بعد تحذيرات الرئيس عمر البشير المنظمات العاملة من التدخل فى الشؤون الداخلية لبلاده بسبب مراقبة الانتخابات، على خلفية أنباء حول مطالبات بتأجيلها، أصبحت عملية المراقبة فى مهب الريح، رغم أن كثيرين اعتبروها خطوة على الديمقراطية الحقيقية فى السودان. من جانبه، سارع مركز كارتر، إحدى أبرز الجهات الأجنبية التى تراقب العملية الانتخابية على لسان جراهام أليسون، المدير الإقليمى للمركز بنفى المطالبة بتأجيل أو تأخير الانتخابات المقرر إجراؤها 11 من شهر أبريل المقبل. وأشار أليسون إلى عدد من المشاكل الفنية واللوجستية، التى تتطلب بعض الحلول، موضحاً أن المركز قدم نصحاً للمفوضية القومية لحل تلك القضايا قبل الموعد النهائى للانتخابات. أبرز ما يميز مركز كارتر عن باقى جهات المراقبة الأجنبية، أنه لا يبدأ بمراقبة أى انتخابات، إلا بناء على دعوة رسمية من حكومة الدولة، وهو ما حدث فى الحالة السودانية، حيث بدأ المركز المراقبة بعد دعوة من الرئيس السودانى ورئيس حكومة الجنوب. وتم السماح لعشر منظمات أجنبية بالعمل فى مراقبة العملية الانتخابية للوقوف على مدى نزاهتها، ويأتى على رأس هذه المنظمات، مركز كارتر والمفوضية الأوروبية، لكن هذه المنظمات تختلف فى طبيعة وطريقة عملها، ففى الوقت الذى تعتمد فيه أغلب هذه المنظمات والجهات على مراقبين أجانب لرصد سير العملية الانتخابية ومدى نزاهتها، يعتمد مركز كارتر على مراقبين محليين، ولا يهدف إلى رصد مدى نزاهة الانتخابات، بقدر ما يهدف إلى رصد سير العملية الانتخابية برمتها ووضع خطة لتفادى السلبيات فى المستقبل، وهو ما أكد عليه سعيد صناديقى، مدير مشروع التدريب بمكتب المدربين المحليين بمركز كارتر، فى تصريحات ل«المصرى اليوم» قائلاً: منذ 4 سنوات بدأ المركز ينفذ «برنامج الديمقراطية» وفى نهاية 2008، بدأ التحضير لمراقبة العملية الانتخابية وبدأ العمل، وفى سبتمبر 2009 بدأ برنامجاً ثانياً يركز على دعم المنظمات غير الحكومية وإشراك المجتمع المدنى السودانى فى العملية الانتخابية. وتم دعم بعض جمعيات المجتمع المدنى، التى نشطت فى العملية الانتخابية، وبدأت مراقبة تسجيل الناخبين، وبعد ذلك دعا المركز جميع المنظمات الراغبة للاشتراك فى مراقبة ومتابعة العملية الانتخابية ليقدم لها التمويل والتدريب الكاملين، ويتم تحديد المنظمات التى سيتم قبولها على أساس معايير عديدة، أولها أن تكون منظمات مجتمع مدنى غير هادفة إلى الربح وغير حكومية، وأن تكون على درجة من الحيادية السياسية، وألا يكون بين أعضاء الهيئة الإدارية أو المراقبين شخص حزبى أو مرشح لأى درجة فى الانتخابات، كما يشترط أن يكون من بين الأهداف الرئيسية للجمعية تنمية الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو الانتخابات أو السلام أو التدريب على تلك الموضوعات، والشرط الرابع، الذى لن يدقق فيه «مركز كارتر» كثيراً، هو أن تكون للمنظمة خبرة سابقة مع منظمات داعمة وسجل فى تنفيذ مشروعات مشابهة. ويلاحظ صناديقى أن هناك فارقاً بين المنظمات المتواجدة فى الشمال والجنوب لأن منظمات المجتمع المدنى موجودة فى الشمال منذ 20 سنة، وقال: هو مجتمع مشهود له، سواء فى مجال المرأة أو الإغاثة الإنسانية أو غيرهما، بينما فى الجنوب فهى أول تجربة له على كل الأصعدة، لافتاً إلى أن منظمات المجتمع المدنى هناك عمرها قصير، لأن عملها كان يتم عن طريق تنفيذ مباشر من المنظمات الدولية. ومن المهم بمكان للمركز الشهير أن تكون مرحلة ما بعد الانتخابات فرصة لدعم الخبرات وبناء القدرات فى طريقة التدريب، وألا يكون المجتمع المدنى مجرد جهة اتهام لأحد الأطراف، لكى يقوم بعملية مراقبة بناءة لكل ما يحدث، على أن يرصدوا الخطأ والصواب بهدف التطوير والإصلاح، ولتلك المهمة تم نشر 3000 مراقب.