لمدة 3 ساعات.. مواعيد وأماكن قطع الكهرباء عن قرى ومدن محافظة الدقهلية    ارتفاع جديد ب 340 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بالصاغة    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    حريق هائل بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة (صور)    صندوق النقد: مطلوب زيادة اسعار الطاقة باسرع وقت .. مصطفى مدبولي: بنزين وسولار وبوتجاز من أول أكتوبر يا افندم!    نائب رئيس جامعة الأزهر يعلن موعد نتيجة التنسيق (فيديو)    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    أخبار الفن اليوم.. وفاة النجم روبروت ريدفورد.. وائل جسار يكشف أسرارا جديدة حول صراع راغب علامة وفضل شاكر    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    توتنهام يفوز على فياريال.. وقرة باج يتجاوز بنفيكا في دوري أبطال أوروبا    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    وفاة اللواء خالد العزازى مستشار رئيس هيئة قناة السويس للإعلام والعلاقات العامة    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    ما زال الحبل السري متصلا بها.. أنثى حوت أوركا تحاول إنعاش طفلها الميت (فيديو)    ضرب وسحل وألفاظ خادشة.. الأمن يفحص فيديو اعتداء أشخاص على شاب وسيدة بالهرم    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    ريال مدريد «المنقوص» يهزم مارسيليا في دوري الأبطال    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    على باب الوزير    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    4 لاعبين مصريين يتأهلون لنصف نهائي بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    الهلال يحقق فوزًا صعبًا على الدحيل في دوري أبطال آسيا للنخبة    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل من بلدة دير أبو ضعيف    وزير الدفاع السعودي وقائد القيادة المركزية الأمريكية يبحثان تعزيز التعاون الدفاعي    يوفنتوس يتعادل 4-4 مع دورتموند في أجمل مباريات دوري أبطال أوروبا    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    اجتماع سوري إسرائيلي مرتقب في باكو    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    الحماية المدنية تخمد حريق منزل في سرابيوم بالإسماعيلية    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 خلال هجمات الاحتلال اليوم    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: النيل مسألة وجودية لمصر    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    وقت مثالي للبحث في تحسين الدخل.. برج الجدي اليوم 17 سبتمبر    ضغوط العمل لا تطاق.. حظ برج القوس اليوم 17 سبتمبر    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    وزير الري: ندرة المياه لا تسمح بزراعة الصحراء بالقمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالدورة الثامنة    رئيس الوزراء: الأعاصير الإقليمية تكشف حكمة الرئيس السيسي    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    بالزي الفرعوني.. نجمة "تايتانيك" كيت وينسلت أمام الأهرامات بالذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سمير رضوان مستشار هيئة الرقابة المالية وعضو لجنة السياسيات ب«الوطنى»: إذا فشلت الدولة فى حل أزمة الأجور.. البلد «حتولع»

تتعجب عندما تجلس وتسمع للرجل وتعرف أنه قاد فريق منظمة العمل الدولية فى حل مشكلات بلد مثل جنوب أفريقيا فى مسألة الأجور فى التسعينيات من القرن الماضى، وتزداد حيرتك حينما تعرف أن الرجل نفسه هو أحد أعضاء لجنة السياسات فى الحزب الوطنى، ليثور السؤال فى عقلك: ولماذا إذن نعانى من مشكلة فى الأجور مادام الرجل ذا خبرة، وفى الوقت ذاته ليس من المعارضة؟ يجيبك هو فى طيات حديثه بالقول إن مشكلتنا فى عدم امتلاك الإرادة التى تمنحنا العزم فى التنفيذ.
ويمتد الحديث مع الدكتور سمير رضوان، مستشار هيئة الرقابة المالية، ليصل بك لقناعة ما يتحدث عنه من أنه لا طائل من العبور للمستقبل دون إلغاء كلمة «إصلاح» من قاموسنا، فالحل كما يقول لن يأتى لنا إلا بتناسى الوضع الحالى والبدء من جديد اعتماداً على نظرية «انسف حمامك القديم» لا للاستفادة من فرص الاستثمار فى المستقبل وحسب ولكن لاستحالة حل ما لدينا من مشكلات لم تعد تُجدى معها الحلول المؤقتة.. فهو لا ينكر معاناة المصريين من غلاء المعيشة ولكنه يرفض فوضى الأجور ما بين ثابت ومتغير،
كما أنه مع زيادة الحد الأدنى للأجور ولكنه يعارض مقارنة العامل المصرى بنظيره فى أى دولة، ويبرر ذلك بالقول: «العامل الصينى يعمل ثلاثة أضعاف نظيره المصرى، فكيف نساوى بينهما فى الأجور؟»، ثم يتحدث عن السنوات المقبلة فيقول لك إننا لم نخطط لاستغلال الأزمة العالمية ولكن الفرصة لم تضع بعد. قال مستشار هيئة الرقابة المالية الكثير فى حديثه ل«المصرى اليوم» فإلى نص الحوار:
■ الأجور هى حديث الساعة ولكن كخبير هل تساوى إنتاجية العامل المصرى الحد الأدنى الذى يطالب به المصريون؟
- لا، ودعونى أشرح السبب، ففى مادته رقم 34 نص قانون العمل 13 لسنة 2003 على تحديد دور المجلس القومى للأجور، بأن يقوم المجلس بمراجعة الحد الأدنى للأجور بحيث تتواكب مع الأسعار، ولكنه لم يشترط الإنتاجية.
فالقانون لم يلتفت لها على الرغم من أن كل الدول تتعامل مع الأجور من منطلق ثلاثى «الأسعار والأجور والإنتاجية»، فلا يمكن النظر لإحداها بمعزل عن الأخرى، وعندما ننظر فى التقارير الدولية كافة مثل تقرير «دافوس» عن التنافسية أو تقرير ممارسة الأعمال الذى يصدر عن البنك الدولى نجد أن مركز مصر يتحسن، كنا فى العام الماضى رقم 81، وأصبحنا العام الحالى رقم 70 وهو ما يعنى التحسن، ولكننا نتراجع فى نوعية قوة العمل المصرية وكفاءة سوق العمل والتعليم.
وهو ما يعنى أن إنتاجية العامل فى مصر منخفضة، ولا يصح أن نقارنها بغيرها فى العالم لأنها لن تكون فى صالحنا، وسأضرب مثالاً، حيث كنا دوما نقارن أنفسنا بالصين التى كانت تعانى هى الأخرى من انخفاض الأجور، ولكن فى السنوات الأخيرة ارتفعت الأجور فى الصين بعد ارتفاع النمو والإنتاج وبخاصة فى المناطق الساحلية والجنوبية وعندما نقارنها بمتوسط أجر العامل المصرى نجد هناك ارتفاعاً أكبر مما يحدث عندنا، لكن بالمقارنة بإنتاجية العامل الصينى نجد أنها ثلاثة أضعاف إنتاجية العامل المصرى فى النشاط ذاته. وعندما نقسم الإنتاجية على الأجر تصبح تكلفة وحدة العمل المصرية أعلى من نظيرتها فى الصين.
وهذا لا يعنى رفضى زيادة الحد الأدنى للأجور ولكن السؤال: «كيف؟». لأن هناك عملية هرج غير طبيعية فى تلك المسألة دون النظر بدقة للمعطيات الممنوحة لنا وتحديد المفاهيم الخاصة بتلك المسألة.
■ ولكن على من تقع مسؤولية تراجع الإنتاجية: الإدارة التى أهملت العامل أم العامل الذى بات يتبع قيماً لا تستطيع المنافسة؟
- هى مسؤولية مشتركة لأن كفاءة سوق العمل منخفضة عموما، وسوق العمل تتضمن إدارة وعاملاً وحكومة تنظم المنظومة كلها. والحقيقة أن مسؤولية تراجع الإنتاجية يتحملها كل هؤلاء. ومثال على ذلك، كلنا نذكر المظاهرات فى المحلة منذ عامين فى 6 أبريل، عندما نحللها نجد أنها حدثت فى قطاع الغزل والنسيج ولكنها لم تحدث فى القطاع ذاته فى المنطقة الحرة أو الإسكندرية أو مناطق الكويز، لماذا؟
الجواب أننا أهملنا قلعة الصناعة المصرية فى المحلة الكبرى لمدة 30 عاماً رغم تقدم هذا القطاع بشكل رهيب فى شتى بقاع العالم ونحن على حالنا لم نتغير.
هناك مدينة اسمها «سانجالان» فى سويسرا تستخدم القطن المصرى فى صناعة أفخر أنواع العقال العربى وتباع القطعة منه بنحو 600 أو 700 دولار، فى الوقت نفسه الذى ما زلنا فيه على حالنا نستخدم أغلى أنواع القطن فى إنتاج فتلة سميكة وهذا لا يحدث فى العالم، نحن حتى لم نحافظ على ما كان لدينا فى الماضى، كانت شركة المحلة للغزل والنسيج تنتج قماشا من القطن اسمه «لينوه» كان يشبه الحرير فى نعومته وكان من أغلى أنواع القماش.. أين هو الآن؟
وبالطبع لا يتحمل العامل بمفرده مسؤولية تدهور قطاع مثل هذا، الحكومة شريك خاصة أن من يدخل سوق العمل خارج من نظام تعليمى غير مؤهل. ليس هذا فقط، بل إن نظام التدريب لا يجد من يهتم به على الرغم من وجود 1236 مركز تدريب تخص جميع الوزارات فى مصر، وقد قمت بنفسى بحصرها منذ وزارة الدكتور عاطف عبيد، الغالبية لا تهتم بفكر التدريب، ولا يخرّج المركز الواحد غير عدد قليل كل عام وتتحمل الحكومة عبء رواتب العاملين به من دون فائدة حقيقية.
لدينا مشكلة فى مفهوم التدريب الذى ننظر له من ناحية العرض، بمعنى أننا نُعلم الناس وندربهم حتى يأتى من يطلبهم للعمل، ولكن العالم لا يسير بهذا المنطق لأن مفهوم التدريب فى العالم كله يعتمد على مبدأ الطلب، ندرس السوق ومتطلباتها وندرب العمالة على ما تحتاجه السوق.
فى الصين التى يبلغ تعدادها 1.3 مليار شخص وقوة العمل فيها تبلغ نحو ثلثى تعداد السكان، أى 400 مليون مواطن يتم التعامل بهذا المنطق حيث تدرس الحكومة الصينية احتياجات الأسواق العالمية وتبدأ بعدها فى تدريب الأيدى العاملة على تلك الاحتياجات التى ستقوم بإنتاجها وتصديرها فيما بعد.
ليس هذا وحسب ولكنهم يدرسون مزاج كل سوق على حدة ومتطلباتها، بمعنى أن ما يصدر لأمريكا وأوروبا غير ما يصدر لنا أو لدول الخليج. الوحيد الذى أدرك هذا البعد هو المهندس رشيد الذى ذهب للمصانع يعرف منها احتياجاتها الحقيقية وقام بتدريبها وزود بها المصانع، ولكنها تجربة لا تزال محدودة.
والدليل أن لدينا 14 مهنة حاكمة نعانى من ندرة رهيبة فيها مثل التمريض وصيانة الإلكترونيات المعقدة كالطائرات، والخدمة الفندقية التى نصنف على أننا من أسوأ الدول فى نوعية الخدمة التى نقدمها.
■ وماذا فعلت الدولة للنهوض بواقع ال 14 مهنة الحاكمة سواء لتزويد المجتمع بها أو تصديرها للخارج؟
- لم نقم بخطوة حقيقية فى هذا المجال ولكن كما هى مسؤولية الدولة هى مسؤولية القطاع الخاص الذى لم يعد يهتم بفكر التدريب رغم أنه صاحب الطلب، ففى الخارج توجد مراكز تدريب فى قلب الشركات الخاصة تدرب من تحتاج له من أيد عاملة.
أيضا الدولة عليها دور كما يحدث فى دول الخليج فمع سيادة مفهوم إعطاء الأولوية لمواطنى الدولة، تلجأ الدولة للقطاع الخاص وتطلب منه تشغيل الأيدى العاملة ذات الخبرة البسيطة أو المعدومة على أن تتولى الدولة ولمدة محددة سداد راتبه، وبعد أن يصبح ذا خبرة فى مجاله تترك لصاحب العمل مهمة دفع راتب عامل مؤهل، وهو نظام تعمل به دول كثيرة.
■ إذن لا جدوى من المطالبة بزيادة فى الأجور؟
- ليس هذا بالضبط، ولكن لدينا تحول من نظام الدولة التى تقوم بكل شىء إلى نظام السوق الذى يقوده القطاع الخاص، فى الوقت ذاته الذى بتنا نترك فيه الأمور على ما هى عليه ونأخذ بحلول جزئية دون النظر لكل جوانب الموضوع. ولا شك لدى فى أن الناس تعانى فى ظل أكثر من صدمة اقتصادية كزيادة الوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأزمة المالية والضرائب المتصاعدة.
لكن السؤال: كيف نحل تلك المنظومة ككل؟ الاعتصام والإضراب ليسا الطريقة المثلى لحل مشاكل الأجور فى مصر. لقد عملت فى أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية وكانت هناك مشاكل أكثر من التى نعانى منها الآن وكنا نعلمهم أن حق الإضراب مشروع ولكنه بداية المطاف وليس نهايته، ومن أجل تحقيق ذلك لابد أن تكون المؤسسات الاجتماعية فى سوق العمل على درجة كبيرة من الوعى والإدراك للدور الذى تقوم به وأنها ليست جزءاً ضعيفاً من الصورة بل جزءاً فاعلاً ومؤثراً بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال بحيث تكون فيه لجان حقيقية لتسوية المنازعات، ومتابعة ثلاثى «الأسعار والإنتاجية والأجور»،
وهذا الحوار غير موجود فى المجتمع المصرى الذى يعانى فى كل مستوياته من حوار «الطرشان»، ولم يعد أحد يسمع أى طرف آخر وزاد الطين بلة عندما لجأنا للفضائيات نتعارك فيها متظاهرين بأننا نناقش مشاكلنا ثم يذهب كل منا لبيته مرتاحاً رغم أننا لم نصل لحل.
■ لماذا لدينا دوما حلول حاسمة وسريعة فيما يتعلق بموارد خزانة الدولة، كالضرائب على سبيل المثال، ولكننا لا نقوم بالأمر ذاته عندما نتعامل مع قضايا تخص التنمية الاجتماعية أو الاقتصادية؟
- لدينا وزير مالية شاطر اختير أكثر من مرة كأحسن وزير فى المنطقة، وهذا لا يعنى أنه الوحيد، ولكنه يعرف ماذا يفعل وأهمية الحسم فى هذه الأمور وقيمة عدم تركها للزمن، ولكن مشكلتنا أننا نتعامل مع قضايانا بشكل فردى لا بشكل جماعى أو برؤية عامة وهذا لا يصلح لتغيير أوضاع.
وإذا نجحت فى حل جزء من المشكلة فممكن أن تسير بعض الوقت ولكن ستأتى بقية العوامل لتوقفك وتعرقل المسيرة من جديد فتتجه أنظارك لحل المشكلة الطارئة وهكذا تنشغل فى تفرعات من دون النظر للجوهر الأصلى والصورة العامة. كانت لدينا رؤية من 2004 ولكنها اصطدمت بنتائج الأزمة العالمية، ولذا لا أجزم أن تلك الرؤية صالحة لفترة ما بعد الأزمة، يمكنها أن تسير بنا بعض الوقت ولكنها غير صالحة لمن لديه طموح للمستقبل.
■ وما الرؤية الجديدة التى نحتاجها لفترة ما بعد الأزمة؟
- أولا هناك أمور علينا أن ننسى كلمة «الإصلاح» فيها، لابد من نسفها تماما وبناء رؤية وقاعدة عمل جديدة، بنفس منطق «انسف حمامك القديم». ما حدث إنجازات لا تنكر ولا أشكك فيها ولكن دعونا نجعل عيوننا على 2020، وهى مرحلة معروف من الآن من سيدخلها من الجيل الحالى فى سوق العمل، وأنا كدولة المفترض أننى أملك البيانات كافة عن تلك الفئة الآن عبر شهادات الرقم القومى، ولكن المشكلة فى الهرم السكانى الخاص بنا، الذى يتميز بغلبة السن الصغيرة، وهو ما يعرف بظاهرة البروز الشبابى بمعنى أن الضخ فى سوق العمل أعلى من معدل الخروج منها، فمعدل النمو السكانى يتراوح بين 1.4 و1.8 بينما معدل نمو سوق العمل يتراوح بين 3.5 و3.9 أى الضعف تقريباً، ولو أردنا تحقيق النمو الاقتصادى فعلينا استغلال قوة العمل المتاحة وبأفضل وجه، وهو الهدف الأسمى للمجتمعات، امنحنى وظيفة ولا أريد أى شىء آخر..
المفكر الاقتصادى «كينز» لم يكن ساذجاً بعد الأزمة العالمية فى الثلاثينيات حين قال إن الهدف ليس زيادة النقود والأموال والأرباح ولكن الهدف الأسمى للسياسة الاقتصادية والاجتماعية هو تحقيق التشغيل الكامل. وهذا يعتمد على معدل القوى العاملة وإذا كان معدل نمو القوى العاملة فى مصر 3.9 فلابد من زيادة عدد المصانع ومجالات العمل المختلفة لاستيعاب تلك القوة وهو ما يعنى الحاجة لزيادة الادخار بنسبة 25% من الدخل القومى بينما ادخارنا فى مصر اليوم لا يتجاوز 14%.
لقد وصلنا لمرحلة لا يفيد معها غير إطلاق مرحلة جديدة من التصنيع طموحة جداً تكون مشروعنا القومى ويجب أن يحدث بسرعة، خصوصا فى تلك الفترة الناتجة عن الأزمة العالمية، التى استغلتها مجتمعات أخرى غيرنا كالصين بينما نحن لم نستغلها بعد، فقد هاجرت رؤوس الأموال من أوروبا فى محاولة لتجنب الآثار الشديدة للأزمة، الصين اليوم هى مركز صناعة السيارات فى العالم حيث تنتج 12 مليون سيارة سنويا وأكبر شركة لصناعة السيارات فى العالم موجودة هناك. هم يهتمون بالمعنى الحقيقى للتصنيع، يستخدمون الحديد فى صناعة سيارات ومحركات وماكينات تصنيع وغيرها الكثير ونحن فى مصر ننتج الحديد ونبيعه أسياخاً.
ولذا أقول: هذه الأزمة ونتائجها فرصة، علينا سرعة اقتناصها قبل ضياعها، خاصة أن التقارير الاقتصادية تشير إلى أن عام 2014 سيمنح مصر معدل نمو 7.4% ولكن بشرط ألا يعانى الاقتصاد العالمى من الأزمات المالية وأن تمنح الاستثمار الحرية وتتوسع فيه. فى الوقت نفسه الذى لدينا فيه دراسات أوروبية مؤكدة عن منطقة جنوب البحر المتوسط تشير إلى أنه يعانى من ظاهرة زيادة معدل الشيخوخة مقابل تراجع النمو السكانى بشكل كبير، وهو ما يعنى أن قوة العمل تتراجع، ونحن لدينا العكس ولذا فتلك المنطقة ستعتمد على جنوب المتوسط فى قطاع الخدمات كالترفيه والسياحة والصحة، فلماذا لا نستغل تلك الفرصة وندرب القوى العاملة لدينا لخلق جيل يعمل. وهنا تأتى الجزئية الأخرى فى الرؤية التى علينا اعتمادها ألا وهى أن نتحول لدولة مؤسسات تضع سياسات واقعية وطموحة وحقيقية ويتم تنفيذها بغض النظر عن القيادات وتغيرها وهو ما يحدث فى الخارج.
■ الحكومة تتحدث عن معدلات نمو 7%، وعندما يطالب الناس بزيادة الأجور تكون الإجابة أن الميزانية لا تسمح. والسؤال: لماذا لا يشعر الناس بالتحسن؟
- هناك «انسداد» فى الماسورة الواصلة بين الارتفاع فى معدلات النمو ودرجة إحساس الناس بالراحة المعيشية. وذلك بسبب تركيبة قوة العمل المصرية التى يوجد 44% منها أميون وشبه أميين، و20% فى الزراعة على فيض الكريم، و27% موظفون وقطاع أعمال بينما هناك 10% فقط هى القطاع الحديث ذو الإنتاجية العالية والدخول التى تشعر بالنمو. تريدون تسليك الماسورة إذن عليكم اعتماد الرؤية التى تحقق النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
■ وماذا عن الحد الأدنى للأجور؟
- لا يمكن حله على الفضائيات التى من دورها نقل المشكلة وليس مناقشة حلها بالعراك، ويجب على المجلس القومى للأجور أن يأخذ الموضوع بجدية وألا يكون رأيه استشارياً، وإلا البلد «حتولع». الجزئية الأخرى هى خطأ من يدعى أن 1200 جنيه هو الرقم الصحيح للحد الأدنى للأجور كما يدعى البعض ممن حسبوا أن خط الفقر يقف عند حاجز 2 دولار فى اليوم أى 11 جنيهاً مصرياً، لأن القوة الشرائية الحقيقية للدولار فى أمريكا غير قوته الشرائية الحقيقية فى مصر التى يساوى فيها 240 قرشاً أى أن الدولارين يساويان 480 قرشاً فى 30 يوماً هذا هو خط الفقر الذى كثيرا ما يحدث الخلط بينه وبين الحد الأدنى للأجور.
وفى تقديرى أنه لا يجب أن يكون هناك مصرى تحت خط الفقر، بينما أرى أن الحد الأدنى للأجور يجب ألا يقل عن 656 جنيهاً. المشكلة فى عدد 6 ملايين موظف فى الدولة وهذا رقم لا يوجد فى أى دولة متقدمة، اليابان لا يزيد عدد العاملين فى الدولة بها على 300 ألف موظف. الموضوع يحتاج لقرارات حاسمة.. أذكر أننا ذهبنا لجنوب أفريقيا بعد تولى نيلسون مانديلا الذى طلب تحسين مستوى أجور العاملين، درسنا الحال ووضعنا مستويات متعددة لخط الفقر حسب المهنة ومنحنا الدراسة لمانديلا وبها التوصيات المطلوب عملها، وبعد أسبوع واحد صدر القانون الذى نظم كل شىء دون النظر لكونى مصرياً يرأس فريقاً من منظمة العمل. كان النظر لنا كخبراء يعرفون ما عليهم فعله.
ولكن ما لدينا من نظام أجور فى مصر يعرف بالثابت والمتغير لا نصفه إلا ب«فوضى الأجور»، ولا حل لما نحن فيه إلا بوضع قوائم محددة للأجور تزيد كل عام حسب التضخم ونسبة من العاملين المتميزين فقط هم من يحصلون على الحوافز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.