«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الدين هلال للشروق: الرياح الصفراء تهب على أرض مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 05 - 2010

أستاذ العلوم السياسية والقيادى البارز فى الحزب الحاكم والوزير السابق،يختصر تجربته السياسية فى أنه «أستاذ الجامعة». وكما يقول عن نفسه: أنا موظف فى الدولة والدخل الوحيد فى حياتى هو راتب من الدولة المصرية، ولا أستطيع أن أهرب من هذه الخبرة.
على الدين هلال عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق وأمين التثقيف والتدريب السابق فى الحزب الوطنى وأمين الإعلام الحالى والذى تقع عليه مهمة الدفاع عن أعضاء ونواب حزب الأغلبية قد لا يتمتعون بالضرورة بالشعبية، لا يجد أى غضاضة فى هذه المهمة، ويقول إن الدفاع عن الدولة ليس جريمة ولا أمرا أخجل منه.
ونحن على أبواب انتخابات مجلس الشورى، بروفة انتخابات الشعب نهاية العام، وجهت الشروق الدعوة إلى السياسى المخضرم والقيادى المهم، على فنجان قهوة، فى مقر الجريدة، يصاحبه نقاش فى محاولة للرد على سؤال كيف يفكر الحزب الوطنى؟ كيف ينظر للوضع السياسى الراهن ماذا يريد من الانتخابات المقبلة والأهم محاولة فك شفرة تلك العلاقة الملتبسة بين أداء الحكومة وشعبية الحزب الحاكم.
رغم أن «دكتور على»، كما يناديه الجميع، أراد ألا يطول الحديث عن ساعتين، امتد اللقاء فى النهاية إلى ما يقرب من 4 ساعات، اختار خلالها أن يتحدث أولا، ولمدة نصف ساعة، «فاتحة شهية» عن موضوعات وقضايا محددة من المواطنة إلى وحدة المصريين وعلاقة النخبة بالجماهير ليشرح «الخلفية التى تحكم طريقة تفكيرى»، وترك ل«الشروق» حرية نقلها من عدمه مع الحوار.
يتحدث على الدين هلال بصرامة أحيانا ويرفض أن يقاطعه أحد أحيانا أخرى، يميل برأسه للخلف ويغمض عينيه كأنه يعيد ترتيب أفكاره، وسرعان ما يتبع ذلك بعبارات واثقة، ثم ابتسامة عريضة، ومش هاقول حاجة مش عايز أقولها. لكن ما أراد قوله، وهو من يصوغ السياسات الإعلامية ويحدد ملامح صورة الحزب الوطنى، هو شعوره أن المعركة الأكبر فى مصر هى معركة على عقل مصر وأن المشهد العام يحكمه الصراع بين الماضى والمستقبل.
ولم يفته، وهو من كتب تحقيقا عن انتخابات اتحاد الطلبة فى جامعة القاهرة فى مجلة آخر ساعة قبل أكثر من نصف قرن، أن ينتقد الصحافة الخاصة، رغم أنه اعتبرها جزءا من عناصر القوى الناعمة فى مصر.
يجزم، وهو مؤلف العديد من الكتب حول السياسة والحكم فى مصر، أن من يتصور أن الاعتصامات والإضرابات رمز لضعف النظام فهم واهم، رغم أنه يقر بوجود حرب على عقل مصر، وبتيارات من الخطر بأشكال متنوعة، تحيط بكيان البلد.
الحراك فى الشارع.. والرصاص ليس حلًا
«لا يشدنى ما قد يبدو صاخبا أو عالى الصوت لإدراكى أن علو الصوت ليس دليلا على أهمية الموضوع»، هكذا اختار على الدين هلال البداية، متذكرا ما كان يقوله له الكاتب أحمد بهاء الدين، أحد الذين أثروا فى حياته تأثيرا كبيرا، كما يروى. «هناك معارك المنتصر فيها والمهزوم سيان».
لكن فى الصراع الحالى، أو الحراك السياسى، التعبير المفضل للحزب الوطنى وحكومته منذ سنوات، فإن النتيجة هنا بالإيجاب على الأقل للنظام. «أكبر خطأ أن يتصور أحد أن هذا العدد من الاعتصامات والإضرابات هو رمز لضعف للدولة أو أنه يحدث رغم أنفها». ويعتقد أمين الإعلام بالوطنى أن الدولة عندما تقرر منع أحد فإنها تمنعه وتسمح فقط إن أرادت. وقوانين اللعبة؟ متى تمنح ومتى تبخل؟ الفكرة بسيطة.
«تمنع إذا رأت أن هذا النشاط تهديد لما تعتقد أنه لا يجب أن يتم تهديده». تتدخل إذا رأت قوى سياسية «غير مشروعة» تستخدم هذا النشاط كواجهة وبالتالى تتعامل معه باعتباره تهديدا أمنيا «ووزارة الداخلية هى التى تتعامل مع الوضع وفقا لما لديها من معلومات. هى مسألة معلومات».
وبالتالى فى أغلب الأمور ذات «الطابع المطلبى» تنظر اليها الدولة باعتبارها «مطلبا مشروعا»، وفى عدد كبير من الحالات تبين أن أصحاب المطالب على حق، وتمت الاستجابة لهم بشكل أو بآخر، كما يشرح هلال وهو يعطى المثال: مسيرة منذ نحو 3 سنوات قررت أن تقوم بها حركة كفاية فى شارع شبرا «ولم يمنعهم أحد». «إذن مش لو رفعت شعار تعديل الدستور لازم تتضرب».
«ليس من حق أحد أن يقمع الناس أو يطلق الرصاص على أحد لأنه عبر عن فكره أو رأى»، يقول رجل الوطنى معلقا على ما دار تحت قبة البرلمان من هجوم على المتظاهرين وشباب 6 أبريل قبل أيام. يكرر الفكرة بعبارة أخرى «ليس من حق أحد، أى كان منصبه، أن يدعو إلى إطلاق الرصاص على أحد».
والدعوات ألم تصدر عن نواب الوطنى؟ يرد دكتور على على السؤال بسؤال: هل هناك أحد من قيادات الوطنى دعا إلى ضرب المواطنين بالرصاص؟». والإجابة معروفة سلفا: لا. وكأن الحزب الوطنى يجب أن يحاسب فقط على ما يصدر عن قياداته الأعلى، بينما نوابه الذين يتم اختيارهم بعناية فائقة، فهم ليسوا بالضرورة لسان حال الحزب وما يمسهم من فساد أو يحوم حولهم من شبهات. نحاول وضع مجموعة من القواعد والإجراءات لتفاديها.
هل تنفذ على الوجه الصحيح؟ يتساءل رجل الوطنى قبيل أن يجيب: هناك أشياء كثيرة تحدث على الأرض، وهناك عصبيات».
المرشح المثالى.. حسن السمعة أولا
«احنا بنسأل أمة لا إله إلا الله عن المرشح، ليتأكد الحزب عبر الهيئات الرقابية المتعددة فى الدولة من حسن السمعة». يشرح هلال «فلسفة اختيار» مرشحى الوطنى لأى انتخابات: يجرى الحزب ما يطلق عليه المجمعات الانتخابية فى كل محافظة، تجتمع قيادات من الوطنى من الأمانة العامة فى القاهرة مع القيادات «القاعدية» وممثلى الحزب فى المحافظة ويبدأ التصويت على أسماء المتقدمين لخوض الانتخابات «هو شكل من أشكال الديمقراطية داخل الحزب».
فى نفس الوقت يجرى الوطنى استطلاعات رأى، ويوفد مندوبين يسألون الناس فى الشوارع «من الذى تعتقد أنه يمثلك أكثر؟».لكن هلال يقول «حسن السمعة يسبق أى شىء آخر، والمقصود بحسن السمعة أن يكون الرجل فى خدمة الناس وموجودا فى الدائرة». هذا هو «المرشح المثالى»، وليس بالضرورة أن يختار مجموعة عقول قد يكون لها أداؤها الجيد ليشكل بها البرلمان. «شخص مستقيم يخدم الناس وموجود فى الدائرة، شروط ستؤدى إلى أداء برلمانى جيد» فى اعتقاد القيادى الوطنى.
والأسماء التى أثارت ضجة حول الوطنى، هل نراها فى مجلس الشورى أو مجلس الشعب المقبل؟
فترة قصيرة من الصمت. أسماء مثل إبراهيم سليمان وهانى سرور وأحمد شوبير وهشام طلعت مصطفى؟ لحظات أخرى من الصمت وابتسامة عريضة، قبل أن يقول: «إيه السؤال اللى بعده؟». تجنب على الدين هلال الإجابة عن السؤال لا يعطى بالضرورة إجابة سلبية فالرجل لا يعتقد كثيرا فى مقولة زميله أمين التنظيم، أحمد عز «نائب اليوم هو مرشح الغد».
يقول هلال: «لا أذكر أن عز قال هذا الكلام فى آخر سنة. لو عندى نائب نجح فى البرلمان ونحج فى انتخابات نزيهة، ومنهم نواب هزموا مرشحى الوطنى، الذى حصلوا فى الانتخابات الماضية على 34% فقط من المقاعد، إذن نائب اليوم ليس مرشح الغد بالضرورة»، يقول هلال قبل أن يرد على السؤال الذى تفاداه سابقا «إذا أحد النواب الذى حصل على أحكام أو حوله شبهات قوية، لن نرشحه مرة ثانية»، هكذا قال قبل أن يستدرك: «هذا ما نرجو أن يحدث».
أغلبية المقاعد..توكيلات بيد الحزب
حتى لو حصل الحزب على نفس هذه النسبة الضعيفة كما فى انتخابات 2005، فالحكاية معروفة ومكررة، سيختار الوطنى مرشحه، يخسر مرشح الوطنى، فيضم الوطنى المرشح الفائز «المستقل» إلى صفوفه، ليحصل على الأغلبية، وهذا هو الهدف من الانتخابات: أغلبية المقاعد؟.
يعتقد هلال أن هذه ظاهرة «تفتت الأصوات» المؤيدة للوطنى وليس لقوة المرشح المنافس. «نجد 12 واحدا من قيادات الوطنى ينافسون بعضهم فى الجولة الأولى، ويقررون فى جولة الإعادة أن يرموا أصواتهم على المنافس، لكى يثبتوا للوطنى أنه أخطأ فى الاختيار».
ومنذ الانتخابات البرلمانية الماضية ابتكر الوطنى أساليب عديدة تحول دون تكرار هذه الظاهرة: منع القيادات باستثناء أعضاء الأمانة العامة من خوض الانتخابات، وإلزامهم بالتوقيع على ورقة بهذا المعنى لمدة 5 سنوات، مع إلزام المرشحين بتوكيل صفوت الشريف ليقدم أو يسحب الترشيحات من لجنة الانتخابات.
«60 ألف قيادة ممنوعون من خوص الانتخابات. هم عايزين يغيروا قواعد اللعبة بعد ما جنوا شعبية من ورا الحزب».
وإذا تكررت القصة؟.
لكل حدث حديث يقول هلال.
حكومة الحزب .. علاقة ملتبسة جدا
الحديث اليوم عن الحكومة أو حكومة الحزب، وهذه شعارات، كما يعتقد أمين الإعلام.
شعار قصد به فى وقت من الأوقات الرد على التعبير السائد «حزب الحكومة»، و«إعطاء الأهلية والجدارة للحزب، خاصة أن الوزير كان يأتى أحيانا للحزب لتحديد الأولويات، كما أن أغلب الوزراء ليسوا، أصلا، جزءا من الحزب وبعد أن يعين وزيرا ينضموا إليه».
العلاقة ملتبسة جدا. فى النظم السياسية يفوز حزب بالأغلبية فيشكل الحكومة التى تقوم بتنفيذ سياساته، ويظل للحزب مسئولية حزبية عن السياسات التى تنتهجها الحكومة فى نهاية الأمر.
لكن «الحزب الوطنى يضع مجموعة من السياسات العامة، أما كيف يمارسها الوزراء فهو أمر يخص كل وزير»، كما يوضح هلال وهدف الحزب فى رأيه «ليس إحراج الحكومة وبالتالى وهو يصوغ السياسات ويضع الأهداف يتشاور مع الحكومة. لكن أثناء التنفيذ قد ترى الوزارة أن الموارد غير متاحة أو أن التنفيذ يحتاج مدة أطول. فالشيطان يكمن فى التفاصيل».
بتعبيره أيضا «وارد أن الحكومة وهى تصوغ القانون مثلا تصل إلى اجتهادات معينة قد يتفق معها الحزب وقد يختلف». «الحزب له أن ينبه لاتجاه الرأى العام، له أن يناقش الحكومة، لكن لا علاقة له بممارسة السلطة».
والخلل ما بين السياسات والتنفيذ لا يرى فيه أستاذ العلوم السياسية «عوارا»، بل يعتقد أن هذا «مفهوم ديمقراطى يعطى مرونة للحزب ومصدر قوة له». يدافع هلال بشدة عن نظريته «أنتم متصورون صورة لا أساس لها من الصحة. يعنى مشيرة خطاب تتكلم عن قانون للمعاقين ولم يكن مدرجا فى برنامج الحزب. هل أعتبر هذا عوارا؟ ده كلام غريب جدا»، ينفعل القيادى بالحزب الحاكم قبل أن يعود سريعا إلى هدوئه.
وإذا نفذت الحكومة سياسات مناهضة لتوجهات الحزب؟.
«غير وارد، لأن رئيس الحزب اسمه حسنى مبارك، ورئيس السلطة التنفيذية اسمه حسنى مبارك». وإذا حدث خلاف فى الجوهر «يصبح هناك خلل يتم الاحتكام فيه لرئيس الدولة». والدليل مشروع قانون الضريبة العقارية مثلا. «الخلل حدث عند التنفيذ، وموظفو وزارة المالية الذين وضعوا الاستمارة حددوا هدفا آخر هو رصد الثروة العقارية فى مصر، ودخلوا فى تفاصيل غريبة من نوع التشطيب فى الغرف، وعدد الحمامات».
التغيير محسوب .. تعايش القديم والجديد
إذن هل هو راض عن أداء حكومة نظيف، بمعنى تنفيذ سياسات الوطنى؟ «لا أحب الإجابة عن هذه الأسئلة»، ثم يعطى الإجابة ضمنا وهو يسأل: «من يعطى حصانه للوزراء فى البرلمان؟ هم نواب الحزب. إذن لابد أن يكون الحزب راضيا فى المجمل عن أداء الوزراء، لكن هذا لا يعنى أن الحزب راض عن كل قرار اتخذه كل وزير على مدى 5 سنوات. الصورة واضحة فى نظره، لكن الالتباس فى موضع آخر، فى هذا الصراع والجدل بين التغيير والاستقرار.
يروج أستاذ العلوم السياسية لفكرة أن الجديد يكتسب شرعيته من انتسابه للقديم، والقديم يستمر من خلال تداخله مع الجديد. وبالتطبيق فى السياسية المصرية فهناك إرث. ارث يتعلق بطبيعة النظام الرئاسى بدور رئيس الدولة وغلبة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية. وأمام الماضى الذى يعيش معنا، هناك محاولات وجهود للخروج منه. ومعالم التغيير جزء منها من داخل جهاز السلطة.
يعود هلال إلى تاريخ ليس ببعيد، الذى دعا إلى تحول مصر من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية هو أنور السادات. التغيرات الضخمة التى حدثت فى مصر حدثت من قمة السلطة.
لم تحدث ثورة فى مصر أو انقطاع فى نظام الحكم ولم يسقط الدستور وبالتالى فإن مصر فى رأيه تمثل نموذجا للتطور المتدرج والمحسوب والبطىء، والنتيجة أن عناصر القديم والجديد يتعايشان، قد يتصارعان أحيانا، لكنهما يتعيشان. باختصار فإن النظام المصرى فى رأيه يتغير من داخله، والاستبداد لا ينتهى بين يوم وليلة.
تعقيدات الواقع .. بين الاستقرار والتغيير
قبل أيام من زيارته إلى الشروق كان على الدين هلال يلقى محاضرة فى الجامعة الأمريكية حول النظام السياسى المصرى، وقال إن فى مقابل القوى الداعية للتغيير هناك قوى رجليها على الفرامل. وهذا جزء من تعقيدات المشهد السياسى كما يقول فى حواره مع الشروق. فالواقع ملىء بالتعقيدات تعصب دينى وسياسى وأحلام وردية وناس متأثرة بأجندة خارجية وناس لها ثأر مع ثورة يوليو وضغوط خارجية لإقامة قواعد عسكرية فى مصر وتطرف دينى وسنة وشيعة كلها رياح صفراء بأشكال مختلفة.
يضيف هلال: التغيير بحكم التعريف يفكك أوضاع قائمة ومن ناحية أخرى الاستقرار يريد أن يحمى استمرار الدولة. وبالتالى من يهتم أكثر بالأمن والاستقرار رجله على الفرامل لكن مش فى كل الأوقات والفريق الداعى للتغيير أيضا مش فى كل الأوقات يدعو للتغيير. هى ليست كتلا صماء ضد بعضها البعض، لا توجد كتل صماء فى الدولة، وهذا جزء من تعقد المشهد، فى اعتقاده.
نقد النخبة .. الوصاية على الشعب
ينتقد على الدين هلال النخبة المصرية، حتى وهو يؤكد أن من حقها «أن تعبر عن آرائها بكل حرية». لكن ليس من حقها، «خاصة وهى منقسمة ومتعددة، أن تتحدث باسم الشعب، فى غياب السند. ليس من حقها أن تفرض وصاية على الشعب»، بل يذهب لأبعد من ذلك ويقول إن «النخبة لم تضع يدها على مفاتيح الشعب».
السؤال، فى رأيه، ماذا يحرك الشارع المصرى؟ مئات الآلاف يخرجون من أجل مباراة كرة أو مولد الحسين أو مولد القديسة دميانة. الناس يحركها الدين والعرض والأرض، كما يحركها الاستعمار الأجنبى.
لكن مهما كان الدافع النبيل، فالذين يراهنون على دعم أى دولة أجنبية يراهنون على سراب ولن يجنوا منه إلا الوهم. يتحدث أستاذ العلوم السياسية عن الضرب فى مفهوم المواطنة وعن الأفكار التى تتضمن ولاءات سياسية تخرج عن نطاق الوطن، يقول إن فى هذا خروج على تقاليد الانتماء للدولة المصرية، وبنفس المنطق فإن الاستقواء بالأجنبى هو ضرب للدولة.
يفاوض الدكتور على السياسى والأستاذ، لإنهاء الحوار، فالساعة اقتربت من العاشرة مساء.
هل هو راض عما يفعله؟
يقول لا.
يضيف: «عندى روح عدم رضا عما أقوم به. دائما أشعر أن هناك ما هو أكثر استطيع أن أقوم به»، ربما يكون مزيدا من الوقت للكتابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.