أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    بايدن يكشف العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار    «الأرصاد» تكشف عن انكسار الموجة الحارة    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    زرعنا 12 مليون شجرة.. البيئة تكشف أسباب قطع الأشجار من الشوارع    بشرة خير.. تفاصيل الطرح الجديد لوحدات الإسكان الاجتماعي    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    لبنان.. أنباء عن اغتيال هاشم صفي الدين الرئيس التنفيذي ل«حزب الله»    "القاهرة الإخبارية": أنباء عن اغتيال مسؤول بحزب الله في القصف الإسرائيلي على بلدة جناتا    جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 عمليات عسكرية بالصواريخ خلال ال 24 ساعة الماضية    الخارجية الأمريكية: مستعدون لزيادة الضغط على إيران في حال عدم تعاونها مع الوكالة الذرية    ناتشو يقترب من اتحاد جدة السعودى براتب 20 مليون يورو سنويا    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    قائد سلة الأهلي يرفض مصافحة رئيس الاتحاد بعد خسارة دوري السوبر    مباراة الزمالك وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري.. الموعد والقنوات الناقلة والتشكيل المتوقع    مصطفى فتحي يكشف حقيقة البكاء بعد هدفه في شباك سموحة    شوبير: وسام أبو على يغيب 3 أسابيع.. وخارج مباراة الأهلي والزمالك    المدير التنفيذي لنادي الزمالك يكشف خطة تطوير النادي.. وآخر تطورات أزمات الأبيض    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    استعجال تحريات شخص زعم قدرته على تسريب امتحانات الثانوية بمقابل مادي بسوهاج    مصرع شخص وإصابة 5 في حوادث تصادم بالمنيا    السيطرة على حريق "غية حمام" فى أوسيم بالجيزة    قبل عيد الأضحى 2024 .. تعرف على مواعيد مترو الأنفاق خلال الإجازة    أوس أوس: وافقت على عصابة الماكس بسبب أحمد فهمي    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    5 أعمال للفوز بالمغفرة يوم عرفة.. تعرف عليها    هل تمثل مشاهد ذبح الأضاحي خطورة نفسية على الأطفال؟    ماذا تفعل لتجنب الإصابة بنوبات الاكتئاب؟    يورو 2024 - الملك أوتو .. مدرب المستضعفين في أوروبا    سفير السعودية بالقاهرة يشكر مصر لتسهيل إجراءات سفر حجاج فلسطين    3 مليارات جنيه إجمالي أرباح رأس المال السوقي للبورصة خلال الأسبوع    رئيس "مكافحة المنشطات": لا أجد مشكلة في انتقادات بيراميدز.. وعينة رمضان صبحي غير نمطية    عناوين مراكز الوقاية لتوفير تطعيم السعار وعلاج حالات ما بعد عقر الحيوانات    عماد الدين حسين يطالب بتنفيذ قرار تحديد أسعار الخبز الحر: لا يصح ترك المواطن فريسة للتجار    احتفالًا باليوم العالمي.. انطلاق ماراثون للدراجات الهوائية بالمنيا ورأس البر    سعر ساعة عمرو يوسف بعد ظهوره في عرض فيلم ولاد رزق 3.. تحتوي على 44 حجرا كريما    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق الجمعة 14 يونيو 2024    حملات مكثفة على محال الجزارة وشوادر الذبح بالقصاصين    لإيداعه مصحة نفسية.. ضبط مريض نفسي يتعدى على المارة في بني سويف    عماد الدين حسين: قانون التصالح بمخالفات البناء مثال على ضرورة وجود معارضة مدنية    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    القبض على سيدة ورجل أثناء تسليم مخدرات بإدفو في أسوان    دعاء يوم التروية مكتوب.. 10 أدعية مستجابة للحجاج وغير الحجاج لزيادة الرزق وتفريج الكروب    حدث بالفن| مؤلف يتعاقد على "سفاح التجمع" وفنان يحذر من هذا التطبيق وأول ظهور لشيرين بعد الخطوبة    محافظ الإسكندرية: قريبًا تمثال ل "سيد درويش" بميدان عام في روسيا (صور)    «انتو عايزين إيه».. إبراهيم سعيد يفتح النار على منتقدي محمد صلاح    محمد صلاح العزب عن أزمة مسلسله الجديد: قصة سفاح التجمع ليست ملكا لأحد    تراجع سعر السبيكة الذهب (مختلف الأوزان) وثبات عيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 14 يونيو 2024    دعاء يوم «عرفة» أفضل أيام السنة.. «اللهم لا ينقضي هذا اليوم إلا وقد عفوت عنا»    حزب الحركة الوطنية يفتتح ثلاثة مقرات في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري (صور)    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    الأنبا تيموثاوس يدشن معمودية كنيسة الصليب بأرض الفرح    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اليهودى الحالى» والمسيح الكاذب شبتاى تسيفى
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 04 - 2010

تلقيت من الأستاذ محمد قاسم هدية هى رواية للكاتب اليمنى على المقرى تحمل عنوان «اليهودى الحالى» والمقصود «اليهودى المليح» باللهجة اليمنية. الأستاذ قاسم رجل أعمال مشغول بالفكر والثقافة، وهو عضو فاعل فى نادى الكتاب، الذى يضم نخبة من المثقفين بينهم المهندس صلاح دياب ود. زياد بهاء الدين ود. هبة حندوسة وآخرون، وقد سبق أن تحدثنا عن نشاط هذا النادى فى مطالعة ومناقشة الكتب من جميع فروع المعرفة.
أما الرواية التى ناقشها النادى فهى تدور حول حياة الفتى اليهودى سالم وعلاقته بالفتاة المسلمة فاطمة، ومن خلال هذه العلاقة يقدم الروائى خلفية للأحداث وطبائع العلاقات الدينية والاجتماعية القائمة بين يهود اليمن وسائر السكان خلال القرن السابع عشر من الفصول المثيرة فى الرواية فصل يحمل عنوان «حوليات اليهود اليمانية» وفيه يرصد المؤلف الآثار الفكرية التى أحدثها فى المجتمع اليهودى اليمنى ظهور أحد المسحاء اليهود المعروفين بالمسحاء الكاذبين، وهو شبتاى تسيفى الذى ولد فى أزمير عام 1626م، وتوفى فى ألبانيا 1675م.
 المثير فى سيرة هذا المسيح الكاذب أنه بدأ بادعاء أنه مبعوث العناية الإلهية لتحقيق عصر الخلاص الذهبى لليهود وقيادتهم إلى القدس، حيث يصبحون سادة للعالم، وانتهى بإعلان إسلامه هو وأتباعه فى تركيا ويرجح كثير من المؤرخين أن يهود تركيا المعروفين بيهود الدونما ينحدر عدد منهم من بين هؤلاء الأتباع.
إن الرصد الذى يقدمه الروائى اليمنى لتأثير دعوى «تسيفى» على يهود اليمن يبدو لنا موافقاً للواقع، فقد كان ظهور المسحاء الكاذبين يحدث دوامات فى حياة الطوائف اليهودية فى المشرق والمغرب، ويدفع بعضهم إلى بيع ممتلكاتهم ومحاولة الالتحاق بموكب المسيح الكاذب المتجه إلى القدس.
 تقول د. منى ناظم فى رسالتها للدكتوراه عن مفهوم المسيح اليهودى المخلص إن هذا المفهوم والاعتقاد فى مجىء المسيح اليهودى وعصر الخلاص لم يظل قابعاً فى بطون الكتب وعلى ألسنة الرواة اليهود وفى قرائح الشعراء والصوفيين، ولو أنه اقتصر على ذلك لأصبح مجرد نوع من الخيالات الخرافية، التى لا أثر لها فى سلوك اليهود على مر العصور، غير أن المفهوم تجاوز ذلك النطاق إلى مجال التأثير فى حركة الجماعات اليهودية فى أوروبا وآسيا فقد شهدت التجمعات اليهودية خلال العصور الوسطى رجالاً ظهروا بين اليهود يدعى كل منهم فى زمنه أنه ذلك المسيح المقاتل المنتظر، وقاد كل منهم جماعة من اليهود قاصداً التوجه إلى فلسطين، وكانت نهايتهم جميعاً واحدة وهى التعرض للفشل، هذا فضلاً عما كانت تسببه تلك الادعاءات المسيحانية الكاذبة من اضطرابات فى المجتمعات, التى عاشوا بين ظهرانيها مما كان يضطر حكومات تلك الدول إلى مقابلة هذه الادعاءات بالقمع، خشية أن تتسبب فى نشر الفوضى فى بلادها.
لقد سجل المؤرخون ظهور ما يزيد على خمسة عشر مسيحاً كاذباً من بينهم داوود الرائى 1147م وإبراهام أبوالعافية 1250م وأشير لاملين 1502م، وكانوا جميعاً يسببون تحركات فوضوية وآثاراً فكرية بين اليهود يغلب عليها الميل إلى العجرفة على المسلمين والمسيحيين استناداً إلى أن عصر الخلاص قد حل بسيادة اليهود، إذا عدنا إلى الرواية اليمنية نجد المؤلف يسجل الآثار على اليهود على النحو التالى:
«شبتاى تسيفى كان اسمه قبل أن يصبح المسيح المخلص، بدأت دعوته فى أزمير بتركيا ثم مضى بها إلى سالونيك وأثينا والقاهرة ليصل بها إلى أورشليم، التى أراد أن يتوجه إليها أتباع ملته من يعتبرونها مقصدهم الأخير فى هذه الأرض. مع وصول أخبار دعوة المسيح الجديد عبر رسائل من أورشليم ومصر اضطربت أحوال اليهود وبان عليهم الارتباك والانفعال أكثر من أى عام مضى. لم يستطع البعض إخفاء فرحته بقرب الخلاص وعبر عنها بأسلوب لم يألفه المسلمون، أحدهم قال المسلم وهو يخيط له حذاءه سترى إذا ما ركعناكم كثيراً وانتقمنا منكم، سندعكم تمشون حفاة، اليهود وحدهم سيلبسون الأحذية، أما أنتم فعليكم فقط صناعتها وإصلاحها لهم.
 قيل إن المسلم أصيب بالذهول لما سمعه ولم يقم بأى رد لدهشته من صدور كلام كهذا من يهودى فلم يجرؤ أحد مثله على إبداء رأى مخالف أمام مسلم، فما بالك بتهديد جميع المسلمين حاول إقناع نفسه بأن ما سمعه هو وسواس جنى تلبسه عبر طلاسم سحرية وضعها اليهودى فى حذائه أثناء إصلاحه.. ترددت الأخبار عن أن أحدهم قال إنهم سيفرضون على المسلمين دفع الجزية لليهود بمقدار ضعف ما كانوا يدفعونه لهم» ص118 من الرواية، إن هذا الرصد من جانب الروائى اليمنى لردود فعل اليهود المتعجرفة على أخبار ظهور شبتاى تسيفى يبدو منطقياً فى ضوء التراث، الذى أحاط بمفهوم المسيح اليهودى المخلص فى اتجاه العنصرية والاستعلاء على غير اليهود، فى فترة التلمود ثم لدى المفسرين اليهود فى العصور التالية.
تضع د. منى ناظم يدها فى رسالتها المذكورة للدكتوراه على هذا التراث فتقول: «يصدم القارئ لمؤلفات أولئك الكتاب اليهود فيما يتعلق بمفهومهم عن المسيح اليهودى، وأوصاف العصر المسيحانى المغلف بالعنصرية والمشبع بعناصر خرافية وأسطورية ف«سعديا جاءون» يتحدث فى كتابه «الأمانات والاعتقادات» عن وضع اليهود فى عصر المملكة المسيحانية مدعياً أن جميع أغنياء العالم سيقومون بنقل اليهود الساكنين فى بلادهم - إلى أورشليم - على جياد سريعة وعربات فاخرة، ساهرين على خدمة العائدين من بنى إسرائيل ليزودوهم بكل وسائل الراحة..
 أما الفقراء فسيحملون اليهود على ظهورهم وبين أيديهم، ثم ينتقل إلى وصف وضع المقيمين فى أرض إسرائيل من غير اليهود، فيجعلهم يعتنقون اليهودية، لكنهم مع ذلك يعملون خدماً فى منازل اليهود، ويتبع هذا فى مخيلة سعديا أن يتوحد العالم تحت السيادة اليهودية، وتعترف كل الشعوب برب إسرائيل حاكما على الجميع ويأتوا إليه حاجين طائعين مقدمين الهدايا فى أورشليم (انظر د. منى ناظم.. المسيح اليهودى.. ص20).
فى ضوء هذا التراث يبدو أن الروائى اليمنى قد اعتمد على وثائق يمنية تسجل ردود فعل اليهود عند ظهور شبتاى تسيفى.
إن التاريخ يسجل كما قلنا فى البداية أن هذا المسيح الكاذب قد بدأ بنعرة العنجهية والسيادة المطلقة، وعندما اقتاده جنود الدولة العثمانية مع أتباعه إلى تركيا خر متنازلا عن دعوته الوهمية، ولم يجد بداً من أن يشهر إسلامه لينجو من عقوبة التدجيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.