«القضايا السياسية العالمية تتلاعب بكأس العالم» كان هذا هو عنوان التقرير الذى نشرته صحيفة «فورين بولسى» الأمريكية بمناسبة انطلاق كأس العالم أمس بجنوب أفريقيا لترصد من خلاله أهم الألعاب السياسية التى اعتمدت عليها بعض البلاد سواء المشاركة فى المونديال، أو حتى بعض البلدان التى تغيب عن البطولة. وبدأت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالمنتخب الكورى الشمالى الذى يشارك فى المجموعة السابعة للبطولة مع منتخبات البرازيل والبرتغال وكوت ديفوار، وتحت عنوان «خديعة كوريا الشمالية» قالت الصحيفة إن المسؤولين الكوريين استطاعوا حل أزمة عدم سفر مشجعيهم إلى جنوب أفريقيا إلى كأس العالم، خوفا من تعرضهم لهجمات بسبب مشاكلهم السابقة مع زيمبابوى بإرسال الآلاف من المواطنين الصينيين تحت مسمى «الجيش المتطوع» لمؤازرة الفريق فى مهمته بجنوب أفريقيا، خصوصا أن مهمتهم فى بلاد «قوس قزح» لن تكون طويلة فى ظل سقوطهم مع قوتين كرويتين مثل البرازيل والبرتغال. ووصلت بعثة كوريا الشمالية إلى جنوب أفريقيا فى اليوم الأول من الشهر الجارى وسط حملة انتقادات كبيرة بعد فشلهم فى إقامة معسكر بأى دولة قريبة من جنوب أفريقيا، بعد أن رفضت سوازيلاند فى البداية استضافة المعسكر نظير ربع مليون دولار لتوفير الإقامة والوجبات والانتقالات، كما تراجعت زيمبابوى عن استضافة المعسكر بسبب تورط كوريا الشمالية فى المجزرة الدموية التى شهدتها زيمبابوى عام 1980. أما القضية الثانية فتمثلت فى زيمبابوى نفسها، التى فشلت فى تحقيق الديمقراطية، وتمثل صداعا لقادة جنوب أفريقيا مع تداخلهم بالشمال الجنوب أفريقى، مما دفع بعض البلدان لمقاطعة إجراء معسكراتها فى زيمبابوى، حتى إن البرازيل نفسها واجهت انتقادات حادة بعد ذهابها يوم 2 يونيو الجارى إلى زيمبابوى لخوض مباراة ودية فازت فيها بثلاثة أهداف. وحاول جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا، التدخل لحل مشاكل زيمبابوى وأزمة اقتسام السلطة بين الرئيس روبرت موجابى ورئيس الوزراء مورجان تسفانجيراى، حتى إن زوما سافر إلى هرارى بتفويض من الجماعة التنموية للجنوب الأفريقى، خصوصا أن جنوب أفريقيا تستضيف أيضا ما لا يقل عن 2 مليون مواطن زيمبابوى بحثا عن الأمن، بسبب عدم الاستقرار السياسى عبر الحدود. وبدأت زيمبابوى تحصد جزءاً من الاستفادة الخاصة بالتغطية الإعلامية لكأس العالم، من خلال مجموعة الناشطين الزيمبابويين فى جنوب أفريقيا، وتوقعت الصحيفة زيادة العنف السياسى فى زيمبابوى خلال الأسابيع المقبلة. وتناولت الصحيفة فى ثالث قضاياها مشكلة «الاتجار بالبشر والهجرة«، فقبل انطلاق المونديال ظهرت وعود بتوفير فرص عمل لبعض الأشخاص، وتحديدا من إثيوبيا قبل أن تتحول إلى وعود كاذبة، فقطع العديد من الأشخاص رحلة محفوفة بالمخاطر مقابل 1200 دولار إلى جنوب أفريقيا تنتهى عادة إما بالاعتقال أو البقاء فى مخيم للاجئين بملاوى، وتعانى جنوب أفريقى من مشكلة أخرى خلال كأس العالم هى تجارة الجنس والدعارة، وحذر زوما من أن أهمية الحدث تتيح الفرصة للمجرمين للإتجار بالنساء والأطفال. وضمن إحدى الألعاب السياسية التى تأثرت بكأس العالم كان إلغاء جنوب أفريقيا مؤتمر السلام الذى كان مقررا عقده فى جوهانسبرج قبل أسبوع من كأس العالم بحضور الدالاى لاما «القائد الدينى الأعلى للبوذيين التبتيين» فى الصين، خوفا من أن يخطف المؤتمر الأضواء واهتمام وسائل الإعلام من الحدث الكروى العالمى، وهو ما توقع البعض أن يؤثر على علاقة الصين بجنوب أفريقيا سياسيا رغم عدم إعلان الصين موفقاً رسمياً من هذا الإلغاء. فيما اختتمت «فورين بولسى» تقريرها بنجاح حكومة جنوب أفريقيا فى احتواء الإضرابات العمالية داخل البلاد، التى كانت تهدد بعدم استكمال البنية التحتية الخاصة بالمونديال، بسبب الاعتراض على الأجور، وهو ما كلف الحكومة 3 مليارات دولار إضافية، إلا أن الصحيفة أكدت أن وجود الحدث العالمى يسمح بتعويض هذه المبالغ الطائلة.