سيطرت حالة من الهدوء الحذر مصحوبة بإجراءات أمنية مشددة بعد الانتخابات فى السودان تحسباً لغضب المعارضة واستعدادها لإثارة الشارع بعد إعلان النتائج غداً، وللمرة الأولى ينتشر القلق من الاشتباكات المحتملة فى الخرطوم نفسها، وليس فقط فى الجنوب والغرب كما كان الوضع قبل عملية التصويت. ويغذى ذلك الخوف بعض التصريحات مثل إعلان حاتم السر، مرشح الحزب الاتحادى الديمقراطى (الأصل) للانتخابات الرئاسية، أن الحزب لن يعترف بالنتائج ولا بالحكومة ولا البرلمان المقبلين كما لن يشارك فى الانتخابات التكميلية المقرر إجراؤها فى أكثر من 40 دائرة. محذراً من قدرة الحزب على إخراج الملايين إلى الشارع لمعرفة «من سرق أصواتهم». وتزامنت تصريحات «السر» مع إعلان مسؤول العلاقات الخارجية فى حزب «المؤتمر الوطنى» الحاكم، مصطفى عثمان إسماعيل، أن الحزب لديه معلومات عن محاولات بعض القيادات الحزبية المعارضة مغادرة السودان والعمل على إفساد «النتائج الباهرة للانتخابات من خلال الإعلام، سواء عبر اللقاءات الخاصة أو من خلال معلومات غير صحيحة تبثها». وجاءت تصريحات زعيم حزب المؤتمر الشعبى المعارض، الدكتور حسن الترابى، لتزيد نفس المخاوف، حيث أعلن أن كل الخيارات مطروحة لمواجهة «التزوير الفاحش» الذى طبع الانتخابات الأخيرة، دون أن يحدد طبيعة تلك الخيارات. ومن جانبها، كشفت حركة العدل والمساواة عن أن هناك اتصالات بينها وبين باقى أحزاب المعارضة السودانية، للعمل على تكوين «جبهة تجمع كل القوى السياسية والعسكرية بالسودان». وأكد «أحمد حسين آدم» الناطق الرسمى للعدل والمساواة أن الهدف من تكوين تلك الجبهة هو إيجاد مخرج استراتيجى للشعب السودانى، معتبراً أن الحل هو إلغاء نتائج الانتخابات. وأكد حزب المؤتمر الوطنى امتلاكه معلومات وافية حول الخطط التى تعمل على تنفيذها بعض القيادات السياسية المعارضة التى تحاول الخروج من البلاد لمحاولة إفساد النتائج الباهرة التى تحققت بالانتخابات الأخيرة من خلال الإعلام. وقال الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل إن القيادات تعتمد فى خطتها على لقاءاتها الخاصة التى تجريها عبر وسائل الإعلام أو من خلال المعلومات غير الصحيحة التى تبثها. وقال نحن سنظل نراقب هذه التحركات دون أن نذكر أو أن نخوض فى الأسماء، ونحن واعون ولدينا التحوطات اللازمة وقال إنه لابد من الحذر واليقظة ومتابعة أولئك «الذين سيحاولون بعد فترة أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى ولابد من كشف محاولاتهم وإجهاضها فى بداياتها». وتتزامن تلك التصريحات مع جدل كبير حول تسجيل فيديو أثار ضجة، نشره شاب معارض على الإنترنت، يوضح تزوير الانتخابات بمركز الاقتراع «موسيت» بدائرة «الأوليب» بالبحر الأحمر. وقال مصور الفيديو مصطفى طاهر عثمان إن عملية التزوير بدأت فى اليوم الأول للاقتراع وأن الحزب طالب المسؤولين عن التزوير بالتوقف ولكنهم رفضوا، وفى اليوم الثانى عند حضوره للمركز وجدهم منهمكين فى التزوير فقام بتصوير ما يحدث بهاتفه المحمول. بعدها أبلغهم أنه قام بتصويرهم لكنهم لم يهتموا.ولم يخل جنوب السودان من القلق الأمنى، خاصة مع بوادر مشكلة كبيرة بين الحركة الشعبية وأعضائها من منطقة جبال النوبة على خلفية اعتقال اللواء تلفون كوكو، حيث ألقت استخبارات الحركة الشعبية القبض على اللواء فى الجيش الشعبى تلفون كوكو ونقلته إلى مكان مجهول، وذلك بعد انتهاء فترة الإقامة الجبرية التى خضع لها بعاصمة الجنوب، وقال محمد على محمد القيادى بتحالف أبناء جبال النوبة بالجيش الشعبى، إن استخبارات الحركة قامت باعتقال كوكو خوفًا من تسريب معلومات خاصة بالجيش الشعبى عقب وصوله للخرطوم، وأشار فى تصريحات إعلامية إلى أن الجيش الشعبى يتهم «كوكو» بالسعى لإخراج أبناء جبال النوبة من صفوف الحركة الشعبية. من ناحية أخرى، أعلنت الحركة الشعبية حالة الطوارئ فى ولاية شمال بحر الغزال خوفاً من حدوث اشتباكات بين أعضائها وبين أنصار المرشحين المستقلين الذين يتهمونها بتغيير الصناديق الانتخابية. وخلال الاحتفال بفوز مالك عقار، القيادى فى الحركة الشعبية بمنصب والى النيل الأزرق، حذر عقار «مؤسسة أمنية» لم يصرح باسمها من محاولة حكم الولاية عسكريا، معتبرا أن بعض الممارسات التى حدثت خلال الانتخابات والتصويت قامت بها «جهات تود الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار». وخلال نفس الحفل، قال باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، إنه على الرغم من أن الاستفتاء سيكون العام المقبل لكن حزب «المؤتمر الوطنى» عرقل عملية جعل الوحدة جاذبة، من خلال محاولتهم تمكين نظام الإنقاذ الذى يفرق بين السودانيين على أساس الدين. معلنا أن أولويات حكومة الجنوب فى المرحلة المقبلة ستكون «تعزيز السلام وقيادة شعب الجنوب نحو الاستفتاء». ومشددا فى الوقت نفسه على أنه إذا انفصل الجنوب فستعمل الحركة الشعبية على «إعادة شطرى البلاد». وكان ياسر عرمان من بين الحضور احتفالا بفوز مالك عقار، وقال إن ما حدث فى انتخابات الشمال «أكبر عملية سطو على إرادة الشعب»، مرشحا المؤتمر الوطنى لدخول موسوعة «جينيس لأفضل المزوراتية». نافيا ما تردد حول قيام الحركة بتزوير انتخابات الجنوب.