المستشار أحمد بندارى : التصويت فى انتخابات الشيوخ بالتوعية لكن ستطبق الغرامة    جهاز أكتوبر الجديدة يعلن انتهاء تنفيذ أول عمارات سكنية بمشروع ديارنا.. صور    محلل سياسي: ما فعله الإخوان يعترفون خلاله رسميا بأن نتنياهو مرشد الجماعة الأعلى    مسؤول أمريكي: شروط ترامب عدم وجود حماس للاعتراف بالدولة الفلسطينية    في ودية غزل المحلة.. إيشو ودونجا والزنارى فى تشكيل الزمالك    في مباراة يوكوهاما ضد ليفربول .. محمد صلاح يتلقى هدية غير متوقعة    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولي" في دورته الثانية والعشرين    ترامب يعلن فترة مفاوضات مع المكسيك 90 يوما بشأن الرسوم الجمركية    مصرع شخصين وإصابة آخرين في انقلاب سيارة بترعة في سوهاج (صور)    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    القليوبية تحتفي بنُخبَتها التعليمية وتكرّم 44 من المتفوقين (صور)    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    توتنهام يسعى لضم بالينيا من بايرن ميونخ    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    جدول ولائحة الموسم الجديد لدوري الكرة النسائية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    الصحة العالمية: غزة تشهد أسوأ سيناريو للمجاعة    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وكيل صحة شمال سيناء يبدأ مهامه باجتماع موسع لوضع خطة للنهوض بالخدمات الطبية    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    المشدد 3 سنوات ل سائق متهم بالاتجار في المواد المخدرة بالقاهرة    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزب يدّعى «الألوهية»
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 04 - 2010

الدهشة التى أصابت البعض جراء الدعوة إلى إطلاق النار على المتظاهرين يمكن أن تتبدد بسهولة إذا فهمنا معناها ومغزاها..تلك الدعوة التى نوقشت تحت قبة مجلس الشعب! ففى تقديرى أن ما حدث يعد تطوراً طبيعياً لأداء الحزب الوطنى على مدار الأعوام الثلاثين الماضية، تماماً مثل التطور الطبيعى للحاجة الساقعة (وأحياناً الباردة!).
الآن وصل التطور إلى محطته الأخيرة التى يمكن وصفها بمحطة ادعاء «الألوهية». فالمولى عز وجل فقط توعد من لا يؤمنون بآياته وعظيم قدرته ونعمه على عباده بالحرق فى النار وبالعذاب الأليم. وذلك هو ما تؤكد عليه بالضبط دعوة النواب إلى حرق المتظاهرين الذين يريدون -كما يرى كهنة الحزب وشيعتهم! – حرق وطن بأكمله جحوداً منهم بنعم الحزب الوطنى عليهم، وحتى يثبت للجميع أن الحزب قاهر فوق عباده من المصريين.
دعونا نشرح الفكرة بشكل أكثر تفصيلاً، ونتذكر معاً ذلك المشهد القرآنى الذى يحكى لنا ما فعله بنو إسرائيل حين طلبوا من عيسى عليه السلام أن يقدم لهم دليلاً على نبوته بأن ينزل عليهم مائدة من السماء تكون لهم آية دامغة على صدقه. هنالك دعا عيسى ربه فأجابه الله تعالى بقوله: «قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين». لا يختلف هذا المشهد كثيراً فى طبيعته ولا مضمونه عن المشهد الذى أخرجه نواب الرصاص تحت قبة مجلس الشعب عندما ارتسم الغضب «الإلهى» على وجوههم وعلت حناجرهم تدعو بصوت «الجبار المقتدر» إلى قتل الشباب الذى يتظاهر فى الشوارع هاتفاً بسقوط الحزب وكافراً بسادته وكبرائه.
والذنب الوحيد الذى استحق بموجبه هذا الشباب الحكم بالحرق رميا بالرصاص أنهم أنكروا الأطايب التى حملتها إليهم مائدة الحزب الوطنى على مدار السنين الماضية! وجحدوا نعمة الحكومة عليهم فى المطعم والمشرب، والمسكن والملبس، والصحة والتعليم، وعبروا على الآيات البينات التى يتجلى بها الحزب على مواطنى المحروسة ليل نهار، وانطلقوا متظاهرين مطالبين بإلغاء الطوارئ وتعديل الدستور والحق فى حياة حرة وكريمة. لكل ذلك حق على هؤلاء الأبرياء القتل بالنار من وجهة نظر أصحاب الدعوة إلى استخدام الرصاص، ليضيفوا إلى رصيد حزبهم إنجازاً جديداً يرفعه إلى مصاف الآلهة، لأن حرق الإنسان بالنار حق صريح وخالص لله تعالى. وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا يعذب بالنار إلا رب النار».
تلك هى المحطة الأخيرة التى بلغ بها الحزب الوطنى موضع السماء ليحكم من خلالها أرض المحروسة ببطش وقسوة آلهة الإغريق، ذلك البطش وتلك القسوة اللذان تفوق فيهما السياسيون على رجال الأمن، حين قال أحد الأعضاء بالحرف: «لا أعرف لماذا كل هذه (الحنية) من وزير الداخلية ضد الخارجين عن القانون.. بلاش خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين ويجب ضربهم بالنار مباشرة». هل سمعتم كلاماً – مثل هذا – يردده نائب للشعب فى أعتى الديكتاتوريات فى العالم؟! هؤلاء النواب الذين صرخوا مطالبين بضرب شباب مصر بالنار أطالوا الحديث - خلال الأشهر الماضية - عن الرئيس مبارك الذى يشعر كل المصريين بأنه أب لهم، بمن فيهم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين!
وقد تكرر هذا الحديث على هامش الزخم الذى أثاره الدكتور محمد البرادعى فى حديثه عن التغيير فى مصر، وتزامن معه تصريح لأحد أعضاء الحزب الوطنى عن أن البرادعى ليس كبيراً على الاعتقال! ومن المؤكد أنه لم يعد الآن كبيراً على القتل إذا احتج فى الشارع! إن لنا فى ظل تشدق أعضاء الحزب الوطنى بالحديث عن أبوة الحاكم للمحكوم أن نسأل: من الذى يعاقب أبناءه بالقتل، هل هو الأب أم الإله؟
لقد كان المسيح عليه السلام يتساءل بشكل استنكارى وهو يُعلّم الناس فى موعظة الجبل قائلاً: «أى إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزاً يعطيه حجراً وإن سأله سمكة يعطيه حية، فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحرى أبوكم الذى فى السماوات؟!». تأملوا النص جيداً لتدركوا ما وصلنا إليه!. إن شباب 6 أبريل خرج يطلب من حكومة الحزب الوطنى خبزا فدكت رأسه بعصا كهربية، وطلب منها وظيفة فأغرقته بخراطيم المياه «عشان يفوق لما يستحمى!»، ونادى بحياة ديمقراطية كريمة فأراد الحزب أن يعطيه حية فى شكل رصاصة تقتله. لقد كان المسيح يقول لمن حوله إنكم وأنتم الأشرار (الأشرار!!) تبحثون عن حياة لأبنائكم، فما هو – يا ترى – حجم الشر الذى يرقد داخل هذا الإنسان الذى يبرر قتل أبنائه لأنهم طالبوه بخبز وحرية؟ إنه شر مستطير!
إن هذه الدعوة تبدو تمهيداً لما يمكن أن يحدث فعلاً خلال الأشهر المقبلة، وقد أصبح لزاماً على كل من يملك رؤية ناقدة للأوضاع فى مصر أن يجهز نفسه للحرق بنار «الإله الوطنى»، بمن فى ذلك الدكتور البرادعى الذى وصف طريقة الأمن فى التعامل مع المتظاهرين من شباب 6 أبريل بالأمر المشين، فكل الأمور سوف تختلف بعد أن أصبح الحزب يدّعى الألوهية ويتعامل بمنطق «أنا أحيى وأميت» تماماً مثلما تعامل نمرود العراق مع نبى الله إبراهيم، لكن النمرود كان أقل حمقاً من أن يجادل فى الحق الظاهر عندما قال له إبراهيم «فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبُهت الذى كفر».
إن اللقطة الأخيرة التى سجلها «نواب الرصاص» تضيف إلى تاريخ هذا البلد جديداً، فقد عرفت المجتمعات القديمة والجديدة فكرة «ادعاء النبوة»، لكنها لم تشهد أبداً خروج شخص يدعى الألوهية بصورة خالصة، إلا فى هذا البلد الطيب الذى خرج الفرعون على أهله ذات صباح ليقول لهم «يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى». وها هم نواب الرصاص يجددون بعد آلاف السنين ويدّعون «ألوهية الحزب الوطنى». وقد خط فرعون كلمة النهاية بيديه عندما اندفع إلى هذه الحماقة، وذلك ما يفعله بالضبط نواب الحزب الوطنى «وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.