بين عمله فى «المدبح» وأحلامه فى السينما مسافات كبيرة، لكنه استطاع أن يقرب بين هذه المسافات ليلغى الفروق بين عمليه المتضادين، اسمه حمدى حافظ وهو اسم سينمائى يتناسب مع الطموح الذى يسعى إليه فى السينما، وشهرته «حاحا» وهو اسم أطلقه عليه زملاؤه فى المدبح حيث يعمل صبى جزار مهمته تكسير رؤوس الذبائح وتشفيتها وسلخها. تخرج «حاحا» فى معهد فنى تجارى وعمل فى المدبح، لأنه على يقين أنه لن ينجح فى البحث عن عمل خارجه، ولذا وفر على نفسه عناء وطول البحث، ودخل عالم المدبح دون أن يكون له محل خاص، ويعتمد عمله بشكل أساسى على أعمال الجزارين، حيث يأخذ من كل محل رؤوس ماشيته ويعمل بها. نشأته فى المدبح وعمله فيه لم تشغل «حاحا» عن هوايته، فالسينما هى حلمه وبمرور الوقت تحول الحلم من مجرد مشاهدة إلى حب ممارسة، وشجعته على ذلك دور «سينما البلد» الموجودة فى منطقة المدبح، التى كان يتردد عليها منذ صغره ولايزال، حتى بعد عمله فى المدبح كان يسرح للحظات ويتخيل نفسه داخل الشاشة، ثم يعود سريعا إلى رأس الماشية التى يكسرها. ولحسن الحظ أدى ارتفاع أسعار المواشى وقلة العمل فى المدبح إلى اقتراب «حاحا» أكثر من هوايته، فهذا الركود أعاد ذهنه إلى السينما، لأن الرؤوس التى يكسرها لم تعد بالكثرة التى تشغله كما كانت سابقا: «زمان كنت ممكن أكسر فى اليوم الواحد 40 أو 50 راس، كل محل كان بيدبحله 10 مواشى فى اليوم، وكانت الحالة كويسة.. واحدة واحدة الرؤوس غليت وبقيت بالكتير بكسرلى 2 فى اليوم.. وفضلت الحالة كدا لحد ما الواحد بقى يدخل المدبح ويخرج منه وهدومه مافيهاش نقطة دم». هذه الحالة جعلت حاحا يسترجع حلمه القديم ويعطى مزيداً من الوقت لهوايته القديمة: «أنا من زمان بقلد وأمثل.. فتعرفت على مكاتب واشتغلت كومبارس وشاركت فى أفلام كتيرة مع عادل إمام وطلعت زكريا وأحمد السقا». لا يعنى اتجاه «حاحا» للتمثيل أن يخرج من المدبح: «المدبح علمنى اللبس المناسب لإنى دايما بمثل دور جزار أو مسجون أو كده.. ومثلت فى فيلم المدبح، وبعد ما كنت بنتظر العيد كموسم للدبايح بقيت بستنى رمضان كموسم للمسلسلات». مشكلة «حاحا» أن الأدوار التى يؤديها فى السينما لا يفهمها جيرانه فى المدبح، فهم يعتقدون أن الضرب والخناق بجد وليس تمثيلاً: «كل واحد من هنا ولا هنا يرمى كلام.. بس أنا بطنش لأنى فاهم شغلى كويس وعارف إنى موهوب».