رغم العلاقات الخاصة التى تربط ألمانيا وإسرائيل بسبب الإرث النازى، واستخدام المستشارة أنجيلا ميركل المصطلح الأمريكى عن «الدولة اليهودية»، فإن هناك انتقادات متتالية وُجهت للسياسة الإسرائيلية فى الأسابيع الماضية بألمانيا وأوروبا بوجه عام، وصلت فى آخر استطلاع للرأى أجرته جامعة «بيلفيلد» الألمانية مؤخراً إلى تأكيد 42% من سكان أوروبا الغربية أن إسرائيل تستغل «الهولوكوست» لابتزاز أوروبا والحصول منها على مكتسبات سياسية ومادية. زادت الانتقادات مع كشف شرطة دبى تفاصيل عملية اغتيال قيادى حركة حماس «محمود المبحوح»، والتى أثبتت استخدام الموساد لجوازات سفر عديد من الدول الأوروبية، أحدها ألمانى، رغم أن الموساد سبق أن تسبب فى أزمة مماثلة مع ألمانيا فى 2006 بعد استخدام جوازات سفر ألمانية أيضاً فى عمليات فى الشرق الأوسط، وتلقت المخابرات الألمانية حينها وعداً بعدم تكرار ذلك. وحول هشاشة رد الفعل الألمانى الرسمى إزاء إسرائيل فى تلك الفضيحة، قالت ميركل ل«المصرى اليوم» إن قضية مقتل المبحوح أثارت قلقاً داخل الاتحاد الأوروبى بأسره وليس ألمانيا وحدها، ونفت أن يكون رد الفعل قد جاء دون المستوى، مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، مؤكدة أن ألمانيا تحقق فى القضية باهتمام، وأنها أعلنت، على لسان وزير خارجيتها، رفضها استخدام جوازات سفر مواطنيها. والمعروف أنه رغم ما أثارته الفضيحة من استياء أوروبى واسع، اكتفت الخارجية الألمانية باستدعاء موفد من السفارة الإسرائيلية، وليس السفير، وأكدت فى بيان أن الحكومة الألمانية تراقب تطورات نتائج التحقيقات وستقوم بدعم جميع الجهود التى تُبذل لتبيين الحقائق والجهة التى قامت بتلك الجريمة. وفى مقابل الهدوء الدبلوماسى الذى تعاملت به ألمانيا مع إسرائيل، كان جهاز الاستخبارات الألمانى يموج بالتطورات، بعد الكشف عن أن عميل الموساد الإسرائيلى «ميشائيل بودنهيمر» خدع السلطات الألمانية وحصل منها على جواز سفر ألمانى حقيقى فى 18 يونيو 2009 الماضى تحت مزاعم باضطهاد أبويه فى فترة النازية ووجود محل إقامة له فى مدينة كولونيا. وأثارت تلك المعلومات استياء بالغا لدى رئيس المخابرات الألمانية « إرنست أورلاو»، الذى تتوسط بلاده بين إسرائيل وحماس فى صفقة إطلاق سراح الجندى جلعاد شاليط مقابل مئات الفلسطينيين، لدرجة أن «أورلاو»، بحسب ما نشرت مجلة «دير شبيجل»، اضطر إلى إبلاغ المقربين منه إيقاف وساطته. وردا على سؤال آخر ل «المصرى اليوم» خلال اللقاء السنوى الخاص للمستشارة الألمانية مع «اتحاد الصحفيين الأجانب» فى برلين، أكدت أنها تتفهم شعور الكثيرين من العرب والمسلمين للعلاقة الخاصة التى تربط ألمانيا بإسرائيل، لكنها أضافت أنهم لا يدركون أن لألمانيا علاقات قوية أيضا مع عديد من الدول العربية، ومنها مصر، ودللت على ذلك بلقائها الرئيس حسنى مبارك قبل أيام، ومن قبله بأسابيع الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن). وأشارت المستشارة أن لألمانيا أيضا علاقات جيدة مع ملكى السعودية والأردن، مضيفة أن ألمانيا تعول على التعاون مع عدة أطراف لدفع المباحثات إلى طريق مفاوضات الحل النهائى حول الحدود واللاجئين والقدس والمستوطنات، للتوصل فى النهاية إلى حل الدولتين. وبسؤالها عن مفهومها لتأييد الدولة اليهودية، رفضت تماما أن يفسر المفهوم على أساس البعد الدينى قائلة: «إننى أعنى دولة للفلسطينيين ودولة للإسرائيليين، وأقول إسرائيل دولة لليهود كما أقول ألمانيا دولة للألمان، وفلسطين دولة للفلسطينيين، لكننى لم أقصد أبدا أن يعنى ذلك أن يضطر فلسطينى يعيش فى إسرائيل إلى مغادرة بلده التى يعيش فيها».