توصل رئيس الوزراء البريطانى الجديد ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين، أمس إلى اتفاق مع حزب الديمقراطيين الأحرار الأصغر على تشكيل حكومة ائتلافية، هى الأولى من نوعها منذ 65 عاماً حيث تشكلت آخر حكومة ائتلافية عام 1945. وقال ممثلو حزب الديمقراطيين الأحرار فى البرلمان البريطانى إنهم أيدوا اتفاقا لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب المحافظين بعد 5 أيام من انتخابات غير حاسمة أنهت 13 عاما من حكم حزب العمال برئاسة جوردون براون الذى أعلن استقالته أمس الأول. ورحبت الأسواق بهذا بالاتفاق على أمل أن تتخذ حكومة بقيادة حزب المحافظين، وهو حزب يمين وسط، إجراء سريعا لإنقاذ الاقتصاد البريطانى الذى يعتبر التحدى الأول والأبرز الذى سيواجه الائتلاف الجديد والذى تجاوز 11% من الناتج القومى من حيث العجز فى الميزانية. وقال كاميرون فى أول خطاب له كرئيس للوزراء «سيكون هذا عملا شاقا وصعبا، سيواجه الائتلاف كل أشكال التحديات، ولكننى أعتقد أننا معا يمكننا تشكيل تلك الحكومة القوية والمستقرة التى يحتاجها بلدنا»، وأكد كاميرون أنه ونك كليج، زعيم الأحرار الديمقراطيين، مستعدان لتنحية خلافاتهما الحزبية جانبا للعمل من أجل مصلحة الوطن. وبدوره قال كليج «سيكون هناك بالتأكيد مصاعب وستحدث مشاكل، ولكنى سأبذل دوما كل ما بوسعى لأثبت أن السياسات الجديدة ليست ممكنة فقط بل إنها أفضل». وعن آخر تفاصيل تشكيلة الحكومة قال متحدث باسم كاميرون: تم الاتفاق على أن يشغل حزب الديمقراطيين الأحرار 5 مناصب وزارية بما فى ذلك تعيين نك كليج نائبا لرئيس الوزراء فى الحكومة الائتلافية. وأعلن حزب المحافظين أيضا عن تعيين جورج اوزبورن، والمتحدث المالى باسم الحزب، وزيرا للمالية فى الحكومة البريطانية الجديدة، وتعيين وليام هيج، الزعيم السابق للحزب، وزيرا للخارجية. وأوزبورن (38 عاما) هو صديق مقرب من رئيس الوزراء المحافظ الجديد وتولى إدارة القضايا المالية للحزب منذ عام 2005 وسيتولى مهمة إخراج بريطانيا من الركود الاقتصادى الذى تعانى منه. ويوصف اوزبورن بأنه ذكى ومحنك سياسيا رغم أنه أمضى حياته المهنية فى السياسة وقد أعرب البعض فى القطاع المالى عن قلقه بشأن عدم امتلاكه خبرة طويلة. وكلفت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية ديفيد كاميرون بتشكيل الحكومة البريطانية، بعدما قدم رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون استقالته للملكة إثر خسارته فى الانتخابات العامة. وبعد تكليف كاميرون، كان الرئيس الأمريكى باراك أوباما أول المهنئين. وقال البيت الأبيض إن أوباما قدم التهنئة فى اتصال هاتفى مع كاميرون. كما هنأ الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، زعيم حزب المحافظين البريطانى، وطالبه ببذل الكثير من الجهود فى الشؤون الأوروبية. وأعربت الصحف البريطانية عن ارتياحها لتشكيل حكومة ائتلافية أخرجت البلاد من الأزمة التى أعقبت الانتخابات، محذرة فى الوقت نفسه من أن هذا التحالف قد لا يصمد طويلا. فقد اعتبرت صحيفة الديلى تليجراف البريطانية أن الأحرار الديمقراطيين، هم الخاسر الأكبر، فخلافا للانشقاقات التى تتهددهم فإن اليساريين المسيطرين على الحزب يرون أنهم سيخسرون الانتخابات المقبلة لخسارتهم حزب العمال الأقرب دائما لسياستهم مقارنة بالمحافظين الذين يختلفون عنهم كثيرا. أما صحيفة فايننشيال تايمز فترى أنه حتى يتمكن الحزبان (المحافظين والأحرار الديمقراطيين) من بناء أرضية ثابتة فإن الضغوط الحتمية تتطلب قيادة فعلية من زعيم المحافظين دافيد كاميرون ونك كليج زعيم الأحرار الديمقراطيين، ويتوجب عليهما إثبات قدرتهما على تحمل المسؤولية. ورأت صحيفة فايننشال تايمز أن اتفاق تقاسم السلطة لم يركز على معالجة المشكلات الكبرى، معتبرة أنه يفتقر إلى «استراتيجية ذات مصداقية لإصلاح المالية العامة». وأشارت الصحيفة إلى أصوات فى صفوف المحافظين والأحرار، بدأت منذ الآن تشكك فى التحالف السياسى.