دائماً.. يفضل عبدالعزيز مصطفى، وكيل مجلس الشعب، الصمت ولا يستهويه التحدث لوسائل الإعلام، رغم معرفته الكثير من الأسرار، بحكم مواقعه التى يشغلها، سواء فى مجلس الشعب، أو كعضو بلجنة السياسات فى الحزب الوطنى. وفى حواره مع «المصرى اليوم» كشف عبدالعزيز مصطفى عن آرائه فى العديد من الموضوعات التى تشغل الرأى العام فى الوقت الراهن.. من رأيه فى فساد بعض أعضاء مجلس الشعب، إلى طريقة اختيار الناخبين لممثلهم فى البرلمان، ورأيه فى قضية نواب قرارات العلاج، والإشراف القضائى على الانتخابات، وكان رأيه لافتاً فى موضوع ترشيح الدكتور محمد البرادعى للانتخابات الرئاسية، وكذلك رأيه فى قضية الصفقات السياسية بين الحزب الوطنى وأحزاب المعارضة، واعتبر أن حديث مهدى عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، عن صفقة الجماعة مع «الأمن» فى انتخابات عام 2005 مجرد «شوشرة سياسية». ■ تعددت فى الفترة الأخيرة مخالفات وفضائح النواب.. ألم يؤثر ذلك على سمعة مجلس الشعب؟ - أولاً.. أريد أن أوضح أن مجلس الشعب صورة من المجتمع.. وكل مجتمع يفرز نوابه وفيهم الصالح والطالح. ■ لكنهم من نواب الحزب الوطنى.. ألا يعنى ذلك أن الحزب أساء اختيار مرشحيه؟ - الحزب يختار الأفضل من بين المتقدمين للترشح.. وفى النهاية تختارهم كنواب المواطنين.. مع الأخذ فى الاعتبار أننا عندما نتقدم بمرشحينا حتما لا نختار الأسوأ.. وعلى مدار الدورة البرلمانية «5 سنوات» قد ينزلق النائب لارتكاب مخالفة أو جريمة.. وأعتقد أن الحساب يكون فورياً وقاسياً. ■ منذ فترة تم الكشف عن فضيحة نواب قرارات العلاج على نفقة الدولة.. لماذا لم تتم محاسبتهم حتى الآن؟ - دعنا لا نستبق الأحداث، ونحن فى انتظار تقارير الجهات الرقابية حول هذه القضية. ■ بعيداً عن رأى الأجهزة الرقابية.. ما رأيك أنت كوكيل للمجلس فى هذه المخالفات؟ - النواب وحدهم لا يتحملون المسؤولية كاملة.. وكان يجب من البداية وضع ضوابط لاستخراج هذه القرارات.. وأعتقد هنا أن هناك تقصيراً من الجهاز الإدارى بوزارة الصحة. ■ الجهاز الإدارى كان يخضع لابتزاز النواب له؟ - كان يجب عدم استخراج أى قرارات للنائب إلا لأبناء دائرته فقط. ■ للنواب وجهة نظر.. وهى أنهم لا يمثلون دوائرهم فقط لكنهم نواب عن الأمة كلها؟ - معهم حق.. ولكن اهتمام النائب بدائرته، حسبما يقول الواقع، يأتى فى المقام الأول.. وكان يمكن السماح بنسبة ما فقط من هذه القرارات لمن هم خارج دائرة النائب. ■ كيف سيتعامل المجلس مع من تدينه التقارير الرقابية؟ - ستتم محاسبته بلا شك.. ولا أعتقد أن المجلس سيملك ترف العفو عن المخطئ فى هذه الحالة. ■ قلت إن النائب، حسبما يقول الواقع، يهتم بدائرته فقط.. هل يرضيك هذا الواقع الذى يهدر أهمية دور النواب؟ - بالطبع لا يرضينى، ولكن الناخب اعتاد اختيار النائب «المشهلاتى»، الذى يؤدى له الخدمات.. ولذلك ترى المواطن يلجأ لعضو مجلس الشعب فى خدمات أولى أن يقدمها له عضو المجلس المحلى، وأنا لا يمكننى تجاوز هذه النقطة قبل أن أحمل أجهزة الإعلام مسؤولية تكريس هذه المفاهيم، لأنها لا تقوم بالدور الكافى لتوعية المواطنين بطبيعة الدورين التشريعى والرقابى للنائب. ■ دخلت بنا لنقطة حساسة.. ماذا تفعل أجهزة الإعلام مع مواطن قناعته الأساسية أن الانتخابات يتم تزويرها ويأتى الحزب الوطنى بمن يريده دونما اعتبار للتصويت الحقيقى ورغبة المواطن؟ - أحمّل الإعلام أيضا المسؤولية فى ذلك.. فأنتم من ترددون أن الانتخابات سيتم تزويرها، بسبب تقليص الإشراف القضائى، ولم يلتفت أحد منكم إلى كم الطعون الانتخابية التى قدمها المرشحون فى الانتخابات الماضية وقبل الماضية، فى ظل الإشراف القضائى الكامل. ■ الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات كان يمثل ضمانة مهمة لا يمكن الاستهانة بها؟ - هناك ضمانات أخرى لا يمكن تجاهلها، وأبرزها وجود مندوبى المرشحين داخل اللجان.. وخارجها أيضاً.. والمرشح الذى لا يستطيع توفير العدد الكافى من المندوبين، من الأفضل له الجلوس فى بيته. ■ مع كل هذه التشابكات.. هل تتوقع تغييراً فى تركيبة المجلس المقبل؟ - الرأى الأول والأخير للشارع. ■ هل سيحصل الإخوان المسلمون على العدد نفسه فى المقاعد؟ - الشارع أيضاً هو الذى سيحكم، ويأتى بمن يريد من المرشحين. ■ ما تقييمك لأداء الكتلة البرلمانية للجماعة؟ - أترك التقييم أيضاً للشارع. ■ عفواً.. هذه إجابة لا إجابة فيها.. أريد تقييمك أنت؟ - تقييمى ألخصه فى مقولة واحدة لنواب الإخوان.. تذكروا أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» كان يستخدم السياسة من أجل الدين، ولم يستخدم يوماً الدين لأغراض سياسية. ■ يسيطر على الشارع السياسى الآن الحديث عن صفقات قد تتم بين الحزب الوطنى وأحزاب المعارضة الأخرى خاصة الوفد والتجمع فى الانتخابات المقبلة على حساب الإخوان المسلمين؟ - أنا شخصياً لا أصدق حديث الصفقات.. وأتحدى من يثبت ذلك. ■ الصفقات السياسية عموماً لا تتم من خلال أوراق تثبت وقوعها؟ - لا تحملنا ما لا طاقة لنا به.. من يتحدث عن صفقات عليه أن يثبتها.. ولا يعقل أن يطالبنى أحد بأن أثبت أنا وجودها. ■ المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين مهدى عاكف، أشار فى حواره مع «المصرى اليوم» إلى عقده صفقة مع الأجهزة الأمنية لإنجاح بعض مرشحيه فى الانتخابات الماضية؟ - أنا شخصياً لا أصدقه.. وأتحداه أن يثبت ذلك.. وهذه «شوشرة» سياسية لا أعرف غرضه من ورائها. ■ ألا ترى أن الناس فقدت الثقة فى الأحزاب عموماً بدليل وجود الحركات الاحتجاجية فى الشارع؟ - الحركات الاحتجاجية مازالت نخبوية ولا تعبر إلا عن عدة أفراد، ولا تؤثر فى الشارع لأنها غير عقلانية. ■ هذه الحركات تحمل مطالب لقطاعات لا يستهان بها من المواطنين.. فكيف لا تؤثر فى الشارع؟ - للأسف الثقافة السائدة فى المجتمع الآن تلزم الدولة بالمسؤولية عن المواطن من الميلاد إلى الممات.. وهذا منطق عفا عليه الزمن. ■ وهل يعقل أن تترك الدولة المواطن فريسة لأخطائها؟ - الدولة لا تتعمد الخطأ. ■ لكنها تخطئ والدليل سياسة الخصخصة التى تمت بلا ضوابط تحمى العمال من وحشية رأس المال؟ - فى كل دول العالم وقعت مشاكل بسبب التحول من سياسة الاقتصاد الموجه إلى سياسة الاقتصاد الحر.. وما حدث فى مصر أهون كثيراً مما حدث فى الدول الأخرى. ■ مهما صغرت المشاكل فما ذنب العمال فى تحملها؟ - نحن لم نترك العمال يواجهون أزماتهم بمفردهم، ونبحث لهم عن الحلول المناسبة.. مثلما حدث مع عمال شركة «أمونسيتو».. مجلس الشعب تدخل من خلال لجنة القوى العاملة.. والحكومة تدخلت أيضاً من خلال وزارة القوى العاملة.. وتم الوصول لحل مناسب أدى بالعمال لفك اعتصامهم. ■ الرأى الغالب أن الحكومة تحابى المستثمرين على حساب أى شىء آخر؟ - الحكومة تهيئ الظروف لاستقبال الاستثمارات، وهى توازن بين حقوق المستثمرين وحقوق العمال.. وفى كل الأحوال تنتصر للعمال. ■ الحركات السياسية أيضاً وقبلها أحزاب المعارضة جميعها تطالب بتغيير الدستور خاصة المادتين 76، و77.. ألا ترى أن هذه المطالب جديرة بالدراسة؟ - من حق أى مواطن أن يطالب بتعديل أو تغيير الدستور. ■ ألا ترى أن المادة 77 تحتاج تعديلاً الآن قبل انتخابات الرئاسة المقبلة؟ - لا تنس أن المادة تم تعديلها عام 2005 وأتاحت لأول مرة فى تاريخ مصر إمكانية المنافسة على أهم وأخطر منصب فى الدولة وهو منصب الرئاسة. ■ لكن شروط الترشيح للرئاسة صعبة للغاية وتكاد تكون مضبوطة فقط على مقاس مرشح الحزب الوطنى أيا كان اسمه؟ - أتفق معك فى الشروط الصعبة.. لكنها أيضاً مطلوبة لضبط الترشح على أهم وأخطر منصب فى مصر كما قلت. ■ هل تتوقع أن يستطيع الدكتور محمد البرادعى استيفاء الشروط للترشيح؟ - الدكتور البرادعى رجل محترم ومن حقه أن يجتهد للمنافسة على منصب الرئاسة. ■ كيف فى ظل شروط المادة «77» الصعبة لأقصى مدى؟ - على الداعمين له مساعدته على استيفاء الشروط. ■ ألمح فى إجابتك استهجاناً للداعمين للدكتور البرادعى؟ - على العكس.. أرى أن تأييده ودعمه من قبل البعض ظاهرة صحية، ومخطئ من يتصدى لها. ■ هل تتفق مع المطالبين بالرقابة الدولية على الانتخابات؟ - لا أتفق بالطبع لأننى أرفض الوصاية الأجنبية على مصر. ■ دول كثيرة تقبل بذلك ومن بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكثير من المصريين راقبوا انتخابات الرئاسة الأخيرة؟ - هذا شأن أمريكى، والمقارنة مختلفة، ولن يقول أحد إن أقوى دولة فى العالم تحت وصاية أحد.