باحث بمرصد الأزهر: دعمنا للقضية الفلسطينية مستمر ونشارك فيها الشباب    حماية النساء والفتيات من العنف السيبرانى ضمن مؤتمر منظمة المرأة العربية    الأمطار تخلق مجتمعات جديدة فى سيناء    المستشار محمود فوزي: لا انحياز في مناقشة الإيجار القديم    الوزير: تطوير الصناعات الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتى    وزير الدفاع الإسرائيلي: الغارات على صنعاء رسالة تحذير لإيران    الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي كأس مصر لكرة السلة    مجموعة مصر.. منتخب زامبيا يفوز على تنزانيا في أمم أفريقيا للشباب    ضبط طن لحوم غير مطابقة للمواصفات وتحرير 30 مخالفة بالإسماعيلية    وزير الزراعة: تطوير محطة الزهراء لتكون مركزا عالميا لتربية الخيول العربية الأصيلة    يكبرها ب 12 عاما.. من هو يسري علي زوج رنا رئيس؟    طلاب جامعة طنطا يحصدون 7 مراكز متقدمة في المجالات الفنية والثقافية بمهرجان إبداع    ما يجب على الحاج فعله في يوم النحر    تزامنًا مع اليوم العالمي للربو 2025.. «الصحة» توضح 8 عوامل تزيد من المخاطر    بدون الحرمان من الملح.. فواكه وخضروات لخفض ضغط الدم    بالفيديو.. أجواء تنافسية باليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    الرئيس السيسي يهنئ "ميرز" لانتخابه في منصب المستشار الفيدرالي لألمانيا    محكمة النقض تحدد جلسة لنظر طعن سائق «أوبر» المدان في قضية «فتاة الشروق»    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    "قومي المرأة" يشارك في تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    نجوم الفن وصناع السينما يشاركون في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    الكرملين: بوتين سيزور الصين في أغسطس المقبل    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    رافينيا يرشح محمد صلاح للفوز بالكرة الذهبية    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    السعودية.. مجلس الوزراء يجدد التأكيد لحشد الدعم الدولي لوقف العنف في غزة    رئيس شباب النواب: استضافة مصر لبطولة العالم العسكرية للفروسية يعكس عظمة مكانتها    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    الكرملين: بوتين يبحث هاتفيا مع نتنياهو الأوضاع في الشرق الأوسط    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    الخارجية: تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    الاتحاد الأوروبى يعتزم الإعلان عن خطة لوقف صفقات الغاز الروسية    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعلم ووزير التعليم
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 04 - 2010

الفساد يلف المنطقة العربية.. يغزو مدارسها، مصانعها، أنظمتها وشوارعها، جامعاتها ومناهجها.. الفساد تحول إلى تقليد لم يعد خفياً.
لم يعد عيباً ولا جريمة، صار الفساد عرفا متبعا يمارس على المكشوف.. تكفى زيارة، هكذا يلح الناس على أى مسؤول حكومى. زيارة واحدة ليتبين بها المخلص من الفاسد ويظهر المسؤول الحقيقى عن أى محن بعد كارثة السيول التى أغرقت مدينتى جدة وحصدت مئات الأرواح، بدأت حملة حكومية جادة لمحاسبة المتهمين ومعاقبة الفاسدين.
التحقيقات لاتزال جارية، وكثيرون بانتظار نتائج ستكشف الجناة لتشفى الغليل ممن قتل الأهل والأعزاء.. هل نلوم الحكومة لأنها تلملم العصابة من كل مكان؟ هل يمكننا القول بأن الطريقة تهين الإنسان وصاحب المنصب زمان؟ هل سننسى مشكلتنا مع الفساد ويصير جل همنا الرقة والتعاطف عند الإعلان عن الفاسد وعند العقاب، خصوصا أن القاتل سياسى مرموق لا قاتل عاديا من بقية الشعب؟
الجميع يريد أن ينزل العقاب الشديد بصاحب المنصب الذى سرق المليارات على حساب الأبرياء، الآن الجريمة حصدت موتى هذه المرة.. ولو كانت النتيجة أقل أكانت العاطفة العربية لتتدخل مثلما حدث قبل أيام بمصر؟ ففى واحدة من مدارسها كانت كارثة فساد أخرى، لم يكن هناك موتى ودماء، لكنه قتل من نوع آخر يمارس فى كل زوايا التعليم العربى لا المصرى فقط. جريمة تعليمية..
الطريف أن وزراء التعليم العرب ملامون دائما لأن مضمون المناهج التعليمية فى انحدار، والظروف البيئية للمدارس لا تلائم الطلبة والطالبات. الوزراء دائما ملامون لأنهم مرتاحون فوق ولا يعلمون عما يحدث تحت، يفصلهم جدار عازل من الموظفين وملفات بطى الكتمان وحين نزل وزير التعليم المصرى للشارع وفاجأ الملأ بحقيقة الهيئة التعليمية لمدرسة حلوان، لامه بعض الرأى العام لأن طريقته أضاعت هيبة المعلم والإنسان.. فأين كانت إنسانية المعلم وهو يهين الطلبة.. يهمل تعليمهم، يهمل ظروف بيئية وصحية خطيرة كان لزاماً عليه توفيرها لهم، أين وقاره وهيبته وهو يسىء للأجيال والأطفال ومستقبل بلد؟
أغلبنا درس فى مدارس عربية ونعلم ما يحدث بداخلها.. هل كل المعلمين وكل المعلمات يستحقون الوقوف لهم تبجيلا وتمجيداً؟ بعضهم كان يستحق الفصل التعسفى لأنه سحق موهبة طالب أو قمع شخصيته للأبد. وآخر سبب له عقداً نفسية لإهانته وضربه المتكرر. وآخر سخر من طالب متأخر دراسياً ووصفه بالغباء بطريقة أبعد عن الإنسانية.. الآن تذكرت مدرسة الدين المتطرفة التى علقت على قراءتى التى لم تعجبها للقرآن قائلة: شايفين يا بنات سبب دمار الأمة؟
كانت تعتقد أن تلميذة سبب دمار الأمة.. بعد انتهاء حصتها، ضحكنا كثيرا وتحول الأمر إلى نكتة، سخرنا من عبارتها وصرنا نعلق على بعضنا بعد كل نقاش: أنت سبب دمار الأمة.
أى أمة؟ لا ندرى
ومرة تقررت زيارة مشرفة من الوزارة للمدرسة، فتم التحضير لكل شىء لدرجة تكوين فصل نموذجى بأكمله قوامه مجموعة من أوائل الفصول، كما تم تدريبنا على الإجابات وتحفيظها لنا.
طبعا تعاملنا مع الأمر باحترام حافظين للمعلمة هيبتها لكننا ابتسمنا فى الخفاء لضعفها وخوفها وعدم ثقتها.. لم نكن بحاجة إلى زيارة لوزير التربية حتى تضيع هيبة معلمات عديدات، كنا نحن نصنف هيبتهن بأنفسنا، فواحدة أحبت مهنتها وأخرى لم تول أهمية قط لفهم الطالبات من عدمه. قلة فقط ركزت على التحليل العميق والغالبية تغاضت عن تعليمنا كيفية البحث، أمرتنا أن نحفظ الصفحات فقط.
هناك معلمة هادئة ومتزنة وأخرى كان صوتها يجلجل بكل مكان وتحسب أنها تفرض احترامها بالعنف.. لست مع إهانة المعلمين مطلقاً، وليس أمراً ساراً ما حدث من تشتيت للعائلات بسبب نقل عدد كبير من الهيئة التدريسية، ولا أتحدث تحديدا عن مدرسة حلوان.. لكنى أتساءل عن استمرار ثقافة (المعلم الرسول) التى استغلها المعلمون والمعلمات أيما استغلال.
ليس الأمر محصورا فى سلك التعليم بل تنتشر ثقافة تقديس المسؤول على المستوى العربى، حيث يستمد أصحاب المناصب قوتهم وتبجيلهم، وإن على خطأ، من الأشعار والأمثال العربية والتفسيرات والتقاليد المتوارثة التى قربت البعض من القداسة الإلهية، رغم أن العلاقة ليست علاقة عبودية.. هذا الأمر لا نجده فى مجتمعات التقدم، فالكل سواسية، ليس هناك نظام تبجيلى يمنع المرؤوس من مراقبة أخطاء الرئيس.
ولا ينطبق ذلك على المدارس فقط بل على كل الأجهزة والمؤسسات وصولا لنظام الحكم فى بلاد التقدم.. ليست هناك ذات مقدسة مقترنة بقداسة الذات الإلهية.. ليست هناك هيبة أو حكاية وقار تمنع من انتقاد مسؤول ومحاسبته عن الخطأ وعن الفساد.
بل إن قصته ستصبح على كل لسان، وإن كان الوزير المصرى هنا قد وصف المدرسة بالمزبلة ومديرها بالإهمال، فإن وسائل الإعلام هناك كانت ستشهر به دون أى اعتبار لمنصبه أو هيبته، الاعتبار الوحيد لإهماله وسوء استغلاله للسلطة، وعلى العكس يحدث فى منطقتنا فنحن نرضخ للحاكم رضوخا مطلقاً وإن كان رضوخا للطغيان، لا ننتقده، فاحترامه واجب وعرف بيننا. نضيع فرصاً عديدة بحياتنا تحت اسم رضا الوالدين. لا نشتكى المدرسين لأن الشعر يقول قف للمعلم وفه التبجيلا. من بقى لنسجد له أيضا؟
المشكلة هنا أنه كلما علا منصب الأشخاص زادت قداستهم بدل أن تزيد مسؤوليتهم.. الأستاذ أحمد زكى كسر القاعدة.. كسر التقليد وشطب على بيت الشعر القديم.. أراد أن يعيد المعلم الإنسان.. العلة ليست بالمسؤول فقط، العلة فى أنفسنا لن نتقدم حتى نؤمن بأن المعلم ليس رسولا بل إنسان، الحاكم ليس رسولا سماويا، الأب ليس رسولا، المدير ليس رسولا. هذا ليس بعصر يسجد فيه المرؤوس ويحنى لرئيسه الظهر والرأس والأكتاف.
وللحديث عن التعليم بقية..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.