محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    «إسرائيل: السحر الدين الدم».. كتاب جديد يكشف الأسرار الخفية للدولة العبرية    أمطار غزيرة تغرق خيام النازحين في عدة مناطق بقطاع غزة (فيديو)    الجيش السوداني يستعد لصد هجوم لميليشيا الدعم السريع من الأراضي الإثيوبية    قفزة لليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد فوز مان سيتي وآرسنال وخسارة تشيلسي    نيجيريا تهزم تونس 3-2 وتصعد لدور ال16 بأمم إفريقيا    إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    الأرصاد تحذر من أمطار ليلة رأس السنة ومنخفض جوي يضرب السواحل الشمالية    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    النيابة العامة تُجري تفتيشاً ل مركز إصلاح وتأهيل المنيا «3»| صور    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    يوفنتوس يعبر اختبار بيزا الصعب بثنائية ويشعل صراع القمة في الكالتشيو    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    بيزا ضد يوفنتوس.. السيدة العجوز تحسم المواجهة بثنائية نظيفة    حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    إصابة 10 أشخاص فى حادث انقلاب مينى باص بمنطقة مدينة نصر    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    كأس أفريقيا.. نيجيريا تتأهل بثلاثية في تونس    مدرب المصرية للاتصالات: لا أعرف سبب تفريط الأهلى فى مصطفى فوزى بهذه السهولة    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    أشرف زكي بعد واقعة ريهام عبد الغفور: «نحن في بلد قانون.. والقضية لن تنتهي»    انتخابات النواب 2025 بسوهاج.. إقبال كثيف ورقابة شعبية منعت أي تجاوزات| فيديو    خبير اقتصادي: تحسن سعر الصرف وانخفاض التضخم يحدان من موجات الغلاء    تفاوت بين روايتَي واشنطن وأبوجا بشأن الضربات الأمريكية في نيجيريا    أول رد من نيللي كريم على شائعة زواجها من شريف سلامة    رونالدو يشيد بأداء النصر بعد ثلاثية الأخدود: الطريق ما زال طويلًا    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سمير رضوان مستشار هيئة الرقابة المالية وعضو لجنة السياسيات ب«الوطنى»: إذا فشلت الدولة فى حل أزمة الأجور.. البلد «حتولع»

تتعجب عندما تجلس وتسمع للرجل وتعرف أنه قاد فريق منظمة العمل الدولية فى حل مشكلات بلد مثل جنوب أفريقيا فى مسألة الأجور فى التسعينيات من القرن الماضى، وتزداد حيرتك حينما تعرف أن الرجل نفسه هو أحد أعضاء لجنة السياسات فى الحزب الوطنى، ليثور السؤال فى عقلك: ولماذا إذن نعانى من مشكلة فى الأجور مادام الرجل ذا خبرة، وفى الوقت ذاته ليس من المعارضة؟ يجيبك هو فى طيات حديثه بالقول إن مشكلتنا فى عدم امتلاك الإرادة التى تمنحنا العزم فى التنفيذ.
ويمتد الحديث مع الدكتور سمير رضوان، مستشار هيئة الرقابة المالية، ليصل بك لقناعة ما يتحدث عنه من أنه لا طائل من العبور للمستقبل دون إلغاء كلمة «إصلاح» من قاموسنا، فالحل كما يقول لن يأتى لنا إلا بتناسى الوضع الحالى والبدء من جديد اعتماداً على نظرية «انسف حمامك القديم» لا للاستفادة من فرص الاستثمار فى المستقبل وحسب ولكن لاستحالة حل ما لدينا من مشكلات لم تعد تُجدى معها الحلول المؤقتة.. فهو لا ينكر معاناة المصريين من غلاء المعيشة ولكنه يرفض فوضى الأجور ما بين ثابت ومتغير،
كما أنه مع زيادة الحد الأدنى للأجور ولكنه يعارض مقارنة العامل المصرى بنظيره فى أى دولة، ويبرر ذلك بالقول: «العامل الصينى يعمل ثلاثة أضعاف نظيره المصرى، فكيف نساوى بينهما فى الأجور؟»، ثم يتحدث عن السنوات المقبلة فيقول لك إننا لم نخطط لاستغلال الأزمة العالمية ولكن الفرصة لم تضع بعد. قال مستشار هيئة الرقابة المالية الكثير فى حديثه ل«المصرى اليوم» فإلى نص الحوار:
■ الأجور هى حديث الساعة ولكن كخبير هل تساوى إنتاجية العامل المصرى الحد الأدنى الذى يطالب به المصريون؟
- لا، ودعونى أشرح السبب، ففى مادته رقم 34 نص قانون العمل 13 لسنة 2003 على تحديد دور المجلس القومى للأجور، بأن يقوم المجلس بمراجعة الحد الأدنى للأجور بحيث تتواكب مع الأسعار، ولكنه لم يشترط الإنتاجية.
فالقانون لم يلتفت لها على الرغم من أن كل الدول تتعامل مع الأجور من منطلق ثلاثى «الأسعار والأجور والإنتاجية»، فلا يمكن النظر لإحداها بمعزل عن الأخرى، وعندما ننظر فى التقارير الدولية كافة مثل تقرير «دافوس» عن التنافسية أو تقرير ممارسة الأعمال الذى يصدر عن البنك الدولى نجد أن مركز مصر يتحسن، كنا فى العام الماضى رقم 81، وأصبحنا العام الحالى رقم 70 وهو ما يعنى التحسن، ولكننا نتراجع فى نوعية قوة العمل المصرية وكفاءة سوق العمل والتعليم.
وهو ما يعنى أن إنتاجية العامل فى مصر منخفضة، ولا يصح أن نقارنها بغيرها فى العالم لأنها لن تكون فى صالحنا، وسأضرب مثالاً، حيث كنا دوما نقارن أنفسنا بالصين التى كانت تعانى هى الأخرى من انخفاض الأجور، ولكن فى السنوات الأخيرة ارتفعت الأجور فى الصين بعد ارتفاع النمو والإنتاج وبخاصة فى المناطق الساحلية والجنوبية وعندما نقارنها بمتوسط أجر العامل المصرى نجد هناك ارتفاعاً أكبر مما يحدث عندنا، لكن بالمقارنة بإنتاجية العامل الصينى نجد أنها ثلاثة أضعاف إنتاجية العامل المصرى فى النشاط ذاته. وعندما نقسم الإنتاجية على الأجر تصبح تكلفة وحدة العمل المصرية أعلى من نظيرتها فى الصين.
وهذا لا يعنى رفضى زيادة الحد الأدنى للأجور ولكن السؤال: «كيف؟». لأن هناك عملية هرج غير طبيعية فى تلك المسألة دون النظر بدقة للمعطيات الممنوحة لنا وتحديد المفاهيم الخاصة بتلك المسألة.
■ ولكن على من تقع مسؤولية تراجع الإنتاجية: الإدارة التى أهملت العامل أم العامل الذى بات يتبع قيماً لا تستطيع المنافسة؟
- هى مسؤولية مشتركة لأن كفاءة سوق العمل منخفضة عموما، وسوق العمل تتضمن إدارة وعاملاً وحكومة تنظم المنظومة كلها. والحقيقة أن مسؤولية تراجع الإنتاجية يتحملها كل هؤلاء. ومثال على ذلك، كلنا نذكر المظاهرات فى المحلة منذ عامين فى 6 أبريل، عندما نحللها نجد أنها حدثت فى قطاع الغزل والنسيج ولكنها لم تحدث فى القطاع ذاته فى المنطقة الحرة أو الإسكندرية أو مناطق الكويز، لماذا؟
الجواب أننا أهملنا قلعة الصناعة المصرية فى المحلة الكبرى لمدة 30 عاماً رغم تقدم هذا القطاع بشكل رهيب فى شتى بقاع العالم ونحن على حالنا لم نتغير.
هناك مدينة اسمها «سانجالان» فى سويسرا تستخدم القطن المصرى فى صناعة أفخر أنواع العقال العربى وتباع القطعة منه بنحو 600 أو 700 دولار، فى الوقت نفسه الذى ما زلنا فيه على حالنا نستخدم أغلى أنواع القطن فى إنتاج فتلة سميكة وهذا لا يحدث فى العالم، نحن حتى لم نحافظ على ما كان لدينا فى الماضى، كانت شركة المحلة للغزل والنسيج تنتج قماشا من القطن اسمه «لينوه» كان يشبه الحرير فى نعومته وكان من أغلى أنواع القماش.. أين هو الآن؟
وبالطبع لا يتحمل العامل بمفرده مسؤولية تدهور قطاع مثل هذا، الحكومة شريك خاصة أن من يدخل سوق العمل خارج من نظام تعليمى غير مؤهل. ليس هذا فقط، بل إن نظام التدريب لا يجد من يهتم به على الرغم من وجود 1236 مركز تدريب تخص جميع الوزارات فى مصر، وقد قمت بنفسى بحصرها منذ وزارة الدكتور عاطف عبيد، الغالبية لا تهتم بفكر التدريب، ولا يخرّج المركز الواحد غير عدد قليل كل عام وتتحمل الحكومة عبء رواتب العاملين به من دون فائدة حقيقية.
لدينا مشكلة فى مفهوم التدريب الذى ننظر له من ناحية العرض، بمعنى أننا نُعلم الناس وندربهم حتى يأتى من يطلبهم للعمل، ولكن العالم لا يسير بهذا المنطق لأن مفهوم التدريب فى العالم كله يعتمد على مبدأ الطلب، ندرس السوق ومتطلباتها وندرب العمالة على ما تحتاجه السوق.
فى الصين التى يبلغ تعدادها 1.3 مليار شخص وقوة العمل فيها تبلغ نحو ثلثى تعداد السكان، أى 400 مليون مواطن يتم التعامل بهذا المنطق حيث تدرس الحكومة الصينية احتياجات الأسواق العالمية وتبدأ بعدها فى تدريب الأيدى العاملة على تلك الاحتياجات التى ستقوم بإنتاجها وتصديرها فيما بعد.
ليس هذا وحسب ولكنهم يدرسون مزاج كل سوق على حدة ومتطلباتها، بمعنى أن ما يصدر لأمريكا وأوروبا غير ما يصدر لنا أو لدول الخليج. الوحيد الذى أدرك هذا البعد هو المهندس رشيد الذى ذهب للمصانع يعرف منها احتياجاتها الحقيقية وقام بتدريبها وزود بها المصانع، ولكنها تجربة لا تزال محدودة.
والدليل أن لدينا 14 مهنة حاكمة نعانى من ندرة رهيبة فيها مثل التمريض وصيانة الإلكترونيات المعقدة كالطائرات، والخدمة الفندقية التى نصنف على أننا من أسوأ الدول فى نوعية الخدمة التى نقدمها.
■ وماذا فعلت الدولة للنهوض بواقع ال 14 مهنة الحاكمة سواء لتزويد المجتمع بها أو تصديرها للخارج؟
- لم نقم بخطوة حقيقية فى هذا المجال ولكن كما هى مسؤولية الدولة هى مسؤولية القطاع الخاص الذى لم يعد يهتم بفكر التدريب رغم أنه صاحب الطلب، ففى الخارج توجد مراكز تدريب فى قلب الشركات الخاصة تدرب من تحتاج له من أيد عاملة.
أيضا الدولة عليها دور كما يحدث فى دول الخليج فمع سيادة مفهوم إعطاء الأولوية لمواطنى الدولة، تلجأ الدولة للقطاع الخاص وتطلب منه تشغيل الأيدى العاملة ذات الخبرة البسيطة أو المعدومة على أن تتولى الدولة ولمدة محددة سداد راتبه، وبعد أن يصبح ذا خبرة فى مجاله تترك لصاحب العمل مهمة دفع راتب عامل مؤهل، وهو نظام تعمل به دول كثيرة.
■ إذن لا جدوى من المطالبة بزيادة فى الأجور؟
- ليس هذا بالضبط، ولكن لدينا تحول من نظام الدولة التى تقوم بكل شىء إلى نظام السوق الذى يقوده القطاع الخاص، فى الوقت ذاته الذى بتنا نترك فيه الأمور على ما هى عليه ونأخذ بحلول جزئية دون النظر لكل جوانب الموضوع. ولا شك لدى فى أن الناس تعانى فى ظل أكثر من صدمة اقتصادية كزيادة الوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأزمة المالية والضرائب المتصاعدة.
لكن السؤال: كيف نحل تلك المنظومة ككل؟ الاعتصام والإضراب ليسا الطريقة المثلى لحل مشاكل الأجور فى مصر. لقد عملت فى أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية وكانت هناك مشاكل أكثر من التى نعانى منها الآن وكنا نعلمهم أن حق الإضراب مشروع ولكنه بداية المطاف وليس نهايته، ومن أجل تحقيق ذلك لابد أن تكون المؤسسات الاجتماعية فى سوق العمل على درجة كبيرة من الوعى والإدراك للدور الذى تقوم به وأنها ليست جزءاً ضعيفاً من الصورة بل جزءاً فاعلاً ومؤثراً بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال بحيث تكون فيه لجان حقيقية لتسوية المنازعات، ومتابعة ثلاثى «الأسعار والإنتاجية والأجور»،
وهذا الحوار غير موجود فى المجتمع المصرى الذى يعانى فى كل مستوياته من حوار «الطرشان»، ولم يعد أحد يسمع أى طرف آخر وزاد الطين بلة عندما لجأنا للفضائيات نتعارك فيها متظاهرين بأننا نناقش مشاكلنا ثم يذهب كل منا لبيته مرتاحاً رغم أننا لم نصل لحل.
■ لماذا لدينا دوما حلول حاسمة وسريعة فيما يتعلق بموارد خزانة الدولة، كالضرائب على سبيل المثال، ولكننا لا نقوم بالأمر ذاته عندما نتعامل مع قضايا تخص التنمية الاجتماعية أو الاقتصادية؟
- لدينا وزير مالية شاطر اختير أكثر من مرة كأحسن وزير فى المنطقة، وهذا لا يعنى أنه الوحيد، ولكنه يعرف ماذا يفعل وأهمية الحسم فى هذه الأمور وقيمة عدم تركها للزمن، ولكن مشكلتنا أننا نتعامل مع قضايانا بشكل فردى لا بشكل جماعى أو برؤية عامة وهذا لا يصلح لتغيير أوضاع.
وإذا نجحت فى حل جزء من المشكلة فممكن أن تسير بعض الوقت ولكن ستأتى بقية العوامل لتوقفك وتعرقل المسيرة من جديد فتتجه أنظارك لحل المشكلة الطارئة وهكذا تنشغل فى تفرعات من دون النظر للجوهر الأصلى والصورة العامة. كانت لدينا رؤية من 2004 ولكنها اصطدمت بنتائج الأزمة العالمية، ولذا لا أجزم أن تلك الرؤية صالحة لفترة ما بعد الأزمة، يمكنها أن تسير بنا بعض الوقت ولكنها غير صالحة لمن لديه طموح للمستقبل.
■ وما الرؤية الجديدة التى نحتاجها لفترة ما بعد الأزمة؟
- أولا هناك أمور علينا أن ننسى كلمة «الإصلاح» فيها، لابد من نسفها تماما وبناء رؤية وقاعدة عمل جديدة، بنفس منطق «انسف حمامك القديم». ما حدث إنجازات لا تنكر ولا أشكك فيها ولكن دعونا نجعل عيوننا على 2020، وهى مرحلة معروف من الآن من سيدخلها من الجيل الحالى فى سوق العمل، وأنا كدولة المفترض أننى أملك البيانات كافة عن تلك الفئة الآن عبر شهادات الرقم القومى، ولكن المشكلة فى الهرم السكانى الخاص بنا، الذى يتميز بغلبة السن الصغيرة، وهو ما يعرف بظاهرة البروز الشبابى بمعنى أن الضخ فى سوق العمل أعلى من معدل الخروج منها، فمعدل النمو السكانى يتراوح بين 1.4 و1.8 بينما معدل نمو سوق العمل يتراوح بين 3.5 و3.9 أى الضعف تقريباً، ولو أردنا تحقيق النمو الاقتصادى فعلينا استغلال قوة العمل المتاحة وبأفضل وجه، وهو الهدف الأسمى للمجتمعات، امنحنى وظيفة ولا أريد أى شىء آخر..
المفكر الاقتصادى «كينز» لم يكن ساذجاً بعد الأزمة العالمية فى الثلاثينيات حين قال إن الهدف ليس زيادة النقود والأموال والأرباح ولكن الهدف الأسمى للسياسة الاقتصادية والاجتماعية هو تحقيق التشغيل الكامل. وهذا يعتمد على معدل القوى العاملة وإذا كان معدل نمو القوى العاملة فى مصر 3.9 فلابد من زيادة عدد المصانع ومجالات العمل المختلفة لاستيعاب تلك القوة وهو ما يعنى الحاجة لزيادة الادخار بنسبة 25% من الدخل القومى بينما ادخارنا فى مصر اليوم لا يتجاوز 14%.
لقد وصلنا لمرحلة لا يفيد معها غير إطلاق مرحلة جديدة من التصنيع طموحة جداً تكون مشروعنا القومى ويجب أن يحدث بسرعة، خصوصا فى تلك الفترة الناتجة عن الأزمة العالمية، التى استغلتها مجتمعات أخرى غيرنا كالصين بينما نحن لم نستغلها بعد، فقد هاجرت رؤوس الأموال من أوروبا فى محاولة لتجنب الآثار الشديدة للأزمة، الصين اليوم هى مركز صناعة السيارات فى العالم حيث تنتج 12 مليون سيارة سنويا وأكبر شركة لصناعة السيارات فى العالم موجودة هناك. هم يهتمون بالمعنى الحقيقى للتصنيع، يستخدمون الحديد فى صناعة سيارات ومحركات وماكينات تصنيع وغيرها الكثير ونحن فى مصر ننتج الحديد ونبيعه أسياخاً.
ولذا أقول: هذه الأزمة ونتائجها فرصة، علينا سرعة اقتناصها قبل ضياعها، خاصة أن التقارير الاقتصادية تشير إلى أن عام 2014 سيمنح مصر معدل نمو 7.4% ولكن بشرط ألا يعانى الاقتصاد العالمى من الأزمات المالية وأن تمنح الاستثمار الحرية وتتوسع فيه. فى الوقت نفسه الذى لدينا فيه دراسات أوروبية مؤكدة عن منطقة جنوب البحر المتوسط تشير إلى أنه يعانى من ظاهرة زيادة معدل الشيخوخة مقابل تراجع النمو السكانى بشكل كبير، وهو ما يعنى أن قوة العمل تتراجع، ونحن لدينا العكس ولذا فتلك المنطقة ستعتمد على جنوب المتوسط فى قطاع الخدمات كالترفيه والسياحة والصحة، فلماذا لا نستغل تلك الفرصة وندرب القوى العاملة لدينا لخلق جيل يعمل. وهنا تأتى الجزئية الأخرى فى الرؤية التى علينا اعتمادها ألا وهى أن نتحول لدولة مؤسسات تضع سياسات واقعية وطموحة وحقيقية ويتم تنفيذها بغض النظر عن القيادات وتغيرها وهو ما يحدث فى الخارج.
■ الحكومة تتحدث عن معدلات نمو 7%، وعندما يطالب الناس بزيادة الأجور تكون الإجابة أن الميزانية لا تسمح. والسؤال: لماذا لا يشعر الناس بالتحسن؟
- هناك «انسداد» فى الماسورة الواصلة بين الارتفاع فى معدلات النمو ودرجة إحساس الناس بالراحة المعيشية. وذلك بسبب تركيبة قوة العمل المصرية التى يوجد 44% منها أميون وشبه أميين، و20% فى الزراعة على فيض الكريم، و27% موظفون وقطاع أعمال بينما هناك 10% فقط هى القطاع الحديث ذو الإنتاجية العالية والدخول التى تشعر بالنمو. تريدون تسليك الماسورة إذن عليكم اعتماد الرؤية التى تحقق النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
■ وماذا عن الحد الأدنى للأجور؟
- لا يمكن حله على الفضائيات التى من دورها نقل المشكلة وليس مناقشة حلها بالعراك، ويجب على المجلس القومى للأجور أن يأخذ الموضوع بجدية وألا يكون رأيه استشارياً، وإلا البلد «حتولع». الجزئية الأخرى هى خطأ من يدعى أن 1200 جنيه هو الرقم الصحيح للحد الأدنى للأجور كما يدعى البعض ممن حسبوا أن خط الفقر يقف عند حاجز 2 دولار فى اليوم أى 11 جنيهاً مصرياً، لأن القوة الشرائية الحقيقية للدولار فى أمريكا غير قوته الشرائية الحقيقية فى مصر التى يساوى فيها 240 قرشاً أى أن الدولارين يساويان 480 قرشاً فى 30 يوماً هذا هو خط الفقر الذى كثيرا ما يحدث الخلط بينه وبين الحد الأدنى للأجور.
وفى تقديرى أنه لا يجب أن يكون هناك مصرى تحت خط الفقر، بينما أرى أن الحد الأدنى للأجور يجب ألا يقل عن 656 جنيهاً. المشكلة فى عدد 6 ملايين موظف فى الدولة وهذا رقم لا يوجد فى أى دولة متقدمة، اليابان لا يزيد عدد العاملين فى الدولة بها على 300 ألف موظف. الموضوع يحتاج لقرارات حاسمة.. أذكر أننا ذهبنا لجنوب أفريقيا بعد تولى نيلسون مانديلا الذى طلب تحسين مستوى أجور العاملين، درسنا الحال ووضعنا مستويات متعددة لخط الفقر حسب المهنة ومنحنا الدراسة لمانديلا وبها التوصيات المطلوب عملها، وبعد أسبوع واحد صدر القانون الذى نظم كل شىء دون النظر لكونى مصرياً يرأس فريقاً من منظمة العمل. كان النظر لنا كخبراء يعرفون ما عليهم فعله.
ولكن ما لدينا من نظام أجور فى مصر يعرف بالثابت والمتغير لا نصفه إلا ب«فوضى الأجور»، ولا حل لما نحن فيه إلا بوضع قوائم محددة للأجور تزيد كل عام حسب التضخم ونسبة من العاملين المتميزين فقط هم من يحصلون على الحوافز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.