بعد مرور نحو عامين على بدء الأزمة المالية العالمية، بدأت آثار الأزمة فى الظهور، خاصة على الشركات العقارية العاملة فى سوق المال للإسكان الفاخر، حيث فقدت 3 شركات عقارية 815.4 مليون جنيه من أرباحها نهاية العام الماضى 2009، مقارنة بعام 2008، بنسب هبوط فى أرباح بعض الشركات تراوحت بين 28 و34%، فيما ارتفعت أرباح شركتين فقط، بينما تنتظر السوق إعلان نتائج أعمال الشركات العقارية الأخرى منها السادس من أكتوبر للتنمية «سوديك» ومصر الجديدة للإسكان. وأرجع الخبراء تراجع أرباح الشركات نهاية العام الماضى إلى تأثر السوق بالأزمة المالية، إلى جانب انخفاض الطلب على الإسكان الفاخر، فضلا عن انتظار المستهلك نتائج الأزمات خاصة مع ظهور أزمة دبى، أواخر العام الماضى، مستدركين بأن السوق المصرية لم تشهد التدهور الذى شهدته الأسواق الخارجية، خاصة أن الرهن العقارى- الذى يعد السبب الرئيسى لأزمة العقارات - تتراوح فيه نسبة العقارات المملوكة لأصحابها فى مصر بين 5 و7% فقط. وقالت المجموعة المالية «هيرمس» إن أرباح الشركات العقارية ظلت متذبذبة طوال العام الماضى، ولم تعكس بعد المبيعات التى تمت على الخريطة فى أواخر عام 2006 وحتى عام 2008، متوقعة أن يتم تسجيل هذه المبيعات فى عام 2010 وأن تؤدى إلى نمو قوى للأرباح. وأوضحت أن أسهم الشركات العقارية كانت هى الأقوى أداء فى عام 2009، حيث ارتفعت بنسبة 67% فى العام المالى 2008 - 2009، بعد أن كانت الأسوأ أداءً فى العام 2007 – 2008، وقد أدى انخفاض مستويات التقييم فى بداية العام وزيادة إقبال المستثمرين الأفراد على البورصة إلى أن أصبحت هذه الأسهم هى التى تقود المرحلة الأولى من حركة الانتعاش بين شهرى فبراير ومارس 2009، حيث ارتفع المؤشر الفرعى للشركات العقارية بنسبة 13% فى الربع الأول من عام 2009. وكانت أسعار أسهم شركات الإنشاءات وشركات مواد البناء رخيصة فى بداية العام الماضى، بعد أن كانت قد انخفضت بشدة من حركة البيع العشوائى فى أواخر عام 2008 إلا أنها ارتفعت سريعا فى الربعين الثانى والثالث من عام 2009 بفضل إحياء حركة الإنشاءات فى أوائل عام 2009 وارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع مضاعفات الربحية للأسهم الممتازة، مما أدى إلى ارتفاع أسهم هذا القطاع بنسبة 53% خلال العام الماضى. فيما توقع تقرير دولى صادر عن المركز المالى الكويتى «المركز» انتعاش قطاع العقارات فى مصر وبلوغه الذروة خلال الفترة بين 2013 – 2015، فى الوقت الذى توقع فيه العجز فى الوحدات السكنية لذوى الدخل المتوسط أن يستمر وأن يظل العرض فى هذه الشريحة دون مستوى الطلب خلال الفترة 2010-2012، بفعل وجود ما يزيد على 40 مليون مصرى فى سن ال25 وما دون ذلك، مما يبين مدى الحاجة الملحة لوجود عقارات تسد النقص الحالى والمستقبلى، إلاّ أنه توقع لشركات التطوير العقارى أن تعيد تركيزها من جديد على شرائح العقارات الراقية والفخمة عندما يستعيد الاقتصاد قوته بدءًا من عام 2012. وأظهرت نتائج أعمال مجموعة طلعت مصطفى القابضة تراجعا فى أرباحها نهاية العام الماضى يصل إلى 34% لتحقق 1.19 مليار جنيه مقارنة ب 1.82 مليار جنيه لعام 2008، وبررت المجموعة التراجع بانخفاض «الإيرادات» نتيجة لانخفاض مبيعات الأراضى والفيلات بسبب انكماش الطلب بنسب تصل إلى 8%، غير أنها أكدت أنها حققت نمواً فى الأرباح بلغ نحو 59% بنهاية الربع الأخير بما يشير إلى بدء الانتعاشة فى القطاع مجددا خلال الفترة المقبلة، بحسب محمد عادل، محلل مالى، وقال: «إن القطاع العقارى بدأ فى الانتعاشة وعودة الطلب بشكل تدريجى مع نهاية العام الماضى»، متوقعا استمرار هذا الاتجاه خلال المرحلة المقبلة. وأضاف: «إن القطاع العقارى من الصعب الحكم عليه من نتائج أعمال عام واحد أو عامين، نتيجة لوجود أرقام مبيعات محققة فعليا لا يتم إثباتها فى الميزانيات طبقا لمعايير المحاسبة». وتابع: «إن اغلب الشركات حققت مبيعات لم تدرج ضمن الميزانيات ويتم إدراجها عند تسليم الوحدات نفسها، على سبيل المثال مجموعة طلعت مصطفى التى لديها عقود مستقبلية تعد الأكبر فى السوق المصرية، تبلغ نحو 28 مليار جنيه، يتم تنفيذها فى غضون 3 أو 4 سنوات، مما يوفر لها ولمساهميها تدفقات نقدية قوية تساهم فى زيادة الأرباح». وحققت شركة «بالم هيلز» تراجعا فى أرباحها بلغ 28% لتصل إلى 475.6 مليون جنيه، بينما تمتلك حجوزات قيمتها 2.2 مليار جنيه بخلاف مليار جنيه تعاقدات جديدة انتهت منها خلال الربع الأخير من العام الماضى، ويتم تنفيذها خلال السنوات المقبلة. وبالنسبة لشركة مدينة نصر للإسكان والتى أعلنت نتائج أعمالها نصف السنوية عن عام 2009 -2010، فقد تراجعت أرباحها بنسبة 30%، وعلى النقيض فقد ارتفعت أرباح شركتى الصعيد العامة للمقاولات وزهراء المعادى للاستثمار والتعمير بنسب 59% و10% على التوالى. وفسر محسن محمد، محلل مالى بإحدى الشركات، ارتفاع أرباح الشركتين فى ظل تراجع أرباح نظيراتهما، والتى أعلنت نتائج أعمالها بأن شركة الصعيد للمقاولات لها عدة أنشطة مختلفة، ويعد نشاط المقاولات أهم أنشطتها الرئيسية بخلاف المحاجر والاستثمار السياحى غير أن باقى الشركات التى حققت تراجعا فى الربح تقوم بشراء الأراضى وإنشاء مدن عليها، وبالتالى تحتاج أرباحها لحسابها على مدى أطول لمدة تصل إلى 5 سنوات لحين انتهائها من عمليات تسليم المشروعات. واتفق معه إسماعيل صادق، محلل مالى بشركة بلتون للأوراق المالية، مؤكدا أن نتائج أعمال الشركات السنوية فى قطاع العقارات لا تعبر عن حقيقة الشركة وبها إجحاف لنمو الشركة الحقيقى على حد قوله. وأضاف أن عملية تسجيل أرباح المبيعات لا تتم إلا بعد التسليم، وبالتالى اهتمت الشركات العقارية وقت الأزمة المالية العالمية بالتوسع أفقيا، من خلال شراء الأراضى والاستحواذ على شركات عقارية أخرى، بهدف اقتناص الفرص، استعداداً لفترة الانتعاشة. وقال المهندس صلاح حجاب، رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، إن هناك طلبا متناميا على الإسكان المتوسط وما دونه، مؤكدا أن حجم هذا النوع من الإسكان لم يتأثر من جراء الأزمة المالية العالمية، خاصة أن هناك فجوة دوما فى هذا القطاع. وأكد حجاب أن الطلب انخفض خلال الفترة الماضية بسبب عدم اعتماد الشركات على حساب احتياجات السوق ومعدلات الطلب، بالإضافة إلى الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن هذا بدا واضحا من حجم الإعلانات التى تعمل على تسويق مشروعات كبرى ويتمنى كل فرد الإقامة فيها ولكنها تتفوق على إمكانات الجانب الأكبر من المجتمع بما أدى إلى تراجع الطلب عليها.