يقام فى مدينة بوبينى الفرنسية بالقرب من باريس مهرجان ثقافى رفيع المستوى بعنوان «السينما والمسرح»، وقد عقد المهرجان 20 دورة، وأصدر العديد من الكتب المراجع بحق عن موضوعه. ولكن المهرجان فى دورته ال21 التى عقدت من 31 مارس إلى 11 أبريل خصص دورته لدراسة أعمال أربعة مبدعين هم حسب ترتيب الملصق: يوسف شاهين ونجيب محفوظ وعمر الشريف من مصر والبير كامى من فرنسا! والمؤكد لمن يعرف أعمال هؤلاء أنه لا شىء حقيقياً يربط بينهم إلا أن يوسف شاهين هو الذى اكتشف عمر الشريف، وإن لم يجمعهما سوى فيلمين منهما أول أفلام عمر الشريف، كما أن علاقة الأربعة بالمسرح محدودة إلى درجة كبيرة! وقد عرض المهرجان الكثير من أفلام يوسف شاهين (1926 - 2008)، وأصدر عنه كتاباً تذكارياً جيداً، ولكن لم يأت المرجع الذى لا غنى عنه، وأطلقت المدينة اسم يوسف شاهين على أحد شوارعها، وكل هذا شىء رائع، ولكن لماذا تصدر إدارة المهرجان بياناً تقول فيه إن يوسف شاهين «عانى من مصير واجهه كل مبدعى الجنوب، حيث الاعتراف والتقدير الذى يأتى من الخارج، فى مقابل التجاهل والتعنت من بلد المبدع نفسه»، والجنوب هى آخر تسمية فرنسية - أوروبية لنا بعد أن كانوا يسموننا العالم الثالث! وإذا كانت إدارة المهرجان الفرنسى تردد هذه العبارات - الكلشيهات من دون علم، فكيف يعبر الناقد اللبنانى الكبير إبراهيم العريس عن المعنى نفسه فى مقاله عن المهرجان بجريدة «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن. فاز يوسف شاهين فى حياته بأكبر جوائز الدولة فى مصر، ولقى من التقدير ما لم ينله مخرج آخر فى تاريخ السينما المصرية.. وبعد وفاته أطلقت محافظة الإسكندرية اسمه على أحد شوارعها، وخصصت مكتبة الإسكندرية عام 2009 ليكون عام يوسف شاهين، وعرضت كل أفلامه وأصدرت عنه نشرات علمية فى مئات الصفحات، وكرمت اسمه وعمله كل المهرجانات العربية من مراكش إلى أبوظبى التى أقامت معرضاً للصور والوثائق لا مثيل له، وصدر عنه من الكتب ما لم يصدر عن أى مخرج آخر منها كتاب إبراهيم العريس، وأحدثها كتاب مالك خورى، فكيف يقال إن هناك تقصيراً تجاه يوسف شاهين.. نعم، هو يستحق المزيد، ولكن ليس هناك تقصير. [email protected]