُعظمها، حول حدثين مُهمين: أولهما، خاص بمقتل الشاب السكندرى خالد سعيد، الذى يقول شهود عيان إنه تعرّض لضرب مُبرح فى مكان عام، على أيدى مُخبرين، أمرهم ضابط شرطة بتأديبه، لمُجرد استفساره عن أى ذنب جناه وهو يُمارس نشاطه المُعتاد فى أحد مقاهى الإنترنت، حيث طلبوا منه مُغادرة المكان بصحبتهم، إلى قسم الشرطة، ولأنه مثل معظم المصريين يعتبر دخول قسم شرطة، هو أقرب إلى دخول مُخاطرة لا تُحمد عُقباها فى أحسن الأحوال، وإلى دخول جهنم فى أسوأ الأحوال والثانى خاص بما تعرض له مَنْ حاولوا الاحتجاج.
إن مُجرد مُساءلة مواطن لرجل أمنى (يرتدى الزى الرسمى) يعتبره هذا الأخير «قلة أدب»، أو «صفاقة»، أو «عصيان». والسلوكيات الثلاثة مرفوضة من رجال الأمن المصريين، حيث أصبحوا يعتبرونها «تحدياً» لهيبتهم وسلطتهم. وكل رجل أمن فى مصر الآن لا يعتد إلا بتعليمات وأوامر رئيسه فقط، وهم كمؤسسة يعتبرون أنفسهم فوق الجميع.
ويبدو أن الشاب السكندرى خالد سعيد، لم يكن يُدرك أن مصر أصبحت «دولة بوليسية»، أى أصبحت وطناً تحكمه الأجهزة الأمنية. وقبل خمسين سنة أصدر عالم الاجتماع المصرى الفرنسى أنور عبدالملك، مؤلفاً ذائع الصيت بعنوان «مصر مجتمع يحكمه العسكريون». فإذا كان الرجل حياً يُرزق، فليته هو أو أحد تلاميذه، يقوم بتوثيق وتحليل كيف انتقلت مصر من مجتمع يحكمه العسكريون إلى مجتمع يحكمه «المُخبرون».
يقول أحد المُخضرمين من الضباط المُتقاعدين إن تنشئة ضابط القوات المُسلحة منذ بداية دراسته فى الكلية الحربية تكون على الاعتزاز «بالشرف العسكرى»، وقيم الشجاعة والشهامة والوطنية والصدق. أما تنشئة ضابط الشرطة فهى عكس ذلك تماماً، لأن القيمة الحاكمة بالنسبة له هى «السيطرة». وفى سبيل تحقيق هذه السيطرة على من يتعامل معهم من مواطنين- سواء كانوا أسوياء صالحين أو مشبوهين منحرفين- فهو يستخدم كل الوسائل، من العنف البدنى، والنفسى، والإهانات، والتعذيب والابتزاز.
ويتعرض ضابط الشرطة لعملية غسيل مُخ من رؤسائه، جوهرها أن مثل تلك «السيطرة» على المواطنين ضرورة لحماية الأمن والنظام. ومع التلقين المستمر، تأتى المزايا المالية والرمزية، ابتداء من الزى الشرطى المُميز عن اللباس المدنى، إلى الراتب والبدلات، التى تضمن له دخلاً يوازى ثلاثة أمثال الخريج الجامعى. ومنذ دخوله كلية الشرطة يُقال له بواسطة مُدرّبيه ومُعلّميه أن يحرص دائماً على مُعاملة مُميزة لنفسه فى كل المرافق الخدمية، من وسائل المواصلات إلى المستشفيات، هذا إذا لم تكن مثل هذه الخدمات متوفرة له بالفعل من خلال الأندية والصناديق الخاصة بجهاز الشرطة نفسه.
لذلك سرعان ما ينمو فى عقل وقلب ضبّاط الأمن، أنهم أعلى من بقية فئات الشعب الأخرى. ومن هنا، حتى الشعار الوظيفى الذى استحدثته ثورة يوليو (1952)، وهو أن «الشرطة فى خدمة الشعب»، استبدلوه فى السنوات الأخيرة بشعار «الشرطة والشعب فى خدمة الوطن»! وأغلب الظن أن لسان حال ضبّاط الأمن هو «أن الشعب فى خدمة الشرطة»، أو ربما فى نظر بعضهم أن «الشعب تحت حذاء الشرطة».
وبهذه الخلفية التلقينية يمكن فهم الشعور المتوجس للمواطنين من مُجرد خاطر المرور أمام قسم شرطة، وشعور الجزع والخوف من دخول قسم شرطة، وشعور الرُعب فى حالة القبض عليه أو التحقيق معه فى قسم شرطة. ومن هنا كان هول مُمانعة، ثم مُساءلة خالد سعيد لرجال الأمن، الذين داهموا مقهى الإنترنت الذى كان يجلس فيه مع رفاقه من «المدنيين»، أو «الأفندية»، كما يحلو لضبّاط الشرطة أن يُطلقوا عليهم.
ولأن رجال الأمن فى مصر المحروسة لديهم هذه النظرة الاستعلائية نحو كل المواطنين، فإن مُجرد مُساءلة أحد «الأفندية» لهم يُعتبر «تحدياً»، أو «تمرداً»، أو «عصياناً». لذلك يستحق هذا «الأفندى» أن يتم تأديبه والسيطرة عليه فى الحال. وهذا على ما يبدو، من أقوال شهود العيان، هو ما حدث فى ذلك المقهى السكندرى.
إن ما حدث لخالد سعيد، يحدث مثله لمئات المصريين يومياً فى أقسام الشرطة. وكثيراً ما يُفضى التعذيب فيها إلى الموت. وقد زاملت فى نفس العنبر بسجن مزرعة طُرة ثلاثة من ضبّاط الشرطة الذين أدينوا فى حوادث تعذيب لمواطنين أثناء التحقيق أفضت إلى الموت. وكان سوء حظ هؤلاء الضبّاط أن وقائع تعذيب وموت ضحاياهم تسرّبت للإعلام، فتحولت إلى قضايا رأى عام، وأصبح مُتعذراً التستر عليها،
كما يحدث عادة. ومرة أخرى، لم تتردد الأجهزة الأمنية، ومعها الإعلام الحكومى، فى مُحاولة مُماثلة للتستر على واقعة مقتل خالد سعيد. فقد اتهمته، وهو الضحية، تارة بأنه هارب من «التجنيد»، وتارة أخرى بأنه هارب من أحكام قضائية كانت قد صدرت ضده فى قضايا مُخدرات، وتارة ثالثة بتعكير صفو الأمن، ومُقاومة السُلطات. وكأن أياً من هذه الادعاءات يُبرر القسوة والوحشية التى تعرّض لها، وأدت إلى وفاته. لقد كانت صور القتيل خالد أبلغ وأصدق من ألف كلمة صدرت عن وزارة الداخلية.
ولأن أجهزة هذه الوزارة الأخطبوطية قد فقدت الكثير من مصداقيتها من ناحية، ولأن الكيل طفح بالمصريين عموماً، وبالشباب منهم خصوصاً، فقد جاء مصرع خالد سعيد، وكأنه مصرع لهم جميعاً. فالشىء نفسه يمكن أن يحدث لأى منهم فى أى وقت، وفى أى مكان على أرض مصر المحروسة. لذلك كان ما حدث لخالد سعيد بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، والشرارة التى أوقدت نيران الغضب المكبوت ضد نظام فاسد، يرفض الرحيل، بل ويُمعن فى الكذب والاستكبار والطغيان. فلعنة الله على من كذب وطغى وتكبّر. آمين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.